اللحاق بالركب مثل الجري وراء السراب
اللحاق بالركب مثل الجري وراء السراب
يدعو الكثير من المثقفين البرجوازيين الليبراليين وحتى اليساريين الاشتراكيين الى تسريع الخطو للحاق بركب الحضارة التي تقودها اوروبا وأمريكا الرأسماليتين. ولهذا لا يكفون عن الاعتقاد والقول انه ومن اجل هزم التخلف وحتى الامبريالية يجب ان نلحق بركب التطور الذي حققته هذه الدول.
فهل لهذا الاعتقاد ما يسنده من دلائل موضوعية وتاريخية؟
يعتمدون على حالة برنامج مارشال الذي طبقته الولايات المتحدة من اجل اعادة بناء اوروبا الغربية المدمرة بعد الحرب العالمية الثانية ويعتمدون ايضا على تجربة اسبانيا والبرتغال واليونان التي الحقت بالاتحاد الاوروبي كما اعتمدوا على تجربة طايوان وكوريا الجنوبية. كل هذه البلدان استطاعت ان تنجز تطورها لأنها تدخل ضمن المركز الامبريالي واعادة بنائه كان خطة دفاعية من اجل وقف الانهيار وتعفن النظام الراسمالي وما يحتويه من قيام الثورة الاشتراكية اما في بلدان المحيط فكانت تلك قلعات متقدمة للمنظومة الامبريالية خضعت لعملية التطوير لتحقيق هدفين مرتبطين الاول جعلها قواعد عسكرية ومنصات اقتصادية للتغلغل الامبريالي في مناطق الصراع والحرب الساخنة تارة والباردة تارة اخرى والهدف الثاني هو تغذية وهم امكانية التقدم واللحاق لشعوب تلك المنطقة ان هي قبلت الرضوخ لاملاءات الامبريالية.
لكن واقع البقية العظمى لبلدان العالم الثالث او المحيط هو المزيد من تنامي الفقر نتيجة غرقها في التبعية والاستنزاف المنقطع النظير للثروات الطبيعية والكفاءات البشرية والسواعد العاملة. وبالنسبة لهذه الاغلبية اصبح هدف اللحاق بالغرب الامبريالي مستحيلا بسبب الهيمنة الرأسمالية على الصعيد العالمي ونجاحها في تقسيم العالم الى مناطق نفوذها تتولى قيادته وتنصيب من يمثلها سواء بالاستعمار المباشر او الغير مباشر. ان هذه البلدان تعتبر الحديقة الخلفية للامبريالية وشعوبها خزان لليد العاملة الرخيصة ومرتعا لسوق المنتجات التي تحقق الارباح الطائلة وسبب وجود النظام الرأسمالي الجشع والمفترس السائد عالميا.
ان الاعتقاد بإمكانية لحاق ركب الدول الرأسمالية الامبريالية سواء من حيث التطور الاقتصادي او المستوى الاجتماعي والسياسي ليس إلا وهما او جريا وراء السراب.