من وحي الأحداث: الشرق الأوسط المدجج بالقواعد
من وحي الأحداث
الشرق الأوسط المدجج بالقواعد
في أوج النضال التحرري للشعوب تأسست أولى القواعد العسكرية بفلسطين وهي “دولة إسرائيل”، باعتبارها قاعدة عسكرية قائمة الذات، تتوفر على مستوطنين ومستوطنات يمتهنون مهنة الجنود ويمتهنون دور العمال والعاملات والفلاحين والفلاحات وجميع المهن والحرف كلما تتطلب التطور ذلك. هذه القاعدة العسكرية/الدولة قامت من اجل تأمين الحضور العسكري الدائم للامبريالية بالمنطقة، وكانت وظيفتها التغلغل السرطاني بالمنطقة وعرقلة المد التحرري لشعوب الشرق الأوسط.
بعد التحكم المالي والاقتصادي في الشرق الأوسط، وبغرض التحكم في الطرق البحرية والجوية الرابطة بين الأمريكتين وأوروبا وآسيا، تم تأسيس نمط جديد من القواعد متخصصة في مجالات اقتصادية وتجارية ومالية، إنها اكبر واهم من المناطق الحرة. وفي رأس قائمة هذه القواعد بمنطقتنا يمكننا ذكر الإمارات العربية المتحدة ذات السبع إمارات المتخصصة في مهام محددة لكل واحدة منها ووضع على رأس كل واحدة منها شيخ من آل نهيان كعملاء ووكلاء الامبريالية والصهيونية هناك.
وأخر نوع من هذه القواعد ذات التخصص في قسمة العمل الامبريالي وبخلفية عسكرية إعلامية يمكن ذكر قطر. فمن كونها كانت إمارة متخلفة يعيش أمراؤها على ريع الغاز والبترول وإنفاق الثروات على حاشيتهم وعبيدهم، تحولت هذه الإمارة في رمشة عين إلى قاعدة عسكرية أمريكية، والى مركز إعلامي تبث منه الخطابات الاسلاموية برعاية الإخوان المسلمين، وعبر أكبر محطة تلفزيونية على الصعيد العالمي فاقت قنوات أمريكية وانجليزية، بل سلمت تلك القنوات العالمية أهم خبراتها وطواقمها البشرية لقناة الجزيرة التي تبث بالعربية والانجليزية، وتغطى كل مجلات الإعلام السياسي والرياضي والثقافي والاقتصادي. أصبحت قطر محط أنظار العالم، وعلى أرضها تجري أهم واعقد المفاوضات والندوات والحوارات، وبطولة العالم في كرة القدم. أليست قطر بلد اقل من 200 ألف نسمة هي من تولت تنظيم المفاوضات الأخيرة بين الكيان الصهيوني وحماس بمشاركة مصر بلد 100 مليون نسمة؟
إن تواجد كل هذا العدد من القواعد بمنطقتنا لهو دليل أكيد على الأهمية الإستراتيجية لهذه المنطقة. وهو كذلك الترجمة الجديدة للاستعمار الجديد وتوجه الامبريالية إلى غرس وكلاء لها يقومون برعاية مصالحها مع تحميلهم تكلفة كل ما تقتضيه هذه المهام في إطار الصراع الجيواستراتيجي وفي ذات الوقت منع قيام الثورات الشعبية وقد تواترت الإشارات وقامت الهبات على شكل سيرورات ثورية قد تطيح لا محالة بمصالح وممثلي الامبريالية بما فيها القاعدة الصهيونية القائمة على ارض فلسطين.