من وحي الأحداث: الاستلاب والديمقراطية

من وحي الأحداث: الاستلاب والديمقراطية
التيتي الحبيب: رئيس التحرير

من وحي الأحداث العدد 538 من جريدة النهج الديمقراطي
التيتي الحبيب


La_Une_Journal_Annahj_VD-n-538-1209x1554 من وحي الأحداث: الاستلاب والديمقراطية

الاستلاب والديمقراطية

يعتبر الاستلاب أحد أهم المفاهيم في كشف طبيعة التناقض بين الرأسمال والعمل المنتج لفائض القيمة. ولذلك خصه ماركس بالاهتمام البالغ وفصل فيه من عدة زوايا حتى يقربه إلى إدراك وفهم العمال وهم الذين يشكلون الطبقة الاجتماعية التي أراد ماركس تسليحها بالعلم وبالنظرية حتى تنهض للإطاحة بسلطة رأس المال وتنتزعها من يد الطبقة الحاكمة وتبني سلطتها كمدخل لمجتمع تقوض فيه أسباب الاستغلال أي أسباب الاستلاب.

دعونا نلقي الضوء على مفهوم الاستلاب من زاوية قريبة من مفهوم وإدراك جماهير شعبنا لأنها احتكت بالظاهرة عشرات المرات في حياة كل مواطن ومواطنة. نعني بالزاوية هي ممارسة الديمقراطية في شكلها التمثلي أي ديمقراطي الإنابة وانتخاب نواب يمثلون الجمهور وينوبون عنه ويتصرفون مكانه. ففي هذه الديمقراطية يدلي المواطن/ة بصوته لصالح احد المترشحين وتنتهي العملية بنجاح فلان أو علان. هكذا تكون العملية الانتخابية أنتجت عبر التصويت تحول مرشح إلى نائب. هذا النائب ينتصب أمام من انتخبه كما تنتصب السلعة أمام العمال الذين أنتجوها. هي بنت مجهوداتهم الفردية لكنها في السوق أصبحت مفصولة عنهم وهم غير قادرين على تملكها لأنها تتجاوز طاقتهم الشرائية وتصبح بذلك مصدر إخضاعهم وإذلالهم أمامها. إنها أصبحت غريبة عنهم وهم غرباء أمامها. بشكل مماثل يمكننا سحب الصورة على العلاقة بيم المواطنين المصوتين على النائب. انهم هم من بوؤوه المنصب لكنه أصبح منفصلا عنهم. أصبح مصدر السلطة يخضعهم لمشيئته التي هي من مشيئة المالكين الحقيقيين للسلطة في المجتمع أي الطبقة الحاكمة صاحبة السلطة والثروة. فكما تنتصب البضاعة كعدو أمام منتجها العامل ينتصب النائب المحترم كقاهر وعدو للمواطنات والمواطنين الذين أنتجوه. لأنه سيوظف موقعه للدفاع عن مصالح وقضايا تتعارض مع مصالح وقضايا سبق له الالتزام بها وعرضها أمام المصوتين. هكذا يشعر المواطنون بالاغتراب أمام هذا الكائن النائب برلماني آو عضو مجلس قروي او…هكذا يشعر المواطنات والمواطنون بأنهم غرباء أمام المؤسسة التي يدافع عنها هذا النائب لتنتصب تلك المؤسسة كجهاز يضطهد الشعب آو الجمهور الذي انتخبها. ولانها مؤسسة تابعة لمؤسسة اكبر منها أي الدولة فان هذا المواطن يدرك بانه يواجه عدوا اكبر يتمثل في دولة ومختلف أجهزتها بما فيها تلك التي ساهم في انتخاب بعض أفرادها في ظل عملية سياسية وهي الديمقراطية والياتها التمثيلية.

ولذأن الديمقراطية التمثيلية تحمل في جوفها بذرة التسلط فإننا سنعرض في مقام أخر لنقيضها كما أبدعته البشرية في مناسبات نوعية وهي الديمقراطية المباشرة.

افتتاحية: مغرب الولاء للفساد والحرب على التربية والتعليم إلى متى؟