المطالب المستعجلة للنهج الديمقراطي في زمن جائحة كورونا
إن وباء كورونا الذي تسبب، ومازال، في خسائر اقتصادية وبشرية، عبر العالم بشكل عام وعلى مستوى بلدنا بشكل خاص، يضعنا نحن مناضلات ومناضلي النهج الديمقراطي، كمدافعات ومدافعين عن القضايا العادلة للشعب المغربي وعلى رأسه الطبقة العاملة وعموم الكادحين، أمام تحديات كبيرة. وبقدر ما يطول تفشي الوباء بقدر ما تكبر التحديات.
وأول هذه التحديات هو طرح وتقديم اقتراحات، تستجيب لطموحات شعبنا، حول التدابير والإجراءات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي يجب على الدولة المغربية اتخاذها من اجل التصدي للتبعات الخطيرة لهذا الوباء.
ان تداعيات هذه الجائحة كشفت، بشكل لا يدع مجالا للشك، على فشل نموذج النظام الرأسمالي سواء في المركز أو في البلدان التابعة، كالمغرب، وابرز مخاطر ازماته الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والصحية. ان هذه المخاطر التي تؤدي ثمنها الشعوب ويكون اغلب ضحاياها من الطبقة العاملة وعموم الكادحين ستستمر مادام الرأسمال هو المتحكم في مصير البشرية وما لم تستنهض الشعوب قوتها الكامنة من اجل بناء مجتمع اشتراكي تسوده العدالة ويكون الانسان فيه مركز الاهتمام.
ان النهج الديمقراطي يرى ان كل الاجراءات المتعلقة بالحجر الصحي التي تم اتخاذها الى حد الآن لا يمكن ان تكون ناجعة وفعالة دون الاخذ بعين الاعتبار المطالب التالية:
1- بعث روح التضامن والتـآزر والتطوع بين مكونات الشعب المغربي عبر نبذ التعنيف والانفراد باتخاذ القرارات والتخلي عن المنطق الرأسمالي التبعي المخزني في تسيير شؤون البلاد والقطع النهائي مع الليبرالية المتوحشة التي أبانت عن فشلها الدريع في احتواء الأزمة بعد ان استهانت بتحذيرات العلماء التي أطلقوها منذ وباء سارس عام 2003.
2- الرفع من منسوب الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورونا كوفيد 19عبر:
الإقرار الفوري للضريبة على الثروة
إقرار الضريبة التصاعدية على الإرث
إقرار ضريبة على أرباح المضاربات والأنشطة المضرة بالبيئة
حذف الاعفاءات الضريبية
التوقيف الفوري للنفقات غير الضرورية
تحويل الحسابات الخصوصية وميزانية التسلح للصندوق
بدل اغراق الشعب في المديونية بالتوجه لاستعمال خط السيولة وتعميق ارتباط بلدنا ببرامح البنك الدولي وصندوق النقد الدولي
ملاحظة مهمة: تدبير الصندوق بشكل شفاف وذلك عبر نشر حساباته بشكل دوري وعرضها على الشعب بواسطة السمعي البصري
3- توقيف العمل بالميزانية الحالية ووضع ميزانية استثنائية تلبي الحاجيات الأساسية للشعب في زمن كورونا مع الرفع من ميزانيات الخدمات العمومية وعلى رأسها، وبشكل فوري، قطاعي الصحة والتعليم.
4- التوقف عن سداد الديون الخارجية كليا او على الأقل في مواعيد استحقاقها هذا العام وإعادة النظر في اتفاقيات التبادل الحر المجحفة والغير عادلة وفي سياسة تقويم الدرهم كونها في خدمة الرأسمال الاجنبي.
5- حماية الاقتصاد الوطني يمر عبر:
حماية مناصب الشغل والحفاظ على مكتسبات الطبقة العاملة وعدم فسخ عقود الشغل حيث يجب على المشغل ان يستمر طيلة مدة الاغلاق المؤقت الكلي آو الجزئي، في أداء ما يستحقه اجراؤه من أجور وتعويضات وفوائد مادية او عينية كانوا يتقاضونها قبل تاريخ الحجر الصحي.
تعميم الاعانة وتوفير الاحتياجات الضرورية لعائلات الفلاحين الفقراء والعمال المؤقتين والعاملين والعاملات في القطاع غير المهيكل ولعاملات وعمال الإنعاش الوطني باستعمال وسائل سهلة لضمان الاستفادة من الإعانة من بينها تنظيم قوافل متنقلة.
استفادة كل العاملين والعاملات الموقوفين عن العمل قبل بداية الجائحة والمصرحين لذى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي دون شرط التصريح في شهر فبراير لأنه شرط غير واقعي. علما أن تصريح وزارة المالية جاء فيه ان عدد المستفيدين من الإعانة بلغ 810000 أي اقل من ربع المصرح بهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
اعطاء الأولوية في تقديم الدعم للشركات الصغيرة وربط المساعدات المخصصة لكبار الشركات بتدابير تصب في مصلحة الفئات الضعيفة والهشة.
6- التأهب لمواجهة أزمة غذائية محتملة، والتي نبهت إليها منظمة الاغذية العالمية عبر إعادة النظر في السياسة الفلاحية التي فشلت في تحقيق الاكتفاء الذاتي في المواد الأساسية لشعبنا (الحبوب، الزيت والسكر)، ووضع حد للتبعية الغذائية عبر توجيه إعانات صندوق التنمية الفلاحية لتشجيع الفلاحة العائلية القادرة على تزويد الأسواق بالمنتوجات الغذائية الفلاحية بدل صرف ملايين الدراهم على الشركات الفلاحية وكبار المستثمرين في الفلاحة الذين يوجهون منتوجاتهم أساسا للخارج.
7- الاعانة المباشرة للفلاحين الكادحين الذين يعانون من كارثة الجفاف في تزامن مع المعاناة من تبعات جائحة كورونا، مع فتح أسواق مراقبة صحيا لتسويق منتوجهم بالإضافة إلى التوزيع المجاني لأعلاف المواشي.
8- الاهتمام بشكل جدي بالعالم القروي، الذي عاش خلال عدة سنوات الإقصاء والتهميش في مجال الصحة والتعليم والبنيات التحتية والذي يتزامن فيه الجفاف مع الوباء، والإسراع في تهييئ فضاءات الاستشفاء وإمدادها بالأجهزة والمعدات والأدوية الضرورية لمواجهة جائحة كورونا.
9- تعميم تحاليل الكشف عن المصابين أو الحاملين للفيروس على أوسع نطاق باعتباره أنجع وسيلة لحصر كافة الحالات والتمكن بشكل أسرع من محاصرة الوباء ومنع انتشاره .
10- توفير مجانية الولوج لخدمة التعليم عن بعد وتوفير الأدوات والأجهزة الضرورية لمتابعة الدروس عن بعد بما يضمن مبدأي الانصاف وتكافئ الفرص وخاصة في العالم القروي.
11- سحب جميع القوانين المجحفة والتي تكرس الهشاشة وتعمم الفقر وعلى رأسها قوانين الخوصصة والتوظيف بالعقدة وتأميم المحروقات.
إن النهج الديمقراطي إذ يقدم هذه المطالب المستعجلة للتخفيف من معاناة شريحة واسعة من الشعب المغربي يؤكد أن كل هذه الإجراءات والتدابير تستوجب النضال من اجل إطلاق سراح معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين في أفق بناء برنامج وطني ديمقراطي من أجل تحقيق تغيير حقيقي لبناء اقتصاد وطني متحرر وبناء مقومات مجتمع ديمقراطي جديد.
إن النضال من اجل هذه المطالب يفرض توحيد القوى والرقي بعمل الجبهة الاجتماعية وتشكيل جبهة ديمقراطية وجبهة ميدانية وخوض معارك موحدة وقوية من اجل انتزاع مكاسب حقيقية ومواجهة الفساد والاستبداد المخزني، كما يفرض على الحركة النقابية أن تواجه غطرسة الباطرونا وتنسق عملها من اجل الدفاع بحزم عن مصالح الطبقة العاملة وخوض المعارك النضالية الضرورية لفرض الاستجابة لمطالبها المشروعة.
اللجنة الوطنية للنهج الديمقراطي
17 مايو 2020