ما هو مستجد الانتفاضة الجزائرية؟
ما هو مستجد الانتفاضة الجزائرية؟
لكل ثورة أو انتفاضة مستجدها يجب كشفه وإدراكه. فمستجد الانتفاضة الجزائرية يكمن في عبقرية صياغة وطرح السؤال الذي بات الشعب الثائر او المنتفض جاهزا للجواب عليه.
بديهي أن كل هذه الثورات او الانتفاضات صاغت السؤال الملموس لكل واحدة منها وحاولت الجواب عليه بشروط وإمكانيات الحاضر.هل ستنجح تلك المحاولة أم تفشل؟ تلك قصة أخرى.
اما بالنسبة للانتفاضة الجزائرية فقد لخصت هذا المستجد في شعار جامع وهو ” تنحاووا كاع…السيستيم ديكاج.”
فإذا كانت انتفاضة الشعب التونسي استطاعت ان تلخص جوابها على سؤال التغيير في شعار ” الشعب يريد إسقاط النظام”؛ فإن الشعب الجزائري بانتفاضته الحالية فهو يرى البديل في هذا الشعار” تنحاوو كاع… السيستم ديكاج”.
لذلك فإننا نتعامل مع هذه الشعارات كتعبير شعبي واسع عن الحالة العامة، السياسية والفكرية والنفسية لأوسع فئات الشعب.
علينا ايضا ان نتمعن جيدا في هذا الاستهداف لما يسمى بالسيستم. وهذا المفهوم يشمل كل أجهزة الدولة ومرافقها، وألحقت به كل الأحزاب والنقابات التي تشتغل من داخل النظام العام ونسقه.
فبالارتكاز الى هذا العداء الصريح مع السيستم كما وضحناه أعلاه يمكننا أن نفهم بسهولة سبب هذه النسبة الغير مسبوقة في مقاطعة الانتخابات ولماذا هذا العداء للأحزاب- اغلبية ومعارضة- ولماذا يتم وصفها هنا عندنا بالمغرب بالدكاكين السياسية.
إن ظاهرة العداء للسيستم أصبحت ظاهرة مشتركة بين العديد من الانتفاضات والثورات والحراكات الشعبية. انها معطى سياسي غير قابل للتجاهل او الاحتقار بدعوى انه عفوي سادج. علينا التعامل معه بكل جدية ورصانة وعمق ولذلك لا بد من طرح سؤال مالعمل؟
اذا تركت الامور على عواهنها فالنتيجة في احسن الاحوال لن تكون مختلفة عما حدث في تونس. هناك استطاع قيس سعيد ان يوظف مناخ معاداة السيستم وينتخب كرئيس للجمهورية، ظاهريا، متحرر من قبضة السيستم، لكن في العمق هو رهينة في يد حزب النهضة الذي أصبحت بيده مقاليد السيستم في صيغته الجديدة.
لذلك نرى انه من الخاطئ تركب الحبل على الغارب. يجب اعطاء اجابة واضحة لهذه الظاهرة وتحويل هذا العداء للسيستم إلى رافعة لإنجاح التغيير الذي ينشده الشعب المنتفض او الثائر بدون ان تسرق تضحياته ويعاد إنتاج السيستم بصيغة متجددة وأكثر خبتا. لذلك نعتبر أن بداية الجواب الرصين والمختلف، هو ما تحاوله الثورة السودانية الراهنة. إن الشعب السوداني يحاول الاجابة على سؤال الثورة والتخلص من السيستم بشعاره الخالد ” إسقاط النظام…تفكيكه..تصفيته” وأسس للأدوات التي ستحقق ذلك، وطرح برنامجا في حده الادنى وفي أفقه المعقول. ان الثورة السودانية ربطت بين الحراكات الشعبية الواسعة وبين التنظيم والتأطير عبر برنامج وخطة وأهداف متصاعدة وقوى تسهر على المتابعة والقيادة والتفاوض. رغم تعثرات هذه الثورة فإنها فتحت افقا نتمنى ان يتحقق فيه مطمح الشهب السوداني ومعه كل الشعوب التواقة للحرية والكرامة والانعتاق من الاستغلال والهيمنة الامبريالية.