23 مارس 1965 شكلت القطيعة بين نظام مستبد وشباب طموح
شكلت 23 مارس 1965 القطيعة بين نظام مستبد وشباب طموح
لم تكن مذبحة 23 مارس 1965 بالدار البيضاء للحركة التلاميذية امرا طارئا أو حادثة سير تعرض لها الشعب المغربي؛ بل كانت إعلان قطيعة تاريخية بين نظام مستبد وشباب عقد الكثير من الآمال على استقلال المغرب. في تلك الأثناء كان المغرب يعيش لحظة استثنائية من تاريخه تتميز بسرعة توالي الأحداث وبقابلية استثنائية لتطور وعي الشعب. كانت طموحات الجماهير وانتظاراتها كبيرة جدا لأنها تعتبر نفسها في معركة استقلال حقيقية تخوضها مثلها مثل باقي شعوب الدول المستعمرة. لكن سرعان ما أدركت هذه الجماهير الثائرة ان الاستقلال الموعود ليس كما كانت تتصوره او تحلم به. انه استقلال مجهض وان الذين اشرفوا على المفاوضات لوضع ترتيبات خروج الجيوش المحتلة والإدارة الفرنسية باعوا القضية وعقدوا صفقة تاريخية بينهم وبين الدولة الفرنسية وان الاستقلال المحصل عليه هو تشين لعهد جديد ابتكرته الامبريالية عهد الاستقلال المشروط بعقود التبعية.
هكذا وبعد أن دشن النظام الجديد تطبيق هذه الخطة بدءا بالانقلاب على حكومة عبد الله إبراهيم وإلغاء كل السياسات والبرامج التي قررتها في مجالات الحريات العامة او في الاقتصاد والقضايا الاجتماعية وفي عقد التحالفات على الصعيد الجهوي أو الدولي أدركت هذه الجماهير بوعيها الحسي أن الاستقلال أجهض وان الانتظارات المعقودة عليه سقطت نهائيا وان معركة التحرير لم تنتهي بل هي دخلت مرحلة جديدة.
كان الشباب هو رأس الرمح في معركة الاستقلال واستطاع أن يحقق وعيا سياسيا لم يتوفر مثله لباقي الأجيال بالمغرب. ومما ساعد على ذلك هو التفاعل القوي بما يجري في دول الجوار سواء في مصر او فلسطين او العراق او الجزائر ناهيك في الصين وفيتنام وكوبا وفي القارات الخمس من حركات التحرير بقيادة الحركة الشيوعية العالمية. لقد امتلك هذا الشباب نظرة نقدية تجاه الأحزاب السياسية وبات يحاسبها ويحملها المسؤولية على الهزيمة التي تكبدها الشعب برمته حين سرقت منه ثورة الاستقلال.
هكذا انفجرت انتفاضة 23 مارس 1965 كترجمة لهذا الاحتقان الشعبي ولهذا النضج في إدراك طبيعة النظام السياسي الجديد بعد صفقة اكس ليبان. إن انتفاضة 23 مارس 1965 كانت إعلان عن القطيعة السياسية بين أهم مكون من مكونات الشعب المغربي ألا وهو شبابه وبين النظام القائم. منذ آنذاك سيدشن هذا النظام سياسة جهنمية لا زالت متواصلة إلى يومنا هذا، جوهرها هو كسر شوكة هذا الشباب عبر تجهيله وتجويعه حتى تسهل عملية التحكم فيه واقتياده إلى حيث تريد مصالح الكتلة الطبقية التي أرست سيادتها وسطوتها على مغرب الاستعمار الجديد.