بيان المجلس الوطني للجامعة الوطنية للتعليم FNE
المجلس الوطني للجامعة الوطنية للتعليم FNE يرفض مضامين مسودة النظام الأساسي المرتقب القاضية بفك الارتباط بالنظام العام الأساسي للوظيفة العمومية، ويُجدد احتجاجه على السرية والتعتيم على مضامين النظام الأساسي بمجريات “الحوار” القطاعي ويجدد المطالبة بحل مشاكل القطاع وكل نساء ورجال التعليم
انخرطت الدولة المغربية، تبعا لإملاءات البنك الدولي وحلفائه في مسلسل تنزيل مخططات تفكيك وتسليع المدرسة العمومية، تحت مسميات “الإصلاح”، وبالموازاة مع ذلك تقود هجوما منظما على الشغيلة التعليمية عبر النظام الأساسي المرتقب الخاص بموظفي التربية الوطنية بدعوى ملاءمة القوانين مع “الإصلاحات”، وقد عكفت الوزارة الوصية على بلورته من خلال اجتماعات ماراطونية في إطار لجنة تقنية مارست السرية والتكتم على الرأي العام التعليمي وغيره، وأنجزت عملا تحت مسمى “مسودة مشروع مرسوم بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي التربية الوطنية”، “سربت” على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي.
ونظرا لمواقف الجامعة الواضحة والمنحازة لقضايا نساء ورجال والتعليم ولرفضها التوقيع على محضر اتفاق 14 يناير 2023 المشؤوم، مما جعل الوزارة تمارس التمييز ضد نقابتنا، وتفاعلا مع مضامين هذه الوثيقة، المؤرخة في 3 يوليوز 2023، التي جاء تبويبها القانوني مرتكزا على مجموعة من القوانين والمراسيم في مقدمتها قانون الإطار 51-17 الموجه الفعلي الحالي لكل برامج وسياسات الدولة بقطاع التعليم، والناظم الفعلي لكل التراجعات في علاقتها مع مرفق التعليم العمومي. ويسعى النظام الأساسي المزمع اخراجه في بداية شتنبر 2023، إلى فك ارتباط الشغيلة بالنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، والانتقال الى نظام مبني على فلسفة التدبير المقاولاتي المرتكزة على تقليص النفقات (كتلة الأجور) وتكثيف الاستغلال (الزيادة في المهام) وبالتالي ترسيم الهشاشة وضرب الوظيفة العمومية، والتضييق على العمل النقابي المستقل والمكافح عبر التعامل الانتقائي مع الملفات العالقة بهدف تفصيل الخارطة الانتخابية المهنية المقبلة على المقاس وفرض نمط معين لتمثيلية الشغيلة التعليمية.
وتفاعلا مع مستجدات القطاع والنقاش العمومي المرافق لها، عقدت الجامعة الوطنية للتعليم FNE التوجه الديمقراطي مجلسا وطنيا استثنائيا عن بعد مساء الجمعة 21 يوليوز 2023، دامت أشغاله خمس ساعات للتداول في مضامين ومقتضيات مسودة مشروع مرسوم النظام الأساسي، وقف خلالها بالنقاش والتحليل على خلفياتها وأبعادها، ويدلي بملاحظات أولية معتبرا أن مشروع النظام الأساسي:
1) لا يستجيب لتطلعات وانتظارات نساء ورجال التعليم ولكل العاملين/ات بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة؛
2) يلتف على المطالب المشروعة لكل الفئات المتضررة ولا يستجيب للملفات المطلبية ولا يعالج الملفات العالقة بصفة قطعية ومنصفة (المفروض عليهم التعاقد/ الزنزانة 10/ المقصيون من خارج السلم/ المبرزون/ أساتذة التأهيلي/ المفتشون/ ضحايا النظامين/ الدكاترة/ أطر التوجيه والتخطيط/ حاملو الشهادات العليا، العرضيون ومنشطو التربية، المساعدون التقنيون والمساعدون الإداريون، المتصرفون التربويون والملحقون…)؛
3) يكرس منطق السوق والتسليع بقطاع التعليم عبر نقل فلسفة تدبير القطاع الخاص إلى الوظيفة العمومية وقطاع التربية؛
4) يعمل على التنزيل الحرفي لإملاءات البنك الدولي والمؤسسات المانحة تحت يافطة “الإصلاحات” بمبرر ملاءمة القوانين مع “إصلاح التعليم” ومع متطلبات السوق؛
5) يكرس مهننة الوظيفة العمومية والتخلص من نظامها وضماناته وترسيم الهشاشة وإقرار التعاقد والتوظيف الجهوي مع الأكاديميات كمؤسسات عمومية، وما يترتب عنه من الهشاشة وفرط الاستغلال والقهر وعدم الاستقرار المهني والاجتماعي، ويكرس سقف سن التوظيف في 30 سنة وما تحت؛
6) يفيئ نساء ورجال التعليم الى ثلاث هيئات بناء على معايير غير واضحة، ودون مكتسبات جديدة مع تناقضات واضحة بين التصنيف والمهام؛
7) يلتف ويوهم بكذبة إحداث الدرجة الممتازة (خارج السلم) لأساتذة الابتدائي والإعدادي والملحقين (كما تم تفصيلها بالنسبة للمحالين على التقاعد فقط ابتداء من فاتح يناير 2023) والتي لا يمكن اعتبارها سوى “مُنَيْحَة آخر الخدمة” وبالتالي الالتفاف على مطلب الأثر الرجعي المالي والإداري وكذلك الشأن بالنسبة لأساتذة الزنزانة 10؛
8) يضع مهاما هلامية (مثل التنمية المهنية؟؟ والانفتاح على المحيط؟؟) ودون تدقيق لمختلف الأطر مع ترك الصلاحية للإدارة لتبت في كل التفاصيل عن طريق مقررات ومذكرات وفق تأويلاتها وحسب حاجياتها؛
9) يبقي على نفس تعويضات نظام 2003 ونفس الأرقام الاستدلالية بمهام إضافية جديدة وتعويضات هزيلة…؛
10) يكرس سياسة التقشف اتجاه نساء ورجال التعليم واتجاه القطاع؛
11) يدرج إطار باحث دون تدقيق في طبيعة المهام المسندة، مع فرض شروط عقابية (المباراة، التدريب، التمديد..)؛
12) يكرس “التعويضات” الهزيلة عن ساعات العمل الإضافية لهيئة التربية والتعليم؛
13) يغيب الحق في الترقي بالشهادة وفي التباري على مناصب المسؤولية للعديد من الفئات؛
14) يحرم من الحق في المشاركة في الحركات الانتقالية الجهوية والوطنية لمدة سنتين كعقوبة تأديبية جديدة من الدرجة الثانية، وهو ما يعد إجراء انتقاميا وليس تأديبيا وجب أن لا يتعدى أسوار الإدارة؛
15) يجهز على مكسب الترقية من خلال ربطها بمؤشرات مقاولاتية (المردودية) مع المعايير الجديدة المعتمدة في التقييم السنوي، وليس فقط سنة الترقية، ومنها نتائج التعلم للتلاميذ التي لا يتحمل فيها الأستاذ وحده المسؤولية)؛
16) يربط الترقيات بالمردودية وإنجاز المهام ويحمِّل مسؤولية التردي العام للتعليم لنساء ورجال التعليم؛
17) يعمق تهميش دور اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء وكل العقوبات القاسية، وإقرار عقوبة العزل لممارسة حق الإضراب.
18) يجرم ممارسة الحق في الإضراب ويكرس الخضوع ويضخم من سلطة التأديب سعيا لترهيب نساء ورجال التعليم وثنيهم عن النضال والدفاع عن حقوقهم ومكتسباتهم؛
19) يعتمد التكوين المستمر ليس كسيرورة لتطوير الكفاءة المهنية، بل كمؤشر من مؤشرات تقييم الأداء والترقية واجتياز المباريات وولوج مناصب المسؤولية…؛
20) يجبر مختلف الأطر على التخلي عن مكتسباتهم من خلال اعتماد عقوبات تأديبية مشددة لتأثيرها السلبي على ترقيتهم ومسارهم المهني (الحرمان من الحركة الانتقالية!!/ الحرمان من اجتياز الامتحان المهني!!/ الحذف من جدول الترقي!!…)؛
21) يرسم مهاما تدخل في خانة التطوع (أنشطة الحياة المدرسية، الدعم التربوي، الأنشطة الموزاية، الأندية التربوية…)؛
22) يتضمن تراجعات ملموسة بخصوص الرخص القصيرة والمتوسطة وطويلة الأمد…؛
23) يتلاعب بالمصطلحات بدل التدقيق فيها بخلفيات مؤطرة بالمرجعيات المعتمدة (الموظف/ الإطار/…)؛
24) يكرس الحيف والإجحاف وعدم التكافؤ في الفرص والإنصاف، كما أنه يخلق ضحايا جدد؛
25) يلتف على الالتزامات والاتفاقات السابقة، ولا يلتزم بتفعيلها (اتفاقي 19 و26 أبريل 2011 / المبرزون/ التعويض عن العمل بالمناطق الصعبة/ الدرجة الجديدة /الاتفاق المرحلي 18 يناير 2022…)؛
26) يعمق التسقيف التعسفي للمسار المهني والوضعيات الإدارية والمالية المجمَّدة للفئات التعليمية وبدون أي أفق؛
27) يغيب بشكل كلي لمطالب الأطر المشتركة (مهندسون، تقنيون، متصرفون، محررون) وللعاملين بمراكز التكوين؛
28) يقصي فئات ويضعها خارج النظام الأساسي كمربي ومربيات التعليم الأولي وعمال وعاملات الحراسة والنظافة والإطعام؛
بناء على ما سبق، فإن المجلس الوطني للجامعة الوطنية للتعليم FNE التوجه الديمقراطي:
1. يشجب محاولات السرية والتعتيم المنتهجين في نقاش النظام الأساسي وامتداداته، ويعتبر ذلك سابقة خطيرة في التعامل مع الشغيلة من طرف الوزارة والإدارة والنقابات، ويشجب ضرب الحق في المعلومة وتغييب النقاش العمومي الذي يكتسي الأهمية البالغة في الحياة المهنية للشغيلة التعليمية بجميع فئاتها ولقضية التعليم العمومي ببلادنا؛
2. يؤكد على سمو النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية على باقي القوانين، واعتباره المصدر التشريعي الأساسي الذي يجب أن يصدر عنه أي نظام أساسي خاص بموظفي وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بدل القوانين الأخرى التي تم التركيز عليها في المشروع (قانون الإطار/ القانون القاضي بإخضاع الأساتذة وأطر الدعم المفروض عليهم التعاقد للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين…) وبدل ملاءمته مع التراجعات المتسارعة؛
3. يطالب الحكومة ووزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالتفاعل الإيجابي مع مطالب مختلف الفئات التعليمية بما ينصفها ويضع حدا لضررها تبعا لملفاتها المطلبية العادلة والمشروعة؛
4. يؤكد على ضرورة إدماج الأساتذة وأطر الدعم المفروض عليه التعاقد في الوظيفة العمومية وأن تسري عليهم المقتضيات التشريعية والمالية والتنظيمية الجاري بها العمل فيها؛
5. يؤكد على ضرورة التدقيق في مهام كل إطار بما يتناسب مع كل هيئة؛
6. يطالب بالقطع مع منطق التقشف المسلط على قطاع التعليم والتعاطي مع قضاياه بالمقاربة المالية الضيقة، وذلك بالزيادة في الأجر الأساسي ومختلف التعويضات النظامية والتكميلية بما يتناسب والمهام ويتوافق مع غلاء المعيشة وبما يتلاءم مع القيمة الاعتبارية لنساء ورجال التعليم.
7. يرفض شرعنة الساعات التضامنية وترسيم الأنشطة التطوعية ضمن المهام؛
8. يرفض رهن الترقي بالمؤشرات المقاولاتية وضمن معيار المردودية؛
9. يرفض منطق التشدد في العقوبات التأديبية بخلفية الترهيب والانصياع التام للإدارة…؛
10. يؤكد الاستمرار في الانحياز لقضايا التعليم العمومي ببلادنا وقضايا العاملات والعاملين به وفي المساهمة في تنوير الرأي العام الوطني والتعليمي بالخلفيات المؤسسة لمشروع النظام الأساسي ومضامينه التراجعية؛
وفي الأخير، يعلن عن رفضه التام لمضامين هذه الوثيقة “المسربة”، ويعتبرها إجهازا حقيقيا على المكتسبات والحقوق، وانتصارا لسياسة التقشف والتحكم وتماهيا للحكومة مع إملاءات وتوصيات المؤسسات المالية الدولية في اتجاه التفكيك الفعلي للوظيفة والتعليم العموميين وتصفيتهما وتغليب منطق المزيد من الخوصصة ومنطق السوق والتسليع، ويعلن استعداد الـ FNE لخوض كل الأشكال الاحتجاجية دفاعا عن التعليم العمومي المجاني والموحد من الأولي إلى العالي وعن مطالب وحقوق العاملات والعاملين به، ويدعو كل القوى الحية والديمقراطية إلى تحمل مسؤولياتها التاريخية في الدفاع عن الوظيفة والتعليم العموميين والتصدي لمسلسل التشريعات التراجعية والتصفوية والتكبيلية التي يتم تعبيد الطريق لتمريرها وعلى رأسها المخطط التخريبي الجديد لأنظمة التقاعد والنظام الأساسي الجديد لمهننة قطاع التعليم ومشروع النظام التكبيلي للإضراب…
المجلس الوطني الاستثنائي
للجامعة الوطنية للتعليم FNE