الديمقراطية وموقف الحزب الشيوعي السوداني
-
عادل عبد الزهرة شبيب / بغداد
تعرف الديمقراطية اصطلاحا بأنها نظام الحكم الذي تكون فيه السلطة العليا بيد الشعب الذي يمارس سلطاته من خلال مجموعة من الشخاص الذين يتم انتخابهم لتمثيل الشعب بالاعتماد على عملية انتخابية حرة ونزيهة، حيث ترفض الديمقراطية جعل السلطة كاملة بيد شخص واحد او اقلية كالحكم الدكتاتوري او حكم الأقليات. وسبق لماركس ان اعتبر ان قيام حكومة ديمقراطية في مجتمع رأسمالي هو امر مستحيل مشيرا الى ان هذه الديمقراطية مشروطة بتحويل في اسس المجتمع نفسه وينطلق هذا الاعتبار من مفهومه للدولة بالنسبة للفكر الليبرالي. ويرى ماركس وانجلز بأن الدولة الرأسمالية لا بد وان تنحاز لامتيازات الملاكين. ويشير ماركس الى ان الدولة هي جسم طفيلي على المجتمع المدني ومصدر مستقل للفعل السياسي في آن معا.
في المنظور الماركسي فإن الديمقراطية تتحقق عندما تسيطر الأغلبية المتمثلة بالطبقة العاملة على السلطة حيث تتحقق الديمقراطية المنشودة في المجتمع والتي تنظر الى حقوق الانسان من منظور اقتصادي اجتماعي بخلاف الليبراليين الذين ينظرون الى تلك الحقوق من منظور سياسي. واعتبر ماركس ان الملكية الخاصة لوسائل الانتاج هي من افرغت الديمقراطية من مضمونها ومحتواها الحقيقي بالنسبة للجماهير الكادحة. واكدت الماركسية ان الديمقراطية تحتاج الى المساواة ولا تتحقق الا من خلال الاشتراكية والرقابة الحكومية على وسائل الانتاج والاقتصاد حيث تقوم الديمقراطية الماركسية على تحقيق العدالة الاجتماعية لجميع افراد المجتمع من خلال التركيز على المجتمع ككل وفي كافة الأنشطة والمجالات الاجتماعية ومنها الملكية العامة لوسائل الانتاج حيث من خلال ملكية المجتمع لوسائل الانتاج تختفي الفوارق الاقتصادية وتسود المساواة بين الجميع، ففي النظام الاشتراكي تذوب الفوارق بين المستويات الاجتماعية. ويؤكد ماركس على تحويل جهاز الدولة من سيد الى خادم للمجتمع.
الديمقراطية في السودان :
اما في السودان فقد غابت الديمقراطية عنه لفترات طويلة في ظل الانقلابات العسكرية وانظمة الحكم الدكتاتورية. ويعتبر الحزب الشيوعي السوداني ان غياب الديمقراطية هو العائق الحقيقي الذي يحول دون مشاركة الجماهير في الحياة السياسية وفي بناء منظماتها الجماهيرية، وتعتبر الديمقراطية خيارا استراتيجيا للحزب الشيوعي السوداني الملتزم بقضايا الجماهير الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ويرى الحزب ان من حق الجماهير ان يكون لها دورا اصيلا في وضع السياسات واتخاذ القرارات وعلى اعلى المستويات. واكد الحزب الشيوعي السوداني من خلال مؤتمره السادس المنعقد للفترة بين 27 – 30 يوليو/ تموز 2016 على موقفه الثابت من قضية الديمقراطية، حيث يرى:
• ان الديمقراطية في السودان هي مفتاح الحل للأزمة العامة والشاملة التي تواجه البلاد.
• ان موقفه الراسخ من الاعتراف بالتعددية كتعبير سياسي، والتنوع كتعبير اجتماعي وثقافي وكتجسيد لاعتراف الحزب واحترامه للحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية، وظل غياب هذا المفهوم للديمقراطية لفترات طويلة عائقا امام التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
• والحزب مع استقلال القضاء وسيادة حكم القانون القائم على مبادئ العدالة والمساواة بين المواطنين واحترام حقوق الأفراد والجماعات ضمن منظومة كاملة لاحترام الحقوق وهي احد الأسس الهامة لسيدة الديمقراطية والحكم الراشد.
• التزام الحزب الشيوعي السوداني بالطريق الديمقراطي السلمي لتطوير الثورة السودانية والنضال من اجل اقامة دولة مدنية ديمقراطية مؤسسة على اساس المواطنة وتحترم التعددية السياسية والثقافية وحقوق الانسان.
• يرفض الحزب رفضا تاما الانقلابات العسكرية والمدنية مع رفضه لكافة اشكال العنف في العمل السياسي وفي قهر الجماهير.
• ويرى الحزب ان المرحلة التي تمر بها السودان اليوم هي مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية واصبحت قضاياها اكثر الحاحا من أي وقت مضى، وان حل تلك القضايا هو الطريق الوحيد لتحقيق السلام والديمقراطية والتنمية المتوازنة وبالتالي المحافظة على وحدة البلاد.
• ويرى الحزب ايضا ان بناء الجبهة الوطنية الديمقراطية هي الأداة الرئيسة لاستكمال مهام الثورة الوطنية الديمقراطية، ويعتبر الحزب ان بناء هذه الجبهة واجب اساسي امام الحزب
• ان الد يمقراطية في رأي الحزب الشيوعي السوداني هي ليست ممارسة شكلية دون محتوى اجتماعي وان الاشتراكية لا تعني اهدار ما حققته الشعوب من حقوق وحريات للفرد والجماعة، بل تعني استكمال هذه المكتسبات بتحرير الانسان من سيطرة رأس المال.
• يرى الحزب ان انجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية التعددية والانتقال الى الاشتراكية لا يتم الا عبر الديمقراطية متمثلة في الحريات العامة والحقوق السياسية والمدنية للجماهير وديمقراطية النظام السياسي.
• ويؤمن الحزب بواقع التعدد والتنوع في السودان كسمة شاملة للبلاد باعتباره ضرورة لا غنى عنها لتأسيس المشروع الوطني الديمقراطي، حيث ان السودان وطن متعدد ومتنوع الأعراق والقوميات واللغات والمعتقدات والثقافات.
ويدعم الحزب الشيوعي السوداني في برنامجه ووثائقه النشاط الثقافي لكل مكونات المجتمع السوداني وكفالة الحريات والنشاطات الثقافية وتقديم كل المساعدات لازدهار التعدد الثقافي للبلاد مع تشجيع التبادل الثقافي بين السودان والبلدان الاخرى، كما يدعو الحزب الى رفع الحظر عن الاصدارات الثقافية وتشجيع دور النشر والمسارح والأندية الثقافية والغاء الرسوم الجمركية على استيراد الكتب والمجلات والصحف وادوات الثقافة والفنون.
فلنعمل معا من اجل ترسيخ الديمقراطية الحقيقية في السودان واقامة الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وبناء الوطن الحر والشعب السعيد.