تونس: بيان اللجنة المركزية لحزب العمال
بيان اللجنة المركزية لحزب العمال:
بعد فشل الاستفتاء المهزلة:
لِيرحلْ قيس سعيد
إنّ اللجنة المركزية لحزب العمال المجتمعة في دورتها السادسة والثلاثين التي خصّصتها للنظر في مستجدات الأوضاع العامة في بلادنا،
وبعد التداول في موضوع الاستفتاء المهزلة الذي نظّمه قيس سعيد يوم 25 جويلية 2022 عبر هيئة انتخابية منصّبة لتمرير ما أسماه زورا “دستور الجمهورية الجديدة”،
وبعد تسجيل إصرار قيس سعيد على فرض نتائج هذا الاستفتاء الفاشل والمرور بالقوة إلى المرحلة الموالية من مخططه الرامي إلى وضع اليد على الدولة بأجهزتها ومؤسساتها عبر إعادة هيكلتها وصياغتها وفقا لرؤيته الشعبوية الاستبدادية الواردة في دستوره،
وبعد الوقوف عند تفاقم تدهور الحالة المعيشية للشعب التونسي نتيجة استفحال الأزمة الاقتصادية والمالية وإصرار حكومة سعيّد على تحميل تبعاتها المدمّرة للكادحين والفقراء،
أولا- تعتبر أنّ الاستفتاء الذي كان قيس سعيد يريده مبايعة لشخصه قد فشل فشلا ذريعا رغم تسخير إمكانات الدولة (أجهزة وإدارة ووسائل إعلام وتمويل) وتنصيب هيئة انتخابية على المقاس وشنّ حملات تخوين مسعورة على المعارضين وقمع احتجاجاتهم عشيّة الاستفتاء (22 جويلية 2022). إنّ نسبة المشاركة في هذا الاستفتاء، رغم أعمال التزوير والتدليس المفضوحة، لم تصل حدّ ثلث الناخبات والناخبين المسجّلين رسميّا. وهي نسبة لا تعطي أية شرعية لنتائج هذا الاستفتاء التي أعلنتها الهيئة المنصبة التي ارتكبت من الأفعال المجرمة ما يوجب الاستقالة والمساءلة القانونية فورا.
ثانيا- تؤكّد أنّ نسبة المشاركة في الاستفتاء على الدساتير التي تمثل عقدا اجتماعيا بين أغلبية المواطنات والمواطنين، لا يمكن أن تقلّ عن 50%، ناهيك أنّ هذه النسبة في مستوى الجماعات المحلية (البلديات…) في بلادنا وفي مسائل لا ترقى مطلقا من حيث أهمّيتها وانعكاساتها إلى مستوى الدستور، لا يمكن أن تقلّ قانونيا عن ثلث الناخبات والناخبين في البلدية المعنية. وإن كان قيس سعيّد اجتنب مسبقا تحديد عتبة للاستفتاء على الدستور خارقا بذلك كل المعايير المنطقية والمتعارف عليها دوليا فلتصميمه المسبق، كما فعل في “الاستشارة الوطنية”، على إعلان الاستفتاء “ناجحا” مهما كانت نسبة المشاركة.
ثالثا- تعتبر أنّ دستور 25 جويلية موضوع الاستفتاء، دستور انقلاب، دستور أقلية. إنّ نسبة المشاركة الضعيفة في الاستفتاء تنزع عنه أيّة شرعيّة قانونية علاوة على أنّها تبيّن الطابع الوهمي والديماغوجي لـ”المشروعية الشعبية” التي يدّعيها قيس سعيد منذ انقلابه ويستعملها غطاء لتبرير هذا الانقلاب وتمرير إجراءاته الاستبدادية. وبالإضافة إلى هذا الجانب القانوني، فإنّ دستور سعيّد الذي سقط في هذا الاستفتاء المهزلة لا يعبّر في مضمونه عن تطلعات شعبنا ومطالبه في دولة مدنية ديمقراطية اجتماعية بل هو ينسف المكاسب الديمقراطية والتقدمية التي حققها الشعب التونسي في ثورته وعمّدها بدمه وتضحياته ويؤسّس لحكم فردي مطلق بصلاحيات فرعونية، ويعزّز التوجهات الرأسمالية النيوليبرالية المتوحّشة بإلغاء كلّ دور اجتماعي حقيقي وملموس للدولة. وعلى هذا الأساس فإنّ كل ما سيترتب عن هذا الدستور يُعتبر لاغيا وغير مشروع سواء تعلق الأمر بالنظام السياسي وهيئات الحكم أو بالقوانين التي ستُبنى عليه بدءا بالمراسيم غير القابلة للطعن التي سيصدرها سعيد في المدة القادمة (مراسيم الانتخابات والمحكمة الدستورية ومجلس القضاء…) أو بالخيارات الاقتصادية التي تنتهك السيادة الوطنية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية لعموم الشعب.
رابعا- تعتبر أنّ قيس سعيد أصبح، بعد سقوط الاستفتاء المهزلة أصبح فاقدا كل شرعيّة وأنه بإصراره على مواصلة اغتصاب الحكم يُدخل البلاد في أزمة غير مسبوقة تنذر بكل المخاطر بما في ذلك الانقسام والاحتراب الأهلي. ومن هذا المنطلق فإنّ حماية تونس من هذه المآلات الخطيرة تقتضي تعبئة شعبية واسعة لوضع حد لمسار الانقلاب وفرض رحيل قيس سعيد عن الحكم وفسح المجال أمام الشعب التونسي لإعادة تنظيم مؤسسات الدولة وفق تطلعاته التي تضمن له حياة ديمقراطية حقيقية وفعلية وإنقاذ البلاد من انهيار اقتصادي ومالي غير مسبوق وإعادة بناء الاقتصاد على أسس وطنية وشعبية متينة بما يعيد الأمل لكافة بنات الشعب وأبنائه في إمكانية تحقيق حياة كريمة.
خامسا- تدعو كل القوى التقدمية من أحزاب وجمعيات ونقابات وشخصيات لتوسيع التشاور وتوحيد المجهودات من أجل التصدي المباشر للمشروع الشعبوي الاستبدادي وإسقاطه كمقدمة لاستئناف المسار الثوري في تونس وإنقاذه وكشرط لبناء بديل وطني، ديمقراطي، اجتماعي يقطع مع منظومتي ما قبل 25 جويلية 2021 الرجعية والظلامية ومع ما قبل 14 جانفي 2011 الدكتاتورية التي ثار ضدها الشعب التونسي.
اللجنة المركزية
في 2 أوت 2022