مفتاح النموذج التنموي في يد الحكم الفردي المطلق
مفتاح النموذج التنموي في يد الحكم الفردي المطلق
بدأ ما سمي بالعهد الجديد بتقرير الخمسينية والذي خلص الى تفسير الاعطاب السياسة والاجتماعية بعدم وجود الحزب السياسي الرائد والذي عليه ان يتولى تجديد النخب وعقلنة الوضع السياسي بالبلاد. اعتمد مؤسسو حزب البام على تقرير الخمسينية وعلى طبخات كواليس وزارة الداخلية فأصبح حزبا اغلبيا قبل ان يشارك في اية انتخابات تشريعية او ترابية. اكتسح هذا الحزب المشهد السياسي مهددا بذلك الاحزاب الادارية بالانقراض لأنه ابتلع الكثير منها، كما تحولت الاحزاب الاصلاحية الاخرى الى اقزام سياسية تسعى رضاه وتلهث من اجل التحالف معه. لكن الرياح هبت بما لا تشتهيه سفنه، فخرجت الجماهير الشعبية في حركة 20 فبراير لتلقي به الى الهامش، وتؤجج التناقضات وسطه كتعبير عن تنامي تناقضات سياسية وسط الكتلة الطبقية السائدة والتي استحضرت درس تونس وهزيمة بنعلي وفراره لينجو بجلده من قضاء الشعب.
اهتزت اركان النظام، فاضطر الى نهج سياسة الالتفاف والانحناء امام العاصفة. هكذا تم اغلاق مشروع البام وتقرير الخمسينية، لتبدأ مرحلة المناورة عبر الاقرار بفشل الاختيارات التي اتبعتها الدولة وهو المعبر عنه بلغة ملتبسة والقول بفشل النموذج التنموي؛ وأسست على غرار لجنة المانوني التي اوكلت لها مهمة صياغة دستور تحت الطلب، لجنة بنموسى لتصوغ تحت الطلب نموذجا تنمويا جديدا.
بعد مماطلة كثيرة افرجت لجنة بنموسى عن تقريرها وتوصياتها بصدد ما تسميه بالبرنامج التنموي الجديد. اعتبرنا ساعة تشكيلها، انها ليست مخولة لوضع اية خطة لأن هذا الامر يدخل في اختصاص السلطة التأسيسية في البلاد، وهي غير موجودة لحد الساعة. اعتبرنا هذا الامر ترام واغتصاب لسلطة من سيكلفه الشعب بذلك. ولرد على هذا الاعتراض الجوهري اعتبر بنموسى ولجنته ان تقريرهم هو تكملة وتنزيل لمقتضيات الدستور الممنوح وان تطبيق مقترحات اللجنة لا يتطلب أي تغيير دستوري. بل اعتبرت لجنة البرنامج التنموي البديل ان اشراف رئيس الدولة على متابعة الانجاز والتطبيق شرط جوهري لنجاح البرنامج البديل.
فإذا كانت لجنة المانوني قد وضعت دستورا على المقاص يشرعن للحكم الفردي المطلق بأقنعة الديمقراطية المزيفة، فان لجنة بنموسى اكملت مهمة جعل الحكم الفردي المطلق متحكما في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عبر لجنة او آلية تطبيق خطط البرنامج البديل. ما قمت به لجنة بنموسى هو التسفيه التام لدور الاحزاب المشاركة في المؤسسات لقد اصبحت رسميا مكلفة بمهمة تطبيق البرنامج التنموي الجديد.