حوار مع الرفيق عبد الـله الحريف
حوار حول التحضير للمؤتمر الوطني الخامس
1. أطلق المجلس الوطني الأخير للنهج الديمقراطي المنعقد في 29 شتنبر 2009 مسلسل التحضير للمؤتمر الوطني الخامس. ما هي أهم رهانات هذا المؤتمر؟
لقد اعتبر المؤتمر الوطني الرابع المنعقد في يوليوز 2016 أن “اشتداد أزمة الرأسمالية وعودة النهوض النضالي للطبقة العاملة والشعوب وانطلاق سيرورات ثورية عبر العالم استطاعت أن تفجر من جديد موجة من النضال الشعبي والأممي، لعبت فيه الطبقات العاملة أدوارا فارقة، ولن يتم التقدم إلا عبر بناء أدوات انجاز هذا التغيير الثوري”(1). ولذلك قرر المؤتمر أن يتحمل النهج الديمقراطي مهمة بناء حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين كمهمة ملحة لا رجعة فيها وبلور تصورا لبناء هذا الحزب وآليات تنظيمية لتجسيده في الواقع. وقد شكل ذلك المؤتمر محطة مهمة في الوعي بالضرورة القصوى لتكثيف الجهود لإنجاز هذه المهمة المصيرية بالنسبة للطبقة العاملة والشعب المغربي.
وأكد اجتماع اللجنة الوطنية في دورتها الثامنة يوم السبت 14 يوليوز 2018، من خلال متابعته وتقييمه عمل النهج الديمقراطي لإنجاز هذه المهمة، على ضرورة بذل المزيد من الجهود من أجل النجاح في تنفيذها والوفاء بالتزامات المؤتمر الرابع.
وصادق المجلس الوطني للنهج الديمقراطي المنعقد في 30 شنبر 2018 على خطة وبرنامج توفير شروط الإعلان عن حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين.
ومن هذه المنطلقات، يكتسي المؤتمر المقبل لحزبنا أهمية قصوى لكونه سيكون محطة فارقة في تطوير وتثوير خطنا النظري والسياسي والتنظيمي ليكون في مستوى القفزة النوعية في سيرورة بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة المتمثلة في الإعلان عن هذا الحزب. لذلك فإن التحضير الجيد والجماعي للمؤتمر مسألة ضرورية لكي يستبطن عضوات وأعضاء حزبنا أهمية وملحاحية والطابع الآني لهذه المهمة ولكي نبلور، بشكل جماعي وديمقراطي، ما تتطلبه من مهام ومن تغيير في ممارستنا وسلوكنا. إضافة لما سبق، لا بد من تقييم السيرورات الأخرى (سيرورة بناء وتوسيع وتوحيد التنظيمات الذاتية المستقلة للجماهير الشعبية وسيرورة بناء جبهة الطبقات الشعبية وسيرورة بناء أممية ماركسية).
وللقيام بهذا العمل الجبار، نرتكز على ما راكمناه خلال تجربة خمسين سنة من النضال في المنظمة الماركسية-اللينينية المغربية “إلى الأمام” وفي “النهج الديمقراطي” ونستلهم تجارب أحزاب شيوعية وحراكات شعبية وحركات اجتماعية تقدمية.
ان ما يجعلنا متفائلين في قدرة النهج الديمقراطي على انجاز القفزة النوعية هو ما يلي:
يتوفر النهج الديمقراطي على خط فكري وسياسي منحاز للطبقة العاملة، من خلال تبني الماركسية، كمنهج في التحليل ونظرية في التغيير الثوري، ومن خلال عملنا النقابي والجماهيري بشكل عام الموجه، بالأساس، إلى الطبقة العاملة وباقي الكادحين ومواقفنا المساندة والمدافعة عن مصالح الطبقة العاملة وعوم الكادحين، خط متطور باستمرار بارتباط بالممارسة النضالية وسط الجماهير الشعبية وبالاجتهاد لاستيعاب تغيرات الواقع. كما يتوفر على تصور متقدم للتغيير التحرري والديمقراطي الجذري في الأفق الاشتراكي.
ويتنامى الوعي داخل التنظيم بمركزية بناء حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين وبضرورة القيام بنقلة نوعية في هذه السيرورة كمهمة آنية وبما تضعه على عاتقنا من همام جسيمة. كما استطاع النهج أن يحافظ على وحدته وتماسكه وأن يرسخ ثقافة العمل والنضال الوحدويين.
ويمثل النهج الديمقراطي رأس رمح المعارضة التقدمية الجذرية للنظام القائم.
2. كيف سيتم التحضير للمؤتمر؟
في البداية، لا بد من الإشادة بالحضور الوازن لرفيقاتنا ورفاقنا في المجلس الوطني والتحاقهم(ن) بكثرة باللجنة التحضيرية والتزام الأغلبية الساحقة منهم(ن) بالحضور والمساهمة الجادة في اللجان المتفرعة عن اللجنة التحضيرية. الشيء الذي يعكس الوعي المتقدم بالرهانات والتحديات التي تعترض مسيرتنا والاستعداد لبذل الغالي والنفيس لتحقيق هدف الاعلان عن حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين في المؤتمر الوطني المقبل.
وضمانا لمشاركة أكثر فعالية لكل الرفيقات والرفاق في التحضير للمؤتمر، قرر المجلس الوطني دعوة الفروع إلى إطلاق النقاش حول التحضير منذ انطلاقه ودون انتظار أن تبلور اللجنة التحضيرية مشاريع الأوراق. وتمت صياغة ورقة-إطار تحدد المحاور التي يجب أن ينصب عليها النقاش.
وسعى النهج الديمقراطي إلى أن يشارك أكبر عدد ممكن من العاملات والعمال والكادحات والكادحين في اللجنة التحضيرية.
ووعيا بأن بناء حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين مهمة تسائل كل الماركسيين(ات) وأن مساهمتهم(ن) في بلورة التصور لهذا الحزب ضرورية وهامة، ينظم النهج الديمقراطي في عدد من المدن( الدار البيضاء والقنيطرة والرباط ووجدة…) دورات من النقاش معهم(ن) حول نفس المحاور التي تناقش في اللجنة التحضيرية.
أما من الناحية العملية، فقد انقسمت اللجنة التحضيرية إلى أربعة لجان هي لجنة الخط النظري ولجنة الخط السياسي ولجنة الخط التنظيمي ولجنة الإعداد المادي واللوجستيك. هذه اللجان التي ستقدم مشاريعها للجنة التحضيرية التي ستنعقد أواسط فبراير 2020 لوضع اللمسات الأخيرة على هذه المشاريع لترسل للنقاش في الفروع. وسينظم مؤتمر قبلي بداية يونيو 2020 للمزيد من التداول حول كل قضايا المؤتمر المزمع عقده أيام 17 و18 و19 يوليوز 2020.
3. يعيش النهج الديمقراطي حصارا شديدا من طرف النظام يتمثل، خصوصا، في منعه من القاعات العمومية وعدد من المرافق العمومية. ألا يشكل ذلك عرقلة أمام انعقاد المؤتمر في ظروف جيدة؟ وما ردكم في حالة إمعان النظام في إحكام الحصار على حزبكم؟
يعاني النهج الديمقراطي من المنع من كل الحقوق والإمكانيات التي تستفيد منها الاحزاب الأخرى. وهكذا فبالرغم من كونه حزبا معترف به وبالتالي له الحق في الاستفادة من القاعات العمومية والمركبات الاجتماعية ودور الشباب وغيرها من المرافق العمومية، يحرم، في الغالب، من استعمالها للقيام بأنشطته. ومنذ دعوة الكاتب الوطني لوزارة الداخلية وتهديدها بحل حزبنا، أصبح هذا المنع ممنهجا أكثر من السابق.
إن هذا خرق سافر وخطير للحريات الديمقراطية، وخاصة حرية التنظيم والتجمع والتعبير والرأي، ينم عن عقلية انتقامية متجذرة في الثقافة المخزنية من كل معارضة حقيقية، وخاصة من النهج الديمقراطي بسبب مواقفه الجذرية من النظام القائم.
إننا لن نظل مكتوفي الأيدي إذا أمعن النظام في حصارنا، وخاصة إذا أصر على حرماننا من عقد مؤتمرنا الوطني في ظروف عادية.
4. هل من كلمة أخيرة؟
أتوجه أولا للطلائع العمالية والكادحة لأقول لهم أن النهج الديمقراطي يعتبر نفسه الخميرة فقط لإنجاز مشروع حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين الذي يجب أن يكون من صنعكم وأن يخرج من صلبكم.
أتوجه ثانيا بالدعوة للمناضلين الماركسيين والمناضلات الماركسيات إلى استحضار الظرف الحالي وما يحبل به من إمكانيات موضوعية وذاتية لانجاز هذا المشروع العظيم، شريطة تجاوز الحلقيات والتعلق بالماضي والتوجه، بشكل جماعي، إلى إقتحام المستقبل الواعد.
أتوجه ثالثا لرفيقاتي ورفاقي في النهج الديمقراطي لحثهم على المزيد العمل والنضال ورفع الأداء لنوفر شروط الإعلان عن حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين في مؤتمرنا الوطني المقبل، وذلك، بالخصوص، من خلال الانخراط بحماس واستماتة في تنفيذ وتطوير برنامج الحزب بهذا الصدد وفي التحضير الجاد والجيد للمؤتمر.