حزب العمال: حذار الدولة البوليسية تطلّ برأسها من جديد

حزب العمال: حذار الدولة البوليسية تطلّ برأسها من جديد

بيان
حذار الدولة البوليسية تطلّ برأسها من جديد

في خطوة تصعيدية جديدة قامت بعض النقابات الأمنية بإصدار بيانات وتنظيم وقفات في عديد الجهات، عبّرت فيها عن جملة من المواقف على خلفية الاحتجاجات التي اندلعت منذ 14 جانفي الجاري ضدّ سياسات الدولة التي التفّت على الثورة وعلى المطالب العادلة والمشروعة للشعب وخاصة شبابه المفقّر والمهمّش والمقموع. وقد استهدفت تحركات الأمنيين وبياناتهم وتصريحاتهم وتدويناتهم في الشّبكة الاجتماعيّة قوى سياسيّة بعينها على رأسها اليسار التونسي ومنه حزبنا الذي وقع رفع شعارات تستهدفه بالاسم وتستهدف أمينه العام الرفيق حمة الهمامي كما تستهدف تنظيمه الشبابي المناضل، اتحاد الشباب الشيوعي التونسي. وبالإضافة إلى الانحطاط الأخلاقي، فقد اتسم خطاب هذه الجماعات الأمنية بالتكفير والتخوين والتحريض على مناضلات اليسار والقوى التقدمية عامة ومناضليهما بنفس ذلك الأسلوب الرجعي المتطرف الذي برز بشكل خاص في فترة اغتيال الشهيدين شكري بلعيد والحاج محمد البراهمي. وقد وصل الأمر ببعض النقابات الأمنية إلى الدعوة إلى “التصدي الأمني الحازم” للتحركات الاحتجاجية بما فيها تحركات 6 فيفري التي توافق الذكرى الثامنة لاغتيال الشهيد شكري بلعيد دون التزام بتعليمات الوزارة والحكومة، وهو ما يكشف عن الطبيعة الفاشستية لهذه العصابات التي ترتدي جبة نقابية.

إنّ حزب العمال الذي اطّلع على كل المواد المنشورة لوقفات وبيانات بعض الجهات الأمنية، وإذ يذكّر بأنه كان منذ تأسيسه صرحا من صروح النضال ضد الدكتاتورية وقدّم التضحيات الجسام لإسقاطها يحتفظ بحقه في إقامة الدعاوي القانونية اللازمة ضدّ دعاة التكفير والتخوين، فإنه يتوجّه إلى الرأي العام الوطني بما يلي:

– إنّ ردّ فعل بعض النقابات والجهات الأمنية إضافة إلى كونه يعكس عمق الأزمة السياسية في بلادنا، فإنه يقيم الدليل على تنامي التوجهات الفاشستية التي حكمت المنظومة الأمنية في بلادنا منذ انبعاثها. لقد ظلّ جهاز الأمن لمدة عقود في خدمة الدكتاتورية والاستبداد والفساد وأداة قمع وقهر واضطهاد. وكانت ثورة شعبنا التي قمعها جهاز أمن بن علي بالحديد والنار، فرصة جدّية سانحة لتغيير المنظومة الأمنية وتحويلها إلى منظومة جمهورية تحتكم إلى القانون وتحمي الحريات. لكنّ الوقائع بخّرت هذا الاستحقاق مثله مثل بقية استحقاقات الثورة.

– يحمّل المسؤولية لمجمل منظومة الحكم التي تعطّل تحوّل جهاز الأمن إلى أمن جمهوري سواء من جهة التشريعات والقوانين أو من جهة الظروف المادية والاجتماعية للأمنيين أو من جهة التكوين في أفق التشبع بثقافة حقوق الإنسان وكرامة البشر. وقد أكّد التعاطي الأمني مع الاحتجاجات الأخيرة والإيقافات العشوائية للمحتجين والانتهاك الصارخ لحقوقهم بشهادة المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية، حاجة الحكم الحالي، إلى الإبقاء على نفس المنظومة القمعية لمواجهة الاحتجاجات الاجتماعية المرشحة إلى الاستمرار والتوسع والاشتداد في المرحلة القادمة بسبب الإجراءات الاقتصادية والمالية المعادية للشعب والوطن التي تنوي المنظومة تنفيذها لإنقاذ مصالح السماسرة واللصوص المحليين والأجانب.

– يؤكد أنّ ممارسة حق التظاهر في أيّ شبر من أرض تونس بما في ذلك أمام مقرات السيادة المركزية والجهوية هو حقّ غير قابل للتصرف ضحّت من أجل تكريسه أجيال من المناضلين والمناضلات ولا مجال اليوم إلى التساهل مع أيّ انتهاك له من أيّ جهة كانت، وحزب العمال يدعو إلى التمسك بهذا الحق وإلى عدم التفريط فيه من كل طبقات الشعب وفئاته، علما وأنّ ممارسة هذه الحقوق لا تستهدف في الأصل الأمنيّين ولا كرامتهم ولا حرمتهم.

– ينبّه إلى خطورة الحملات الإعلامية والسياسية التي تنظمها بعض الأطراف الأمنية ضد النشطاء والمحتجّين والمناضلين والمناضلات وتكفيرهم وتخوينهم وهتك أعراضهم وتقديمهم على أنهم “دعاة فوضى وشغب وعنف” لتأليب الرأي العام ضدّهم والتحريض عليهم. إنّ مثل هذه الحملات ليست جديرة إلاّ بالأنظمة الاستبدادية المتخلفة، علما وأنّ هذه الحملات لم تُشِر مطلقا إلى حجم التعنيف والتعذيب والاعتداء الهمجي على المتظاهرين والذي وصل حدّ قتل الشاب هيكل الراشدي في سبيطلة بتوجيه تصويبة مباشرة على الرأس أردته شهيدا.

– يُدين الدعوة إلى الاعتداء على تحركات 6 فيفري المتزامنة مع ذكرى اغتيال الشهيد شكري بلعيد، وتدعو هياكل الدولة والنيابة العمومية إلى التدخل، كما يدعو السلطة السياسية إلى تبيان حقيقة مَن يحكم تونس ومَن يصوغ قرارها الأمني، علما وأنّ هذه التهديدات لن تمنع المناضلين والنشطاء، نساء ورجالا، من إحياء الذكرى والمطالبة بكشف حقيقة اغتيال بلعيد والبراهمي، وبتقديم الأمنيين الذين اغتالوا محمد بلمفتي ومجدي العجلاني للمحاكمة والمحاسبة.

– يدعو الشعب التونسي وقواه التقدمية من أحزاب ونقابات وجمعيات مدنية وشخصيات كي تنتبه إلى ما يحاك ضد الحريات والمكاسب الديمقراطية التي قدّم من أجلها الشعب التونسي الغالي والنفيس، واتخاذ ما يتطلبه الوضع من إجراءات ومبادرات للتصدي لنزعة الفشستة التي تغذيها مكونات منظومة الحكم الفاشل والمتربصين بها من أزلام الدكتاتورية المخلوعة.

– يهيب بكل الفعاليات المناضلة أن تنتبه إلى نوايا بعض الجهات لاستغلال هذه الأوضاع للعمل على تمرير “قانون زجر الاعتداءات ضد الأمنيين”، هذا القانون الذي يهدف إلى تعبيد الطريق أمام عودة دولة البوليس الفالت عن أيّ مساءلة أو محاسبة.

*لا للدولة البوليسية. لا للقمع وعصا البوليس.
*من أجل تكريس حق التظاهر والتعبير.
*من أجل أمن جمهوري يحمي الحريات ولا يعاديها.

حزب العمال
تونس في 02 فيفري 2021