حزب العمال: لا خيار أمام العمال والكادحين إلا الثورة ضدّ التفقير والتجويع والفاشية

بيان غرة ماي
لا خيار أمام العمال والكادحين إلا الثورة ضدّ التفقير والتجويع والفاشية
يُحيي العمال والكادحون وكل التقدميين في تونس والعالم غرّة ماي، عيد العمال العالمي الذي أقرته الحركة العمالية والاشتراكية منذ بداية القرن المنصرم يوما للنضال العمالي والشعبي والتّضامن الأممي ضدّ الخيارات الطبقية الرأسمالية السائدة، يوما للتقييم وإعادة تنظيم الصفوف لمزيد النضال وتصعيده دفاعا عن حقوق الطبقة العاملة وبقية الطبقات والفئات الكادحة التي تتعرض باستمرار للانتهاك من قبل رأس المال ومؤسساته ودولته وتعبيد الطريق نحو إرساء الاشتراكية على أنقاض هذا النظام.
يأتي هذا العيد وأوضاع العمال في تونس تعرف تدهورا مريعا على مختلف الأصعدة، سواء فيما يهمّ ظروف العمل ووتائر الاستغلال، أو ما يهمّ “التجميد غير المعلن” للعمل النقابي وقمع التحركات ورفض التفاوض مع الاتحاد ونقاباته، كما يستمر تسريح آلاف العمال بعد غلق المؤسسات ورحيلها. وتعرف المقدرة الشرائية أفظع درجات تدهورها بفعل الغلاء الفاحش وندرة العديد من مواد الاستهلاك الأساسية، والتّدهور غير المسبوق للخدمات العموميّة الحيويّة وهو ما كانت له آثار وخيمة على مجمل طبقات الشعب وفئاته بتنامي مؤشرات البطالة والفقر ممّا عزّز ظواهر البؤس والانتحار والجريمة والانقطاع عن التمدرس والحرقة وهجرة الكفاءات. إنّ حصيلة انفراد سعيد بالحكم وتركيز أسس نظام شعبوي استبدادي، فاشي وقمعي، لم تحسّن أيّ مؤشر اقتصادي واجتماعي موروث من المنظومات السابقة بل على العكس من ذلك تواصلت نفس الاختيارات ومعها تتواصل نسب النمو السلبية وتعمّق التبعية وتصاعد المديونية ضمن الالتزام الكلي بالخيارات اللاوطنية واللاشعبية المتبعة منذ عقود.
ويأتي يوم العمال هذا العام في ظل تصاعد تحميل فاتورة الأزمة العميقة والشاملة التي يمرّ بها الرأسمال الاحتكاري العالمي للعمال والكادحين وكل المجتمع. ففي بلدان المركز يتصاعد وصول الفاشية الجديدة إلى كراسي الحكم وآخرها وصول ترامب الذي شرع مباشرة في اتخاذ سلسلة من الإجراءات التي استهدفت الطبقة العاملة الأمريكية في أفق تصفية أغلب ما حققته طوال عقود مضت وذلك بتسريح الآلاف من العمال وإغلاق فروع ومواقع عمل لا تستجيب لمصالح الكارتيلات الكبرى التي يحكم باسمها ويؤمّن مصالحها، كما طالت الإجراءات التعسفيّة العمال المهاجرين. وفي نفس الوقت فرض ترامب وفريقه جملة من الرسوم الضريبية على كل بلدان العالم بما فيها الدول الرأسمالية الغربية والشرقية، وهي رسوم قابلتها رسوم مضادة بما فرض معطى جديدا في الساحة الدولية وتحديدا في معسكر الامبريالية وهو الاتجاه المعلن إلى مزيد عسكرة الاقتصاد ممّا يعني ضغطا على فروع الإنتاج والقوى المنتجة التي لحقها ضرر كبير شمل كل ما كان يعتبر مكاسب وقع تحقيقها بالنضال المستميت لعقود من قبل الحركة العمالية والنقابية والاشتراكية. لقد فرضت الدولة الامبريالية الاحتكارية ضرائب جديدة على الأجراء، وتمّ توجيه مدخرات وميزانيات الخدمات الاجتماعية الأساسية كالتعليم والصحة والنقل والثقافة والبيئة إلى ميزانيات التسلّح وتطوير القدرات العسكريّة استعدادا للحرب من أجل إعادة اقتسام مناطق النفوذ. أمّا في بلدان الجنوب فتتصاعد وتيرة استغلال العمال لصالح كبريات الدول والشركات الاحتكاريّة العالميّة ويتصاعد التدمير الممنهج للاقتصاديات التابعة التي لا دور لها سوى دفع كلفة صراع الكبار مقابل حماية كراسي الحاكمين ومصالح الرأسمال الريعي المتخلف.
ويأتي يوم العمال في ظل استمرار حرب الإبادة التي يقودها كيان الاحتلال الفاشي برعاية ومشاركة أمريكية-غربية ضدّ الشعب الفلسطيني من أجل تركيعه وسلب حقوقه وتهجيره وضمّ أراضيه لكيان الاحتلال ضمن مخطط “الشرق الأوسط الجديد” الذي يقوده كيان الاحتلال متربعا على المنطقة ومقدراتها بتواطؤ من أنظمة الارتزاق التي تتعرض بدورها للابتزاز تكريسا لـ”سايكس بيكو” جديد بدأت ملامحه تبرز في وسوريا ولبنان ومجمل المنطقة.
إنّ حزب العمال إذ يُحيي ذكرى غرة ماي، وإذ يجدّد انحيازه الكامل للطبقة العاملة صانعة الثروة وقائدتها وضامنة مستقبل الإنسانية على أنقاض منظومة الاستغلال الرأسمالي التي تدمّر العالم بشرا وطبيعة، فإنه:
– يُحيّي الطبقة العاملة في عيدها العالمي ويجدّد انخراطه غير المشروط في نضالها العادل من أجل عالم جديد خال من الاضطهاد الطبقي ومن الاستغلال والاستلاب.
– يجدّد رفضه لتحميل الطبقة العاملة وعموم الكادحين فاتورة أزمة الرأسمالية، ويجدّد تضامنه الكامل مع نضال العمال والفلاحين والكادحين في كل العالم ضدّ الخيارات النيوليبرالية التي تدمّر مقدرتهم الشرائية وتصفي مكاسبهم وتهدّد حاضرهم ومستقبلهم.
– يعتبر أنّ عسكرة الاقتصاد والمجتمع هو علامة تغلغل الفشستة الممنهجة التي تقف وراءها الطبقات الرجعية التي لن تتردّد في إشعال الحروب لفرض مصالحها الأنانية، ويدعو العمال والكادحين إلى التصدّي لهذه السياسات التي جرّت العالم في القرن العشرين إلى حربين عالميتين مدمّرتين دفع فاتورتيهما العمال والكادحون والشعوب. إنّ التصدّي للحرب والدفاع عن السلم مهمة من بين المهام الأساسية التي تطرح اليوم بكل إلحاح.
– يدعو عمال تونس وكادحيها إلى الخروج من حالة التردّد والانتظارية وتنظيم النضال الاجتماعي ضدّ خيارات التفقير والتهميش وتعميق التبعية التي تستمرّ مع نظام الاستبداد الشعبوي الذي يصادر الحقوق ويحاصر أطر الاحتجاج والنضال كي ينفرد بالشعب ويفرض عليه الخضوع والخنوع وهو ما يحتّم على العمال والكادحين أن يكونوا في الصف الأول للدفاع عن الحريات والحقوق وفي مقدّمتها حرية التعبير وحقّهم في الدفاع عن مطالبهم المادية والمعنويّة وفي التنظيم النقابي والسياسي الذي تحاول المنظومة الشعبوية تصفيته وتجريد العمّال والكادحين من أيّ وسيلة للدّفاع عن حقّهم في حياة كريمة.
– يدعو الحركة النقابية إلى الخروج من سلبيتها ومن التفرج على عملية تفكيك الاتحاد العام التونسي للشغل بتدخل مباشر وغير مباشر من السلطة وفي إطار صراع مصالح بين شقي البيرقراطية وهو صراع لا مصلحة للعمال والاتحاد فيه، بل المصلحة كل المصلحة في اتحاد مستقل مناضل وديمقراطي يكون للقواعد فيه الكلمة الفصل.
– يجدّد انخراطه الكامل في حركة إسناد الشعب الفلسطيني ومقاومته الوطنية الباسلة التي تقبض على الجمر وتصمد رغم حجم التآمر الداخلي والإقليمي والخارجي، كما يجدّد التحية لشعب اليمن ولبنان للصمود والإسناد، وإلى شعب سوريا وعمالها في التصدي للغزاة والإرهابيين الذين وضعتهم الامبريالية وكيان الاحتلال والرجعية الإقليمية على رقاب الشعب الأبيّ، وإلى شعب السودان الجريح الذي يكافح ضدّ عصابتي المنظومة البائدة، وإلى شعوب العالم في نضالها العادل ضدّ الرأسمالية من أجل عالم آخر ينتفي فيه الاستغلال، عالم الاشتراكية.
المجد للعمال والكادحين والشعوب، والنصر لنضالهم.
تسقط الرأسمالية، المستقبل للاشتراكية.
حزب العمال
تونس، في 1 ماي 2025