من وحي الاحداث: إجراء القرعة لمن يموت

من وحي الاحداث: إجراء القرعة لمن يموت
التيتي الحبيب: رئيس التحرير

titi-e1593062000449-800x496 من وحي الاحداث: إجراء القرعة لمن يموت


إجراء القرعة لمن يموت

في طورنطو بكندا أعلنت المستشفيات عن الخصاص في الأدوية لمواجهة كوفيد19، لأن الكميات قليلة بالمقارنة مع الطلب. وكحل لهذه الأزمة المستفحلة، اهتدت إدارة بعض المستشفيات لإجراء القرعة بين المرضى لتوزع على الرابحين الوصفات العلاجية وطبعا من لم يحالفه الحظ يذهب لحال سبيله مع كل ما يعنيه ذلك من أخطار قد تهدد حياته.

لم يقتصر الفشل في توفير الأدوية وحتى الكمامات على كندا بل انفجرت الازمة في ايطاليا وفرسنا وانجلترا والولايات المتحدة…فالرأسمالية المتوحشة لا تنتج الأدوية الكافية ولا تلزم نفسها بتوفير التغطية الصحية لجميع المواطنات والمواطنين وعلى قدم المساواة. الماكينة الإنتاجية تشتغل في مجالات أخرى أكثر ربحا. ولما تحول قطاع الصحة إلى سوق أكثر جلبا للأرباح، أطلقت يد “بيغفارما” ( الشركات الاحتكارية لصناعة الادوبة) في فرض شروطها لتوزيع اللقاحات وبالكميات التي تستطيع إنتاجها، وبالأثمنة التي تحددها وبذلك حققت أرباحا خيالية.

هذا هو احد أوجه الفشل الكبير والاستراتيجي للمنظومة الرأسمالية المعولمة، وقد عرت جائحة كوفيد 19 على هذه الحقيقة حتى باتت مفهومة وملموسة من طرف الجميع.

على بعد بضعة ألاف من الكيلومترات من طورنطو، توجد حضارة أخرى ومنظومة اقتصادية مختلفة نوعيا وهي الحضارة التي بناها النظام الاشتراكي في كوبا. في هذا البلد الصغير والمحاصر منذ أكثر من 60 سنة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية بهدف إسقاط النظام الكوبي؛ ففي هذا البلد الذي حقق مكسب التغطية الصحية ومجانية الخدمات الجيدة، لا يمكن لشعبه أن يتخيل مثل هذا الحل الغريب الذي لجأت إليه السلطات الطبية في طورنطو بإجراء قرعة من سيموت لعدم توفر الوصفة الطبية لمحاربة كوفيد 19. لقد أنتجت كوبا ما يكفيها من الأدوية لمقاومة كوفيد ونحن على يقين بأنه لو أتيحت الفرصة ورفع الحصار عن كوبا لسارعت بإرسال الأدوية إلى كندا كما قامت بذلك في بدايات الوباء لما أرسلت الأدوية والخبراء إلى ايطاليا والعديد من بقاع العالم.

فالآفات والأوبئة ليست قدرا محتوما على البشرية. يمكن مواجهتها والتغلب عليها بالعلم والاكتشافات الجديدة وبالتطبيقات العظيمة في صناعة الأدوية، لكن المانع الكبير هو النظام الرأسمالي الذي يسلع كل شيء بما فيه الأمراض الفتاكة ويجعلها مصدرا للربح الخيالي. إن السبب الأساسي في هذه الوضعية المتأزمة يكمن في وجود هذا النظام الاقتصادي المفترس والجشع؛ وللتخلص من هذه الآفات وجب القضاء على نمط إنتاج الرأسمالية وبناء الاشتراكية ومنع استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.