”الجيل الأخضر” صيغة جديدة للتنمية البشرية بالبادية
”الجيل الأخضر” صيغة جديدة للتنمية البشرية بالبادية
للجواب على الحركات الاجتماعية التي تصاعدت بالمغرب المهمش- البوادي- أعلن النظام على حزمة من الاجراءات الاجتماعية في قلبها خطة خلق طبقة وسطى في البادية ترجمت في مشروع “الجيل الأخضر”. فإذا علمنا أن سياسة التنمية البشرية وضعت من اجل تولي الدولة مهمة توزيع الاعانات عبر حملات رسمية تمنح العائلات المعوزة قفة تكلفتها 150 درهما (زيت سكر دقيق) والكثير من الصور والربورتاجات الإذاعية والمصورة تلتها حملة توزيع بعض المساعدات المالية او تمويلات لجمعيات مدنية في الأحياء الشعبية بالمدن وقد بلغت الكلفة الإجمالية لهذه السياسة بين 2005 و2019 ما قدره 45 مليار درهما؛ فإننا نعلم حجم اهتمام الدولة بتطبيق سياسة شراء ولاء فئات اجتماعية هشة وتحويلها إلى قاعدة اجتماعية ملتفة حول النظام بدل ان تبقى حاضنة لحركات الاسلام السياسي والمجموعات الارهابية. تمخضت سياسة التنمية البشرية على ظواهر السرقة والاستيلاء على تمويلات مهمة جدا وتحريفها عن هدفها الاصلي مما اجبر النظام على تغيير الاشراف إلى مسؤولية وزارة الداخلية بعد ان كان في يد الجماعات المحلية والقروية بما يعني توظيف تلك الإعانات لصالح الأحزاب المخزنية.
سياسة التنمية البشرية الأنفة الذكر لم يكن لها وقع يخفف من خصاص المغرب الهامشي – البادية- لذلك وضعت المخطط الجديد تحت شعار خلق الفئات الوسطى بالبادية. وخصصت لهذه الخطة ميزانية تصل إلى 6 مليار درهما توزع على شطرين من 3 مليار في كل سنة. تفاصيل هذه الخطة وردت في ما سمي ” بالجيل الأخضر” ويهدف إلى تمويل مشاريع صغيرة تخصص ل 350 الف عائلة تضمن دخلا حدد في حوالي 3800 درهما شهريا وتحصين 400 الف عائلة اعتبرت من الفئات الوسطى في البادية. هكذا تتوجه الدولة إلى خلق ودعم ما يقارب 800 الف عائلة تكون هي الطبقة الوسطى في البادية. تتولى وزارتا الداخلية والفلاحة مهمة الاشراف على هذه العملية.
“الجيل الأخضر” هو الخطة الثانية التي وضعها النظام المغربي في محاولة ترميم قاعدته الاجتماعية وذلك بعد خطة المغربة التي وضعت وطبقت ابتداء من سنة 1973. المشترك بين الخطتين هو أسباب ودوافع وضعهما. تتمثل هذه الأسباب في اشتداد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وتحولها أو التهديد بتحولها إلى ازمة سياسية تهدد استقرار واستمرار النظام. فكلما استشعر الخطر كلما بادرت الدولة إلى محاولة حلق ركائز ودعائم اجتماعية. لكن الحملة الاخيرة والتي ليست إلا صيغة منقحة لخطة التنمية البشرية لن تنجح وتعطي اكثر مما اعطته في المدن والأحياء الشعبية وهو خلق جيش من المعوزين والفقراء ينتظرون الاحسان والمساعدات أي جيش من الشحاذين والمتسولين ينتفضون لما تشح المساعدة أو تقطع مصادر الرشوة الاجتماعية.