هذا ليس إلا قمة جبل الجليد

هذا ليس إلا قمة جبل الجليد
التيتي الحبيب: رئيس التحرير

titi-e1593062000449 هذا ليس إلا قمة جبل الجليد


هذا ليس إلا قمة جبل الجليد

في الآونة الاخيرة اعتمد الخطاب الرسمي على ترويج بعض الافكار من اجل تفسير او تسويغ فشل الاختيارات الاساسية للدولة والتي قزمها بالكلام فقط عن فشل النموذج التنموي ومن هذه الافكار الرائجة انعدام الثقة او ازمة الثقة. ورد هذا الكلام في تقرير لجنة بنموسى وفي الندوة الدورية التي يقوم بها والي بنك المغرب السيد عبد اللطيف جواهري.

لجنة بنموسى تتكلم عن فقدان الثقة بين الشعب والحكومة ووالي بنك المغرب يذهب بعيدا ليرجع مسؤولية ازنة الثقة في فقدان الشعب الثقة في الاحزاب السياسية واللجوء في مطالبه الشاذة والفادة الى الملك باعتباره الملجأ الوحيد الذي يتوجه اليه المغاربة في الخارج والداخل.

اصبح موضوع ازمة الثقة عند النظام معطى بنيوي يتعامل معه كمسلمة غير قابلة الضحد كما يقول الرياضياتيون. انها تتويج لسياسة قديمة شكلت جوهر بناء الدولة الحديثة بالمغرب حتى تحافظ على طبيعة الدولة المخزنية العتيقة. فالمستجدات السياسية كانت تلزم نفس هذه الدولة الى التعايش مع التعبيرات السياسية للطبقات والفئات الاجتماعية الاخرى لكن الطبقة السائدة والتي تشكلت تحت كنف الاستعمار كانت لا تتثق في تلك الطبقات والفئات الاجتماعية. ترجم عدم الثقة هذا في تسخير تلك التعبيرات السياسية عبر دمجها في سياسات المخزن وتوظيفها حسب فوتها وضعفها. فمن تقوى اجهزت عليه عبر التتريك حتى تقزمه ومن ضعف اغذقت عليه من الريع حتى يتقوى ويجلب له بعضا من القواعد وهكذا دواليك.

الثابت في كل هذه السياسات هة تحكم الدولة في المعطيات ومجريات الحياة السياسية وتقوية لحمة الكتلة الطبقية السائدة والمتغير هو تفتيت القوى السياسية وزرع الفرقة فيها وتشويه صورتها عند الجمهور وتقديمها كاحزاب تجري وراء مصالحها السياسوية وان كل اولاد عبد الواحد واحد وان ضامن الوحدة والامن والاستقرار هو المخزن.

في العقود الاخيرة تم تعميم هذه السياسة التفتيتية والتشتيت الى كافة الميادين والمجالات الاجتماعية: هكذا لم يسلم المجال النقابي فاطلقت الدولة يد الاجهزة لتفريق الصفوف ونشر العداء بين مكونات العمل النقابي وتحقق لها هدفان مرتبطان اولهما ضعف التنقيب الذي لا يتجاوز نسبة 6% وثانيهما خلق اكثر من 20 نقابة والعشرات من التنسيقيات باتت تمزق جسم الطبقة العاملة كما تم الاجهاز على ما يسمى بالمجتمع المدني وتم خلق عشرات الالاف من الجمعيات وتم اغراقها بالتمويل لشراء الولاء وخلق “الميليشيات” النائمة.

هذه السياسة هي التي وصلت الى مرحلها الاخيرة وباتت فيها المؤسسة الملكية هي الفاعل الوحيد في الوضع العام ولذلك نراها تقوم بالعديد من المبادرات السياسية والاجتماعية كانت تتحاشاها في السابق.