من وحي الاحداث 376 : ماذا تفعل الدولة لما تتغول الباطرونا؟
من وحي الاحداث 376
التيتي الحبيب
ماذا تفعل الدولة لما تتغول الباطرونا؟
مع جائحة كورونا ازدادت الباطرونا جشعا وأظهرت وجها كانت تحفيه تحت الاقنعة. ضربت جائحة كورونا مصالح الباطرونا في قلب انشطتها الانتاجية والتوزيعية سواء تعلق الامر بإنتاج البضائع المادية او الخدماتية. لقد توقفت الدورة الاقتصادية وأطلقت الدولة المغربية صيحات الاستغاثة او طلب النجدة معتبرة ان كل يوم يتم تسجيل خسارة مليار درهم.
شرعت الدولة قانون الطوارئ الصحية والذي بموجبه تولت وزارة الداخلية التحكم المباشر والعلني في الحياة العامة. وبما ان الباطرونا منظمة بشكل جيد وموحد فكانت مطالب نقابتها او لوبياتها اوامر تصدر في شكل دوريات او تعليمات. اول هذه التعليمات كان هو فتح الباب لتشغيل العمال والزج بهم في دورة الانتاج بل هناك قطاعات لم يشملها قرار الحجر الصحي مثل الفلاحة والمناجم والابناك والمتاجر الكبرى. وبفعل هذه القرارات تحولت المناطق الصناعية الى بؤر انتشار الوباء في المدن الكبرى ثم في باقي مناطق المغرب كما اتضح ذلك في هذه الموجة الثانية من انتشار الجائحة. طبقت الدولة الحجر الصحي بصرامة على المواطن بينما غضت الطرف على الباطرونا.
لم تكتفي طبقة البرجوازية الكمبرادورية وملاك الاراضي الكبار بالزج بارواح العمال وتحقيق نمو الارباح بل انها حصلت على قوانين وتسهيلات ضريبية ومساعدات مالية كبيرة واطلاق اليد في طرد العمال بصفة “قانونية” لما سمح بالتخلص من نسبة 20% من المشغلين. استمرت الباطرونا في الضغط من اجل التراجع على الزيادة في الحد الادنى للأجور ونجحت في ذلك عبر مناورة التفافية بحيث جعلت الالتزام به اختياريا والكل يفهم ان ذلك يعني التملص من اتفاق وقعته نقابة الباطرونا مع المركزيات النقابية. يدل هذا الامر على ان الباطرونا ومن ورائها الدولة تعتبر اللحظة هي لحظة التراجع النضالي والنقابي ولذلك وجب استغلالها الى اقصى درجة.
في هذا الاطار ادرجت الحكومة مشروع قانون الاضراب وهو اخطر قانون تريد الباطرونا تمريره لأنه يمنع قانونيا الاضراب ويجرم المضربين ويقضي نهائيا على روح التضامن بين مكونات الطبقة العاملة.
اننا امام قمة تغول الباطرونا التي تعتقد ان لحظة الجائحة وما نتج عنها من تفاقم البطالة وانتشار مظاهر الفقر في البلاد ستمكنها من تمرير هذه القوانين الرجعية الى حيز قوة القانون. لكن اتضح ان هذه الحسابات باءت بالفشل المبكر لما انتفضت المركزيتين الاساسيتين وعبرت على مواقف اولية حازمة رفضت عرض مشروع القانون على البرلمان مما اضطر الحكومة الى تأجيله الى تاريخ لاحق أي لما تهيئ شروطا اخرى.
ان ما حصل في تعطيل عرض المشروع يجب اعتباره انتصارا اوليا لكنه هش يمكن ان ينهار في اية لحظة، لذلك وجب ان تنخرط كل القوى المناضلة النقابية والسياسية والجمعوية من اجل اسقاطه بالكامل وفرض مناقشته من طرف القوى المعنية المباشرة وخاصة الطبقة العاملة.