ذكرى الشهداء إنعاش لذاكرة شعب
ذكرى الشهداء إنعاش لذاكرة شعب
ترسخ تقليد إحياء ذكرى الشهداء ببلادنا وأصبح وشما في وعي المناضلات والمناضلين يستحيل محوه. فتحية لكل من ساهم في جعل ذكرى الشهداء مناسبة إنعاش ذاكرتنا جميعا. لا يفوتني هنا أن أعبر عن اعتزازي وافتخاري بالمجهود الجبار والشجاع الذي بذله الدكتور عمر جبيهة وعائلته الصغيرة في إحياء ذكرى الشهداء تحت الحصار البوليسي في عهد الحسن الثاني. كان الدكتور عمر جبيهة يضع مسكنه وعيادته تحت تصرف المخلصين للشهداء للاجتماع أولأنشطة الذكرى. بعدها استطاع المناضلات والمناضلون انتزاع حق إحياء ذكرى الشهداء في القاعات العمومية، وسمح ذلك بتوسيع التواصل وبإنجاز برامج وفعاليات تليق بالشهداء وبالمختطفين ومجهولي المصير. لكن القوى الرجعية سواء أجهزة الدولة القمعية السلطوية والأحزاب المخزنية، لم تستسلم لإرادة المناضلين وما أن أحست بأنها استرجعت تغولها إلا وأغلقت أبواب القاعات العمومية ونكلت بكل من حضر لإحياء الذكرى. هكذا تحولت هذه المناسبة إلى يوم النضال والمواجهة المباشرة مع الأجهزة القمعية.
في هذه السنة اختار حزب النهج الديمقراطي العمالي يوم 13 نونبر عشية اغتيال القائد الشهيد عبد اللطيف زروال يوما لتخليد ذكرى الشهداء، كل الشهداء، بوقفة احتجاج أمام كوميسارية درب مولاي الشريف، حيث اغتالت الأجهزة السرية الرفيق عبد اللطيف زروال تحت التعذيب يوم 14 نونبر سنة 1974. كانت الوقفة ناجحة بعزيمة منظميها واستعدادهم التام لتقديم ما يلزم من تضحيات جديدة إذا تطلب الأمر ذلك، لأن رمزية المكان قوية. وكان العرض السياسي المباشر هو الإعلان عن موقف إدانة اغتيال الشهيد عبد اللطيف زروال وأن المطالبة بحقيقة مصير المختطفين ومجهولي المصير موضوع لم يغلق؛ وأن الحقيقة مطلوبة وعلى أساسها ستتم محاسبة الجلادينمنفذين ومسؤولين وآمرين.
يعتقد النظام أنه نجح في إقبار الحقيقة بعد أن أسس لجنة الحقيقة والمصالحة، وبعد أن وزع بعض الأموال عله يشتري سكوت وتعاون الضحايا. فمضى إلى إخفاء معالم الجريمة وأدواتها ومنفذيها، وبعد أن بدأ يهدم مواقع ارتكابها. لكن وقفة 13 نونبر 2022 أعادت للذاكرة الشعبية ما كان يشكله معتقل درب مولاي الشريف من نقطة سوداء، ومن إصرار على القتل والترويع للمعارضين للنظام. كانت ذكرى شهداء هذه السنة تجديد للعهد مع الشهداء بأن رايتهم لا زالت خفاقة وأن تضحياتهم كانت بذرة لا زالت تنمو وترشد الأجيال بعد الأجيال.