أزمة الصحة والتعليم ومعاناة الجماهير الشعبية هي نتيجة طبيعية للتوجهات السياسية الطبقية والتبعية للبورجوازية المفترسة

كلمة العدد:
أزمة الصحة والتعليم ومعاناة الجماهير الشعبية هي نتيجة طبيعية للتوجهات السياسية الطبقية والتبعية للبورجوازية المفترسة
يتجه النظام المخزني وحكوماته الرجعية إلى نهج سياسة التقشف في الميزانيات كلما تم الحديث عن التعليم والصحة، فصحة المواطنين وتعليمهم الجيد ليست من أولويات الدولة، والمواطنة المتحضرة مجرد خيال ووهم حين يصطدم الناس بواقع الحال المتسم بالتردي واحتلال مراتب متأخرة وفق المعايير العالمية (التعليم = المرتبة 110 في مؤشر العدالة العالمية / الصحة = المرتبة 94 من أصل 99 دولة في مؤشر الرعاية الصحية العالمي لعام 2025 / مؤشر التنمية البشرية = المرتبة 120 من أصل 193 دولة) ناهيك عن باقي الخدمات والحقوق.
تنقل يوميا عبر وسائط التواصل الاجتماعي وقائع من المستشفيات العامة وحتى الخاصة (وهي مجرد عينات) ما يندى له الجبين من ممارسات حاطة بالكرامة الإنسانية، في حين تزحف الخوصصة والتسليع لهذه الخدمات/الحقوق على نطاق واسع ويعتمد عليها في تحويل الصحة والتمدرس إلى فرصة اغتناء وتحويلهما إلى سلع ثمينة تفقر العائلات باستمرار.
مع ما يعشعش في المرافق الصحية العمومية والخاصة من رشوة وفساد وتدخلات زبونية وأخطاء طبية، وتدبير عشوائي واكتظاظ وقلة الأطباء المتخصصين وتذمر العاملين في القطاع من أطباء وممرضين ومستخدمين، وصعوبة الولوج ونقص في التخصصات وتعطل أجهزة الراديو وعدم وجود أجهزة السكانير و I.R.M، والبعد عن أماكن السكن أحيانا بمئات الكلومترات، وطوابير انتظار وعجز عن اقتناء الدواء وإجراء العمليات الجراحية بسبب ارتفاع الأسعار والتكلفة، وغياب العناية الخاصة والجيدة بالمرضى والأطفال والمسنين والنساء الحوامل…
والتأخر في إنزال مشاريع وبنيات المستشفيات وتجهيزاتها من جهة وعدم كفايتها لتلبية الطلبات المتزايدة …
وغياب المراقبة الجدية للخدمات في القطاع الخاص والعام على حد سواء.
نفس الأمر في التعليم فهو طبقي بامتياز حيث يتم تسليعه وإخضاع تكلفته للعرض والطلب وهو يعاني من مشاكل مماثلة تدبيرية وبنيوية مما يجعل الدخول المدرسي كشاف للاختلالات، فمن جهة التلاميذ استمرار الهدر المدرسي ووجود فئات مجتمعية خارج المنظومة، إضافة إلى الاختلالات في النقل والتجهيزات والداخليات والاطعام وتخلف المناهج والبرامج وتكلفة التمدرس في القطاع الخاص ومختلف التعثرات الطارئة أو العميقة المتعددة الأوجه. أما من جهة العاملين في القطاع من أساتذة وأطر إدارية وتربوية وعمال ومستخدمين فبالإضافة إلى عدم التزام وزارة التعليم بتنفيذ مقتضيات “الاتفاقات والتعهدات” المكتسبة فإن السياسة التعليمية اتجاه العاملين لا توفر الاستقرار الاجتماعي وتكرس سياسة “العمالة الرخيصة” والمثقلة بالمهام، كما يتم تجريم الحريات النقابية قانونا (قانون تجريم وتكبيل الحق في الاضراب…) وتجريم الحق في التنظيم عمليا، وتهديد المكتسبات المتواضعة لأنظمة التقاعد. ويكفي النظر إلى بيانات النقابات وشكاوى المواطنين وانتفاضاتهم وحراكاتهم وتظاهراتهم في العديد من المدن التي كان محركها تدهور الحال في هذين القطاعين (آخرها تظاهرات أكادير، وصرخة مواطن الدريوش ، وقرار الاضراب والتظاهرات أمام وزارة التعليم…) لتبين الأزمة البنيوية للسياسات الطبقية في هذين القطاعين الحيويين.
إن النضال ضد هذه السياسات الرجعية يقتضي رجة لتنظيم وتوحيد النضال الاجتماعي للقوى التقدمية والديمقراطية والحية المناضلة والانصات لنبض استعدادات الجماهير المكتوية بنار هذه السياسات اللاشعبية والضغط الشعبي ضد الميزانيات الطبقية . فالأزمة بنيوية وليست عابرة لكونها نتيجة الطبيعة الطبقية للنظام المخزني وسياسات حكوماته الرجعية وتبعيته للرأسمال المفترس الخارجي والداخلي ولتوصيات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، وهي تتطلب عملا نضاليا سياسيا واجتماعيا نقيضا وطويل النفس ينصت لنبض مطالب الجماهير الشعبية ويوحد نضالاتها، ويدق ناقوس الخطر لما آلت إليه هذه القطاعات الحيوية من تسليع عام وإهدار للحقوق.