لا بديل عن المقاومة الشعبية نضالا ووحدة
لا بديل عن المقاومة الشعبية نضالا ووحدة
في السنوات الاخيرة لم يعد من الممكن التستر او انكار عمق وشمولية الازمة الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب. لم يعد ذلك ممكنا لان المتضررين انفسهم تاكدوا بان الاتجاه هو المزيد من تفاقم الازمة وشمولها حتى الفئات والطبقات الوسطى وهذا ما تعكسه مختلف التقارير الدولية التي تجري المقارنات بين الوشضع في المغرب مع الدول التي تشبهه بحيث يحتل المغرب اسفل الترتيب في جميع مؤشرات التنمية البشرية والتطور الاقتصادي والاجتماعي.
تخلت الدولة وابواقها عن اسطوانة الاستثناء المغربي وعن الوضع الزاهر رغم بعض الاختلالات او النواقص. كان لزاما على الدولة الاعتراف بفشل اختياراتها التنموية وضرورة البحث عن البدائل وشكلت لجنة استشارية علها تقدم النموذج الجديد الذي يقول العارفون باسرار الامور ان النسخة جاهزة تحتاج فقط لإخراج شعبوي سياسوي حتى تقدم على انها صيغة مغربية وضعت عبر استشارات واسعة ساهم فيها المغاربة بما فيها المتضررون.
هكذا اختار النظام طريقة تدبير ازمته عبر القاء الكثير من الدخان على اسباب الازمة ومسؤولية الفشل للاختيارات وتجنب انطلاق مطالب المحاسبة والقصاص. كم سيدوم الوضع وهل سيؤثر على وعي الناس ويحبط عزيمتهم في المطالب والمساءلة؟ ذلك ما ستكشفه الايام المقبلة.
في مقابل ذلك وطيلة السنوات الاخيرة نفسها التي شهدت تعمق الازمة ومناورات النظام لتغطية المسؤوليات انطلقت موجة جديدة من الحركات الاجتماعية امتازت بالقوة وعمق المطالب. انخرطت في هذه الحركات الاجتماعية مختلف الطبقات الاجتماعية ابتداء من الطبقة العاملة والشرائح الواسعة من كادحي المدن والبوادي والمعطلين الى فئات اجتماعية وسطى من اطباء ومهندسين وصيادلة ومحامين ورجال ونساء التعليم بكل اصنافه.
نظرا لعمق الازمة وشموليتها اتضح للجميع عجز الحكومة على تلبية المطالب بل تهربها من الحوارات الاجتماعية والتنصل من جميع الالتزامات التي سبق الالتزام بها. لم يعد امام المتضررين الا الاستعداد للنضال والاحتجاج مما سمح وسهل بانخراط المركزيات النقابية في هذه الحركية النضالية تارة بشكل فردي او ثنائي او بتنسيق اكبر. في العديد من المناسبات اتضح ان العمل النضالي الوحدوي بين النقابات ومع التنسيقيات امر ممكن وقد تحقق واستطاع تحقيق بعض المكتسبات او وقف موجة من الهجوم والتغول للدولة واجهزتها. في هذا الاطار اصبح من الممكن الكلام عن خلق تنسيق وتجميع لجبهة نقابية واطارات تنسيقية حول مطالب محددة وعلى قاعدة خطة نضالية ولو في حدها الادنى. ان الشروط الموضوعية تسمح بالامل في تحقيق هذا التجمع النقابي والتنسيقيات المهنية والجمعيات الحقوقية والثقافية في جبهة ميدانية نضالية.
الى جانب هذا الشق من الحركية النضالية المجتمعية ظهرت بوادر تشكيل جبهة اجتماعية بين القوى السياسية والنقابية والحقوقية تلتف حول الحد الادنى من القضايا المشتركة وخاصة منها القضايا الاجتماعية.لقد تطلب الامر وقتا مهما للوصول الى هذه النتيجة المتواضعة اليوم لكنها مهمة وواعدة خاصة مع تشكيل روافدها وفروعها في المدن والبلدات المختلفة. يعتبر هدف بناء ال 42 فرعا للجبهة الاجتماعية هدفا مهما وواعدا اذا ما تم تحقيقه وتفعيله. فكلما تحركت هذه الفروع من الجبهة الاجتماعية بشكل منفرد او بشكل جماعي جزئي او حكاعي شامل فان ذلك سيشجع على تشكيل فروع جديدة تلتحق بما تأسس وسينشأ ما يمكن ان نسميه كرة الثلج.
ان النجاح في بناء الجبهتين: الجبهة النقابية المهنية والجبهة الاجتماعية وطنيا ومحليا سيكون هو الرد السديد على تدهور الاوضاع وافلاس الاختيارات التي فرضها النظام طيلة ستين سنة من حكمه المطلق الاستبدادي. اننا بصدد الهيكلة الجديدة للحراكات الاجتماعية المقبلة مما سيمكن من صد تغول اللبرالية المتوحشة ببلادنا او المهيمنة على الصعيد العالمي. اننا بصدد توفير شروط الدفاع الضروري لكل سياسة نضالية فاعلة ومؤثرة في المستقبل. فلهزم الاستبداد والاستغلال المتوحش ليس هناك من بديل عن المقاومة الشعبية نضالا ووحدة صفوف.