في الذّكرى 15 لاندلاع الثّورة: الشّعبويّة تواصل الالتفاف والثّورة المضادّة

في الذّكرى 15 لاندلاع الثّورة: الشّعبويّة تواصل الالتفاف والثّورة المضادّة




في الذّكرى 15 لاندلاع الثّورة:
الشّعبويّة تواصل الالتفاف والثّورة المضادّة

يمرّ اليوم 15 عاما عن اندلاع الثّورة بمدينة سيدي بوزيد، حين أقدم يوم 17 ديسمبر 2010، الشابّ الكادح محمد البوعزيزي على إضرام النّار في جسده احتجاجاً على القهر والظّلم الذي ظلّت منظومة التّفقير والقمع الفاسدة تمارسه ضدّ الشّعب وطبقاته وجهاته المحرومة. لقد كان استشهاد البوعزيزي القادح الذي فجّر ثورة ظلّ الشّعب التونسي يراكم لها على مدى عقود. لقد انطلقت الشّرارة من سيدي بوزيد لتعمّ الانتفاضة كافّة جهات البلاد وتنتهي يوم 14 جانفي 2011 بإسقاط بن علي وفراره مسجّلة انتصار إرادة الشعب وقدرته الجبّارة على الإطاحة بواحدة من أعتى الدّكتاتوريّات. وقد تجاوز صدى ثورة الشّعب التونسي حدود بلادنا فكانت مثالا زعزع أركان العديد من الدكتاتوريات في المنطقة والعالم.

لقد أسقطت ثورة شعبنا الدكتاتور ونظام الحكم الفرديّ المطلق لكنّها لم تضرب قاعدته المادية والاجتماعيّة مما سهّل استيلاء مختلف القوى الرجعيّة، واجهة الرأسمال التابع، على السلطة ومفاصل القرار، سواء كانت تلك القوى من بقايا النّظام السّابق أو من حركة النّهضة وحلفائها الوافدين حديثا على السّلطة. لقد عملت كلّ هذه القوى التي حكمت بلادنا منذ 2011 على سرقة ثورة الشّعب التي تتعرّض اليوم إلى محاولة تصفية بالكامل على يد منظومة 25 جويلية الانقلابيّة. فهذه المنظومة لا تتوقّف عن ضرب كلّ المكاسب التي افتكّها الشعب وعلى رأسها الحريّة السياسيّة التي ظلّت الأداة الفعّالة التي مكّنته من الدفاع عن مطالبه ومصالحه المستهدفة من قبل كل فرق الحكم. لقد صادر نظام قيس سعيّد، الشعبوي الفاشي، كلّ الحريات ووضع يده على الإعلام وعلى القضاء وفتح السجون مجدّدا لتستقبل منتقديه ومعارضيه، وتكاثر ضحايا القمع البوليسي، فيما تتواصل خيارات التبعيّة والتّفقير والإذعان لإرادة الرّأسمال الاحتكاريّ الخارجيّ والرّيع المحليّ، وهو ما تجسّده الميزانيّات المتتالية والاتّفاقيات المعلنة والخفيّة مع الدّول والمؤسّسات الامبرياليّة وما آلت إليه كلّها من تدمير ممنهج لمنظومات الإنتاج وتفاقم للبطالة والفقر والبؤس و”الحرقة” وتدهور الخدمات العامّة وتردّي الوضع البيئي.

إن حزب العمال إذ يحيي ذكرى اندلاع الثورة المجيدة، وإذ ينحني أمام ذكرى شهداء الثورة وشهداء الشعب من كلّ الأجيال، فإنه:

– يعتبر أن ثورة شعبنا قد تمّ الالتفاف عليها وغدرها من قبل كل التشكيلات التي تداولت على الحكم منذ سقوط بن علي.
– يعتبر أيضا أنّ انقلاب 25 جويلية ماهو إلّا حلقة من حلقات وأد المسار الثّوري الذي ظلّ يدافع عن نفسه ويقاوم، وقد استعمل الانقلاب ورأسه خطابا ثورجيا لمغالطة الشعب وتصفية مكاسب ثورته وعلى رأسها الحرية السياسيّة مع الحفاظ على مجمل الخيارات الطبقية اللاوطنية واللاشعبية واللاديمقراطية التي كانت السبب في اندلاع الثورة.
– يجدّد موقفه من مغالطة رأس الشّعبوية بمحاولة خلق تنافر وهميّ بين 17 ديسمبر و14 جانفي، تاريخ سقوط بن علي الذي كان قيس سعيّد من بين خادمي نظامه الدكتاتوري، لا تربطه أيّ رابطة لا من قريب ولا من بعيد بنضال الشعب التونسي وثورته. وهو يتوجّه، كما هو واضح، إلى تحويل موعد اندلاع الثّورة إلى مناسبة فلكلورية على شاكلة 7 نوفمبر سيّء الذكر.
– يجدّد قناعته بأن أقصر الطرق لاستعادة شعبنا المبادرة وأخذ مصيره بيده بهدف تحقيق مطالبه وطموحاته التي لخّصها شعار “شغل، حرّيّة، كرامة وطنيّة” وإنهاء منظومة الاستبداد والتبعية والتفقير، إنّما يكمن في استعادة روح 17 ديسمبر المجيد وإعادة تنظيم النضال بالاستفادة من دروس كلّ الانكسارات الحاصلة خلال الـ15 سنة الأخيرة، فوحده النضال الواعي والمنظم والواسع يعيد للشعب كلمته في صياغة مصيره بعيدا عن الشعبوية وعن أوهام المنظومات السابقة التي رهنت البلاد وفقرت الشعب ومهدت الطريق للاستبداد الحالي.
– يدعو الشعب التونسي وقواه الثورية و التقدمية إلى مضاعفة الجهد من أجل توحيد الصفوف والرّفع من نسق النضال لخلق الشروط المناسبة لإسقاط الدكتاتوريّة الشعبويّة وفسح المجال لتكريس البديل الوطنيّ، الديمقراطيّ، الشعبيّ الذي يعبّر فعليّا عن طموحات جماهير شعبنا في التحرّر والانعتاق ويسدّ الباب أمام عودة الاستبداد بعناوين أخرى.


* المجد لثورة 17 ديسمبر/ 14 جانفي
* النصر لنضال الشعب
* يسقط الاستبداد الشعبوي
* الحرية لمعتقلات/معتقلي الرّأي

حزب العمّال
تونس، في 17 ديسمبر 2025