قيس سعيد مهرج مكلف بمهمة
قيس سعيد مهرج مكلف بمهمة*
يكثر الحديث عن قيس سعيد إلى حد أن هناك من يعتبره ديكتاتورا يقيم الدولة ويقعدها تنفيذا لأوامره الواجبة الطاعة والتنفيذ. تاريخ الرجل ومرجعيته المتواضعة لا تسعف المتابعين للأخذ مأخذ الجد كل ما يقال حول هذا الشخص المتواضع علما ومراسا وحنكة سياسية. انه ليس لا بونابرارث ولا هو فيرديناند لاسال ولا هو جورج واشنطن ولا حتى محمد علي الخديوي. فمن هو قيس سعيد إذا؟ انه ظاهرة سياسية اجتماعية حملتها الموجة الشعبوية المتدحرجة اليوم عبر العديد من بلدان العالم. فبعد إنهاك قوى الثورة التونسية وبعد أن تأكد بالملموس أن القوى الطبقية الثورية ليست مؤهلة بعد لتجذير السيرورة الثورية والمضي بها إلى مداها عبر مراحل إسقاط النظام وتفكيكه ثم تصفيته كما وضحت ذلك القوى الثورية الناهضة في السودان. فنظرا لدخول السيرورة الثورية بتونس إلى عنق الزجاجة لأنها وقفت عند خطوة إسقاط رأس النظام وبقي النظام متحكما في الأمور وأجهزة الدولة صامدة وفي قلبها المؤسسة القمعية من جيش وقوات الأمن والقضاء والسجون… لذلك تمكنت قوى الردة والرجعية من استعادة المبادرة وكُلِّف قيس سعيد بهذه المهمة تحت يافطة الزعيم الشعبي المستقل والممثل للقوى المهمشة.
ساهمت الدولة العميقة ومعها المصالح الامبريالية المتحكمة تاريخيا في الاقتصاد التونسي في تولية قيس سعيد منصب رئيس الدولة ومكنته من القوة الضاربة لحل البرلمان وإبطال أحكام الدستور وتعويضها بترسانة من القوانين والمراسيم موضوعة على المقاس لينتهي بتنصيب لجنة وضع مشروع الدستور الجديد. لعل ما وقع مع هذه اللجنة التي قدمت نسختها لقيس سعيد يفضح حقيقة من هو قيس سعيد. انه مكلف بمهمة نشر الدخان عن القوى المتحكمة في الدولة. انها نفس الكتلة الطبقية السائدة والتي تشكلت في عقود البورقيبيبة والبنعلية. هذه هي القوى التي ألقت بنسخة لجنة الدستور في سلة القمامة واستخرجت نسختها الأصلية التي تشرعن الاستبداد والاستغلال. لقد فرضت رؤيتها الديكتاتورية التي سيمارسها رئيس الدولة المقبل رئيس الدولة من صلب هذه الكتلة الطبقية بعد أن يؤدي المهرج قيس سعيد مهمته ويتم التخلص منه بشكل من الأشكال.
إنها مناورة مفضوحة سرعان ما سيقف الشعب التونسي المناضل على حقيقتها وينهض ليستجمع قواه الثورية لإعادة كرة دفع السيرورة الثورية لسكتها الحقيقية وتستكمل مهامها في التحرر وبناء المجتمع الديمقراطي تحكمه سلطة شعبية ديمقراطية وثورية حقا.