من وحي الاحداث : يوم أخرجت الأرض شعبا متضامنا
من وحي الاحداث: يوم أخرجت الأرض شعبا متضامنا
عاش المغرب ليلة 8 غشت 2023 وعلى الساعة 11 و11 دقيقة اخطر هزة أرضية عرفها على مدى تاريخه المنظور، حيث بلغت 6.9 على سلم ريشتر. كان من نتائجها أن سويت قرى بكاملها مع الأرض، وتوفي آلاف الضحايا، من البشر والحيوانات، وتعرضت للأضرار الجسدية آلاف الحالات أغلبيتهم خطرة، تتطلب التدخل السريع، وهو ما لم يحصل، ونتج عن ذلك المزيد من الوفيات او تفاقم الجروح وتعفنها الخطير.
كان واضحا وجليا ان الدولة غير قادرة على تحمل مسؤولية ضمان الحياة والإنقاذ وانتشال العالقين تحت الأنقاض وهو ما كان يفرض عليها مسؤولية إعلان المناطق المتضررة مناطق منكوبة وتفتح الطريق والمجال للدعم الدولي والإنساني للمساعدة في إغاثة الضحايا.
لكن الشعب المغربي الذي يعرف خروب بلاده لأنه له تجارب مريرة مع هذه الدولة الفاشلة، لم ينتظر ولو بعض الدقائق، فهب بعد استرجاع أنفاسه، إلى تنظيم حملة الإنقاذ والإغاثة؛ فكانت أولى المبادرات، هي التغطية الإعلامية عبر وسائل التواصل، التي كشفت عن هول الفاجعة، بينما إعلام الدولة الفاشلة مستمر في بت السهرات وبرامجه التافهة، وكأنه يعيش في كوكب المريخ. فعبر الإعلام الموازي اطلع الشعب على مركزة الهزة ونتائجها. استمر الاستنفار لتنطلق حملة تنظيم الصفوف وتلقي الأخبار والتوجه للقرى المدمرة، ومحاولة تقديم الإسعافات الأولية وبالوسائل المتاحة والمتواضعة جدا.
حضرت أجهزة الدولة إلى المراكز القريبة من الدوواوير، ومن دون أن تصل إلى أصعب الحالات، وبقي الضحايا عالقين تحت الأنقاض في العشرات من المواقع، من دون إسعاف وكذلك الناجون يعيشون حالة الرعب والهلع والجرحى من دون علاج. طرح سؤال من طرف أهالي الضحايا عن جدوى وجود هذه الأجهزة بالمنطقة؟ وهي عاجزة تتفرج مثلها مثل بقية المدنيين. حتى القوات التي شاركت، كانت غير مجهزة وغير مدربة على مثل هذه الحالات، وتعرض أعضاؤها للضغط النفسي والإجهاد العضلي، مما تسبب لهم أضرارا ستمنعهم عن أداء مهامهم الإنسانية.
في الجبهة المقابلة جبهة الشعب، فإن الأمور توضح أن هذا الشعب وبتجربته، ينهض من تحت الأنقاض ويبادر ويشارك في تضميد جراحه مثله مثل أسد الأطلس، كاظم غيظه، يسجل ويدون في وعيه الجمعي، ما يناله من إخلال بالمسؤولية لمن كانت عليه واجبات حماية الأرواح والممتلكات.
شعب يرمم ويسابق الزمن لانتشال أبنائه. الضحايا يوجهون الاستغاثة إلى المواطنين مثلهم، ويعبرون عن سخطهم تجاه الدولة وأجهزتها.
مرة أخرى، يتعرف شعبنا على حاكميه؛ إنهم فرطوا في حياته، واستهتروا بمسؤولياتهم، وهذا ما اكتشفه الإعلام الدولي في عين المكان، فزادت الفضيحة وتعفنت الأوضاع، ليطلع عليها الرأي العام الوطني والدولي.
يا شعبنا ما حك جلدك مثل ظفرك. وما ظفر الدولة إلا مخلب ينهش لحمك في السراء والضراء.