بكل تأكيد الشعوب تتبادل الرسائل والدروس فلترتعد فرائص الحكام الظالمين

بكل تأكيد الشعوب تتبادل الرسائل والدروس فلترتعد فرائص الحكام الظالمين




نحن الشيوعيون لنا قناعة راسخة بأن الشعوب والأمم تخوض نفس المعركة وهي في نفس الخندق، خندق الحرية والكرامة والتوزيع العادل للثروات والمساواة بين البشر والشعوب والأمم. كم كانت غبطتنا كبيرة لما ثار الشعب الفرنسي في وجه نظام ماكرون، الخادم الدليل للرسمال الإمبريالي ومؤسساته الاستغلالية. سقطت حكومة نظام ماكرون تحت وطأة الهبة الشعبية والتي تهدد حتى بخلع الرئيس ماكرون.

يتابع الشعب المغربي مثل هذه الهَبّات الشعبية ويقرأ رسائلها، ويجعل منها الدرس الذي يحفظه عن ظهر قلب ويذخره للمستقبل. هذا ما يجب على القوى المناضلة ببلادنا أن تستوعبه جيدا إذا أرادت أن تفهم وتستوعب كيف يتشكل وعي الشعب، وكيف تتراكم الدروس والعبر في الوعي الجماعي لشعبنا.

إن الشعوب تتبادل الدروس والخبرات، وهي تراكم ذلك في خزان الوعـي الـجـمـاعـي لأنـهـا بكل بساطة تواجه نفس العدو الطبقي الذي يسيطر على الصعيد المحلي القُطري وعلى الصعيد الجهوي وعلى الصعيد العالمي. فإذا كانت الطبقات الحاكمة تتبادل الخبرات والدروس في كيفية الحفاظ على سلطتها وكيف تنمي مصالحها؛ فإنها في الحقيقة لا تمثل إلا الوجه القبيح والعدواني لنفس العملة التي وجهها الآخر ليس إلا زيادة الضغط والقمع على الشعوب لإبقائها تحت القبضة الاستغلالية والاستبدادية.

يزداد شعبنا وعيا بحقيقة النظام القائم لما يطلع على ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة وتجويع واقتلاع من أرضه ووطنه. يستوعب شعبنا أن وحدة مصالح الكتلة الطبقية السائدة مع مصالح الامبريالية الفرنسية والأمريكية والطغمة المجرمة في الكيان الصهيوني هي التي تجعل من التطبيع مع الكيان الصهيوني سياسة لحم تلك المصالح المعادية للشعب الفلسطيني وفي ذات الوقت للشعب المغربي. إن الامعان في تعميق التطبيع هو العربون على اندماج مصالح الكتلة السائدة ببلادنا مع مصالح الطغمة المجرمة في الكيان الغاصب المتسلط على فلسطين كل فلسطين.

وضد كل ذلك، تخوض جماهير شعبنا معارك نضالية هامة جدا وعلى كافة الواجهات. فعلى مستوى الجماهير الكادحة في المدن والمداشر، لا يمر يوم من دون أن تنظم وقفات أو مسيرات أو اعتصامات من أجل الحق في الماء والأرض وفي التعليم والعلاج والسكن اللائق والشغل والاستفادة من البنيات التحتية الضرورية، ومن أجل احترام الحقوق الأساسية للمواطنات والمواطنين في التعبير والتنظيم والتظاهر والاحتجاج. في جوف هذه الحركات النضالية هناك نبض يتقوى سنة بعد سنة وهو النضال العمالي حيث ينتظم العمال من أجل مواجهة الهشاشة والطرد وتردي القدرة الشرائية والغلاء وتغول الباطرونا المسنودة من طرف الأجهزة القمعية للدولة. إن هذه الوقائع مجتمعة أو مأخوذة منفردة، هي التي تسمح لنا بالقول بأن استعدادات جماهير شعبنا للنضال والدفاع عن الحقوق وفرض المكتسبات أمر حقيقي وواقع حال. وهذا ما لنا أيضا عند استعراض يسمح ما تقوم به القوى المناضلة، وعند الوقوف على تقاعس أو تخلف هذه القوى، هو ما يدفعنا للاستنتاج بأن استعدادات جماهير شعبنا للتضحية تفوق بكثير استعداد القوى المناضلة للتضحية وتحمل تبعات القيادة الحازمة للنضالات الشعبية. يتضح هذا التخلف عندما نستعرض ما تقوم به هذه القوى في مواجهة التطبيع حيث يتم الاكتفاء بمسيرات نهايات الأسبوع، وعدم الدعوة لربط تلك المسيرات بحالة تعطيل الآلة الإنتاجية أو الرواج الاقتصادي عبر إعلان أيام الغضب الشعبي أو الإضراب العام أو غيره من الأشكال النضالية التي تساعد على إجبار الدولة على الإنصات إلى نبض الشعب الغاضب. أما عند النظر إلى ما يخص القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فإن ذات القوى المناضلة أو أغلبها منسحب من هذه الجبهة ومن الحركات النضالية المتعلقة بوقف تغول الاحتكار وطغيان الدولة البوليسية.

إن الحركة النضالية لجماهير شعبنا الناهضة في جميع مناطق البلاد تفرض على القوى المناضلة أن تستجمع ما لها من إرادة للانخراط المبدئي والتام في هذه المسيرة الشعبية لمواجهة جميع سياسات النظام، وفرض التراجع عن التطبيع وإسقاطه وانتزاع الحقوق المشروعة لكافة الفئات والطبقات الشعبية وعلى رأسها الطبقة العاملة الضحية الأولى والكبيرة للرأسمالية الطفيلية ببلادنا.