من وحي الاحداث 381: متى تصبح ديمقراطية الاغلبية ناجزة درس من بوليفيا
من وحي الاحداث 381
التيتي الحبيب
متى تصبح ديمقراطية الاغلبية ناجزة درس من بوليفيا
فازت الحركة من اجل الاشتراكية البوليفية بزعامة المناضل لويس ارسي في الانتخابات الرئاسية ببوليفيا. هذا الفوز الثمين جاء كصفعة مدوية الحقها شعوب بوليفيا بالخونة الكومبرادور عملاء الامبريالية الامريكية هؤلاء الخونة الذين انقلبوا على الرئيس الشرعي ايفو موراليس واجبروه على مغادرة البلاد واستحوذوا على السلطة بدون موجب حق وضرب ابسط قواعد الديمقراطية التي يتشدقون بها.
متابعة الحالة البوليفية تجعل كلمات الفيلسوف اليوناني ارسطو حول الديمقراطية كل راهنيتها بل تدفع عبر المزيد من التعميق الى طرح سؤال متى تتحول الديمقراطية الى اوليغارشيا وكيف يجب منع ذلك. يعتبر ارسطو ان حكم الفقراء ديمقراطية… وحكم الأغنياء اوليغارشيا ….” ان الاختلاف الحقيقي بين الديمقراطية والاوليغارشيا هو الفرق بين الفقر والثراء، ففي اي مكان يحكم فيه الناس بسبب ثرواتهم – سواء كانوا قلة او كثرة – فهي الاوليغارشيا، وحيث يحكم الفقراء فهي الديمقراطية، لكن الحقيقة هي ان الاغنياء قلة والفقراء كثرة، فقليلون هم ميسورو والحال، على حين ان الحرية يتمتع بها الجميع، والثروة والحرية هي الاسس التي تقوم عليها دعاوي الاحزاب الاوليغارشيا والديمقراطية – على التوالي – للوصول الى السلطة في الدولة…” ) (*)
ففي تصريح للرئيس البوليفي الجديد لويس ارسي قال ” اننا استعدنا الديمقراطي”
في الحالة البوليفية اصبح الصراع عبارة عن رقصة الطانغو بين المدافعين عن الديمقراطية وبين اعدائهم. البارحة فاز ايفو موراليس وتم الانقلاب عليه وهرب خارج البلاد ثم جاء الرئيس الجديد لويس ارسي. الديمقراطية السياسية بهذا المضمون لا تعدو كونها الية الصناديق تغير راس النظام لكن يبقى النظام الطبقي والسلطة الاقتصادية والتحكم في ملكية وسائل الانتاج عند البرجوازية الكبيرة المسندة من طرف الامبريالية كما تبقى الابناك وعلى رأسها البنك المركزي خارج ملكية العامة للشعب. ستنحصر سلطة الرئيس الحالي كما سابقه ايفو موراليس محصورة في التخفيف من الفوارق الاجتماعية والتلطيف من الفقر وسن سياسات تروم ما يسمى التوزيع العادل للثروة وهي فقط سياسة على هامش السلطة الحقيقية.
هل سيجرؤ الرئيس الجديد على تحويل الديمقراطية الراهنة من ديمقراطية الانابة الى ديمقراطية قاعدية للجماهير الشعبية وقلبها مصالح الطبقة العاملة وحلفاؤها الاستراتيجين. هل يستطيع تجدير الديمقراطية عبر الاستحواذ النهائي على الثروة وقيادة الثورة الطبقية تنزع الملكية الكبيرة لوسائل الانتاج والأراضي والتحرر من الهيمنة الامبريالية وتفكيك جهاز الدولة وبناء جهاز جديد بما فيه الجيش وتحويله الى جيش شعبي؟
هذه اسئلة سبق وطرحتها تجربة ايفو موراليس وهيغو تشافييز في فينيزويلا ومادورو اليوم ومن قبلهم تجربة السندينيين في نيكارغوا الذين تحولوا الى سجناء صناديق الاقتراع والسلطة السياسية المفصولة عن قاعدتها المادية.
نحن سعداء بنصر لويس ارسي لكننا متشائمون لأننا نعتقد ان درس التاريخ الذي ذكرناه غير مفهوم كفاية ولذالك قد يضيع الانتصار بسرعة.
…..
(*) “في السياسة” استشهاد اورده ا.س.كوهان ترجمة فاروق عبد القادر لكتاب “مقدمة في نظرية الثورة ” ص ص 58-59