من وحي الأحداث: شعوبنا تناضل إذا هي موجودة
شعوبنا تناضل إذا هي موجودة
كفت عن الوجود العديد من الشعوب وتحولت إلى أمم منقرضة يحكي قصتها التاريخ. شعوبنا اختارت النضال والمقاومة وهاكم الدليل. على بعد بضعة مئات من الكيلومترات عن الحدود الفرنسية، اختارت الامبريالية الفرنسية في السنوات الأولى لتحول الرأسمالية فيها إلى مرحلة متطورة مرحلة الامبريالية، بلد الجزائر وحولته إلى إقليم فرنسي أو جزء لا يتجزأ من التراب الفرنسي. حكمته بالحديد والنار، ولعب الفرنسيون المستوطنون وأبناؤهم وأحفادهم دورا سياسيا في الطبقة الحاكمة في فرنسا وتقلدوا مناصب كبرى في السياسة وفي إدارة الجيوش الفرنسية. دام الاستعمار الفرنسي للجزائر الذي تحول إلى استيطان أكثر من 130 سنة. لكن الشعب الجزائري انتفض وتشكل كشعب حر يقود تحرر الشعوب الأشقاء وهربت فرنسا وسقط الاستيطان.
ما يجري في فلسطين، هو كرة متجددة لانتفاضة شعب حر يقاوم الاستيطان الصهيوني البغيض. نسخة الاستيطان الصهيوني تريد إعادة تجربة القضاء على شعب الهنود الحمر الذي قضى عليه الاستعمار الانجليزي وأباده. لكن ما نراه اليوم من مقاومة الشعب الفلسطيني، هو استمرار لمقاومة الجزائر الظافرة، والنصر ملك يد هذا الشعب الحي أو الذي اختار النضال كطريق إعادة وجوده وسبب وجوده.
بكل تأكيد يمكننا القول مع ماركس عندما أجاب على سؤال صحفي عما هو سبب الوجود؟ فقال انه النضال. هذا ينطبق أيضا على الشعوب وعلى الأمم. تنقرض الشعوب ويمحى أثرها لما تتوقف عن النضال، وتعيش شعوب وتتطور لما تناضل وتختار دربه بما يتطلبه من تضحيات مهما كانت جسيمة وقاسية. أن تسيل الدماء مثل الجداول والأنهار على مذبح الحرية، فتلك ضريبة تحقيق الوجود وثمن الانتصار على العدو.
ما يعيشه الشهب الفلسطيني منذ مذبحة دير ياسين الى اليوم، ليس إلا تباشير الولادة الجديدة؛ هذا الشعب والنضال التحرري هو مولدته، ستتقوى هذه المولدة
لما يرتبط النضال التحرري بالنضال الاجتماعي لكي تتولى قيادة الكفاح الفلسطيني تلك القوى ذات البعد الاستراتيجي الرامي إلى التحرر من الصهيونية والامبريالية والرجعية المحلية، وبناء المجتمع الجديد والدولة الفلسطينية الديمقراطية والشعبية ذات الأفق الاشتراكي والمندمجة في نضال شامل للتحرر من الامبريالية والصهيونية محليا وجهويا. وهذا ما لم يتحقق لنضال الشعب الجزائري المكافح والذي أجهضت ثورته الناهضة آنذاك.
إننا ندين الجرائم النازية التي يرتكبها العدو الصهيوني، والذي يمارس الإبادة الجماعية للهنود الحمر الجدد الفلسطينيين أسوة بما فعلته العصابات الانجليزية في أمريكا الشمالية. لكننا متيقنون أن تضحيات الشعب الفلسطيني ضرورية، وصموده مستحق تاريخي لا بد منه؛ ولذلك يجب التخلص من العملاء الذين يستهدفون إجهاض عملية ولادة الشعب الفلسطيني الجديدة.