بين تأجيل المؤتمر الوطني وتعجيل إنجاز المهام السياسية..
افتتاحية:
النهج الديمقراطي بين تأجيل المؤتمر الوطني وتعجيل إنجاز المهام السياسية للمرحلة
لقد كان من المقرر أن ينظم النهج الديمقراطي مؤتمره الخامس خلال الأسبوع المنصرم. غير أن هذا القرار اصطدم بالطوارئ التي فرضها اجتياح كوفيد-19 على بلدان العالم وفي المغرب بالتحديد. وبالتالي كان من الضروري تأجيل محطة المؤتمر، وفي نفس الوقت التعجيل بتوفير شروط إنجاز المهام المطروحة على النهج الديمقراطي في مختلف الواجهات:
الإعلان عن بناء حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين: تعتبر هذه المهمة ذات راهنية وضرورة تاريخية، تفرض نفسها على كل المناضلين الماركسيين. فالشعوب التي هبت في سيرورات ثورية وواجهت الإمبريالية واستبداد الأنظمة التابعة، أصبحت أكثر من أي وقت مضى تحتاج إلى البديل التحرري الديمقراطي ليقوم مقام الخيارات الفاشلة، النيوليبرالية منها وأنظمة الإسلام السياسي أو غيرها. إن في قلب هذه السيرورات الثورية توجد القوة الضاربة للطبقة العاملة التي من المفروض فيها أن تقود هذه السيرورات الثورية وحمايتها من القوى المضادة، ثم السير بها قدما باستثمار تراكماتها وقطائعها حتى تحقيق أهدافها وفتح آفاق جديدة نحو التغيير الديمقراطي ذي الأفق الاشتراكي.
إن الإعلان عن بناء حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين، ليس ترفا فكريا ولا مغامرة يسراوية، بل هي مهمة آنية أملت شروطها عدة عوامل موضوعية وذاتية وقد أنضجتها الشروط الحالية التي توافرت مع مخلفات جائحة كوفيد-19 والنضالات العارمة للطبقة العاملة في مختلف الوحدات الإنتاجية الصناعية منها أو الزراعية وفي الأحياء الشعبية، بتأطير نقابي أو من دون غطاء نقابي في مواجهة مكشوفة مع تحالف المخزن والباطرونا. فقد أصبح من غير المقبول ضياع الفرصة مرة أخرى أو افتعال الشروط التعجيزية حتى نخلف موعدنا مع التاريخ.
بناء الجبهة الديمقراطية وتقوية وتجدير الجبهة الاجتماعية مسيرة واحدة: تطرح أمام عموم الديمقراطيين قضايا اجتماعية كثيرة ومتنوعة، انضافت إليها قضايا الدفاع عن الحماية الاجتماعية بفعل الشروط الحالية ومتطلباتها. هي قضايا ومطالب اجتماعية استعجالية تستلزم خطط وبرامج نضالية حاضنة للحراك الذي وضع في كماشة المخزن باستغلال قوانين الحجر الصحي وتوظيفها في حجر أشكال التعبير والاحتجاج. لقد شكلت الجبهة الاجتماعية مكسبا تنظيميا كإطار لتجميع طيف واسع من المعنيين بالنضال الاجتماعي من نقابات وتنظيمات سياسية، حقوقية، جمعوية، نسائية وشبيبية. وهذا الإطار، من حيث المبدأ لا يزال يتسع لتنظيمات فاعلة أخرى. غير أنه ملزم بتجاوز أعطاب الاشتراطات والنزعة الهيمنية والاستخدام الموسمي. وهو قادر على ذلك متى توفرت الإرادة السياسية بالعمل الديمقراطي المباشر على أرضية الملفات والقضايا الاجتماعية التي وجب ترتيبها في خطط نضالية تكون الفروع والجهات قاعدتها الأساسية. فالنجاح في هذه المهمة أو مساهمتنا في توجيه وتقويم هذا العمل، يمكن من توفير شروط بناء الجبهة الديمقراطية للنضال من أجل التغيير الديمقراطي وبناء مجتمع الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة.
بناء الجبهة الميدانية: هي الكتلة الحرجة ذات الزخم الجماهيري الشعبي الحامل لشعارات التغيير. وهي جبهة واسعة من المفروض أن تضم الجبهة الديمقراطية والحركة الأمازيغية والحراكات الاجتماعية وتنسيقياتها، وتحتضن بالضرورة كل القوى المناهضة للمخزن، المناضلة ميدانيا ضد الاستبداد وعنتريات المافيا المخزنية التي تتحكم في مفاصل الدولة وتحصي نبضات الشعب.
بناء الأدوات المستقلة للدفاع الذاتي للجماهير: فضلا عن التنظيمات الجماهيرية القائمة من جمعيات ونقابات وغيرها، تبقى مهمة بناء أدوات الدفاع الذاتي المستقلة للجماهير مهمة ذات أولوية قصوى، خاصة مع توافر الحركات الاحتجاجية وبروز حركات جديدة بفعل تفاقم الأزمة والتسريحات الجماعية للعاملات والعمال وامتهان أنشطة هامشية كالفراشة أو غير ذلك. كل هذا يلزمنا بالمساهمة مع الجماهير في تنظيم صفوفها وتسيير أمورها بوضع مذكراتها المطلبية وبرامجها النضالية بشكل مستقل لكن أيضا بشكل بعيد عن العفوية مبني على أسس تنظيمية ديمقراطية تراكم من خلالها تجربتها الديمقراطية للمساهمة في النضال الجماهيري الشعبي العام. وهي مهمة تخدم في نفس الآن مهمة تنظيم الكادحين ورص صفوفهم إلى جانب العاملات والعمال على طريق بناء المعبر السياسي للطبقة العاملة وعموم الكادحين أي الحزب كسلاح لممارسة الصراع الطبقي.
بهذا سيكون النهج الديمقراطي قد اضطر إلى تأجيل محطة المؤتمر الوطني الخامس كمحطة تنظيمية، لكن وبحكم طبيعة المهام الملقاة عليه وفي الشروط الحالية، سيجد مناضلاته ومناضليه يعجلون بإنجاز المهام السياسية التي نتجت عن تحاليل ودراسات عميقة للشروط التي يعيشها المغرب، في ارتباط مع التحولات العالمية التي تسير في اتجاه مساعد على طرح المشروع الاشتراكي البديل عن الرأسمالية البربرية والاستبداد المخزني.