في بعض شروط النضال من أجل تجاوز تأزم الوضع الاجتماعي

في بعض شروط النضال من أجل تجاوز تأزم الوضع الاجتماعي

Edito-800x407 في بعض شروط النضال من أجل تجاوز تأزم الوضع الاجتماعي


في بعض شروط النضال من أجل تجاوز تأزم الوضع الاجتماعي*

انطلق “الموسم الاجتماعي” في المغرب تحت نيران ارتفاع الأسعار، واحتداد الأزمة التي لم يعد بإمكان المسؤولين على إنتاجها إنكار وجودها ولا التستر على حدة تعمقها. وفي مستهل هذا الموسم، أطلق المكتب السياسي للنهج الديمقراطي العمالي مبادرة تستجيب لحاجيات الحركة الديمقراطية المناضلة وتساؤلاتها حول: ما العمل؟ كانت المبادرة الأولية هي ندوة يوم 3 غشت من هذه السنة، حول “الأزمة الاجتماعية والأجوبة المطلوبة” بمشاركة واسعة لفعاليات سياسية، نقابية وحقوقية. إنها أسئلة المنطلقات المؤسسة لبناء تصور متكامل للعمل المشترك لمجموع مكونات الحركة الديمقراطية والمناضلة.

من الواضح جدا أن سؤال الاستراتيجيات الاقتصادية ضمن المشروع المجتمعي، يبقى سؤالا راهنيا يفرض نفسه على نخبتنا أكثر من أي وقت مضى. خاصة وأن هذا السؤال أصبح اليوم محمولا بحرقة اشتعال الحراكات الشعبية المتنامية في كل الجهات. أنها ليست مجرد تدابير إصلاح اختلالات، بل هي اختيارات ورهانات عميقة حول كسب رهان شعب على تحقيق الديمقراطية والتنمية والعيش الكريم. واختصارا تمكين شعب بكامله من حقه في تقرير مصيره واختيار نموذجه المناسب للتنمية والإنماء الذي يريد. بما يعني القرار المستقل في كيفية تعبئة الموارد المتاحة بشكل مستدام وتحرر من تبعية مراكز المنظومة الرأسمالية، وبما يعني أيضا تثمين القدرات الذاتية لتحقيق الانفكاك من التبعية وإرساء قواعد علاقات وتعامل بالمساواة دون انغلاق أو انعزال. فما هي شروط ومداخل المشروع النقيض للنموذج التنموي المخزني؟

في بعض شروط قيام البديل التنموي الديمقراطي:

– الاقتناع بأن نموذج النمو المتبع منذ عقود يخدم تقوية الكتلة الطبقية السائدة ويكرس تسلطها ولا يمكن إصلاحه من الداخل، لأن البنية والسياسات الطبقية الحالية، ملائمة لمصالحها ولمصالح الفاعلين الأجانب المتنفذين؛

– فضح الانحياز والإذعان الفكري للنموذج الرأسمالي المفترس، الذي أبان عن فشله الذريع في تلبية أبسط حاجيات المواطنين؛
– الإقرار بأن الانفتاح السياسي في شكل ديمقراطية الواجهة لا فائدة منه إذا لم يصاحبه تقدم سياسي واجتماعي ملموس ينعكس على حرية ومستوى عيش المواطنين؛

– العمل لأجل ألا يبقى الشعب أعزل سياسيا، فهو يبدع ويجدد الفعل الاحتجاجي، لكن امتلاك الشارع لا يكفي؛

– الشروع في بناء تحالف سياسي حامل للبديل التنموي الديمقراطي.

مداخل البديل التنموي الديمقراطي

هي فقط، بعض المداخل التي من شأنها المساهمة في فتح نقاش عمومي شعبي حول البديل التنموي الديمقراطي المأمول:

– توسيع المقاربة لبلورة نموذج شامل سياسي اجتماعي اقتصادي بيئي وثقافي؛

– تأسيس جبهة شعبية حاملة للبرنامج التحرري ومكافحة من أجله، تتكون من القوى السياسية والجمعوية المقتنعة بالديمقراطية الحقيقية كمدخل فعال لسيادة الشعب؛

– البدء بالضغط الشعبي لإصلاح اقتصادي، يشمل جميع القطاعات ويهدف إلى تفكيك الاحتكارات ووضع حد للامتيازات الريعية، مع استرجاع المنهوب منها مما تم تكديسه من طرف قلة غنية مصدره الإعانات والتحفيزات والإعفاءات الجبائية القانونية (أي من ريع سخي دام لعقود)، والذي هو من نصيب الشعب ومن حقه أن يستعيده؛

– إعادة تأميم القطاعات الهامة وتحريرها من سطوة الرأسمال الكبير المحلي والأجنبي وتوجيهها لخدمة استقلالية القرار الوطني وحاجيات المواطنين؛

– فرض الرقابة الشعبية على المؤسسات العمومية لإيقاف تسخيرها وتوظيفها لصالح المخزن والأثرياء الجدد؛

– النضال من أجل وقف عمليات التخريب التي تمس الخدمات العمومية الاجتماعية (تعليم، صحة، شغل…) ومن أجل مقاومة مخططات الإجهاز على حق الشعب في الحماية الاجتماعية والعيش الكريم.

هذا ومن باب الاستفادة من تجاربنا الناجحة ونقد ممارساتنا الخاطئة، لا بد من إطار ينظم سجالاتنا ويعمقها بما ينتج دعائم تقوية الحراكات الشعبية ومن المفيد أن تكون فروع وتنسيقيات الجبهة الاجتماعية المغربية المبادرة وتفعيل التزاماتها المسطرة في أرضيتها التأسيسية.

إن من شأن الارتقاء بنضالنا وسط الطبقة العاملة بالتحديد ووسط عموم الكادحات والكادحين أن يجعلنا نكسب شرعية مواقفنا ونختبر سياساتنا البديلة وبالتالي حقيقة انتمائنا لحركة النضال من أجل الحرية والمساواة والعيش الكريم وضد الاستغلال والاستبداد.


* كلمة العدد 473 من جريدة النهج الديمقراطي