البروليتاريا بلا سلاح وبلا قيادة

البروليتاريا بلا سلاح وبلا قيادة

البروليتاريا بلا سلاح وبلا قيادة

إن الحالة الاقتصادية التي يسير عليها الاقتصاد العالمي لم تكمل دورتها النهائية كما هُندس لها وبالتالي لا مجال للتوقف او التباطئ لأن مسار النيوليبرالية لا يتحمل العراقيل أو الحواجز التي تعمل على حصرها أو الوقوف في وجهها، لأنها تشتغل وتعمل وفق برامج ومخططات اقتصادية تنحو نحو عولمتها وذلك بتعميمها على أبعد الحدود وفي نفس الوقت تعمل على إزالة وتدمير كل الحواجزوبقايا الاقتصاديات العصية والصامدة التي ترفض الهيمنة والخضوع لرغبتها أوتقبل الدخول تحت جلبابها، لأن النيوليبرالية تسعى إلى سيادة النمط الرأسمالي الواحد والممركز وتؤمن بالسوق الحرة ولا تقبل بالندية، وهذه نزعة ذات الأصول الامبريالية تسعى إلى السيطرة والهيمنة على الاقتصاد العالمي الذي يعمل من أجل إخضاع كل الاقتصاديات الوطنية المستقلة وبقايا الأنماط العصية التي تعود إلى الثورات الوطنية والاشتراكية، للقضاء على هذه الرأسماليات التي تعتبرها طفيلية ولابد من اقتلاع مصدر الشر الذي يتمثل في نمط الدولة وتعويضها بنظام الأسواق الحرة التي تعمل على تنظيم الحياة الاقتصادية والاجتماعية بشكل أفضل من الحكومات وبنيت هذه النظرية قبيل نهاية القرن الماضي بهندسة انجلو-أمريكية لأنها ترى في تدخل الدولة في الاقتصاد وتنظيم العلاقات الإنتاجية هو مصدر هذه الشرور وبالتالي حددت طبيعة الدولة وشكلها في مرحلة النيوليبرالية في سلطتها وقدرتها على تحرير كل شىء وبهذا الدور تعمل على تغيير الأشكال السياسية والتنظيمية للدولة وتحولت الدولة إلى آلة قمعية تقوم على نظرة متطرفة توجهها الاليغارشية الرأسمالية ولتمارس ديكتاتورية الرأسمال (ديكتاتورية البورجوازية) على باقي الطبقات الاجتماعية والتي تشكل الاغلبية والقاعدة العريضة (الطبقة العاملة وطبقة الفلاحين وباقي الطبقات الأخرى.) ومع هذه المرحلة تنتقل الامبريالية إلى مراحلها العليا، بحيث يسود برنامج اقتصادي واحد ومعمم وهو المهيمن عالميا انتفت خلاله الدولة الوطنية المستقلة عن التبعية للمتربول الرأسمالي وانتفت البرامج والمخططات الاقتصادية والصناعية التي تنتجها الأحزاب الوطنية والاشتراكية واختفت الدولة الوطنية التي تشكلت عبر تاريخ حافل بالمقاومة والكفاح من أجل الاستقلال والتحررمن الاستعمار ومن أجل بناء اقتصاد وطني يلبى حاجيات الشعب ويقوم على إنتاج المعرفة وتوزيع الثروة ويخضع لتوجيه وسلطة الدولة، هذا الشكل من النظام السياسي والاقتصادي لم يعد يساير النيوليبرالية في كل شيء لان الرأسمالية كنمط إنتاج تعمل على بناء نظمها السياسية التي تناسبها وِفق مراحل تطورها ومع التحول السريع للرأسمالية بفعل تطور بنياتها التحتية من آليات الإنتاج وتقنيات والتي توسعت بشكل لاحدود له أصبح كل مكان حيزا لانتاج السلع والثروة ومع مرحلة الإنتاج والاقتصاد الرقمي انتقل النظام الرأسمالي من العولمة الاقتصادية إلى عولمة النظام السياسي بدءً من الحلقات التابعة له ليشمل باقي الأنظمة الأخرى وتكرس نظام السوق الحرة بكونه نظاما حل محل الدولة في تنظيم العلاقات الإنتاجية والاجتماعية إنها شكل الهيمنة الجديدة من خلال البرامج الموجهة التي تفرضها المنظمات الامبريالية (صندوق النقد الدولي، البنك الدولي منظمة التجارة العالمية) إضافة إلى العديد من المعاهدات الالزامية التي تخدم الرأسمال.

وعن طريق هذه المنظمات تحكمت الرأسمالية في مفاصل اقتصاد ات الدول والثروات والطاقة لتنفيذ وتطبيق هذه البرامج في إطار نظام رأسمالي ممركزلابد من فرض نظام ديكتاتورية البرجوازية الاليغارشية (الأقلية) على باقي الطبقات الاجتماعية العريضة كما وصفها ماركس ولينين وتحولت الأوطان إلى أسواق استثمارية لنظام النيوليبرالية الذي خلق شروط تحقيق مسعاه عن طريق تقويض البنى الوطنية وعمل على إحياء النزاعات العرقية والآقليات لتفتيت الشعوب ودعم الفاشيات -ايصالها إلى الحكم- وظهرت التناقضات الاجتماعية التي تحجب الصراع الطبقي وتم تفتيت شمل النقابات باعتبارها تنظيمات قادرة على خوض الصراع وهزم مخططات هيمنة الرأسمال وعملت أيضا على إضعاف حلفاء الطبقة العاملة من أحزاب يسارية ووطنية ومنظمات مدنية وعلى جانب آخرسنت قوانين وصاغت أنظمة جديدة تنظم علاقات الإنتاج قيدت مساحة الصراع وبهذا استطاعت النيوليبرالية نزع سلاح الطبقة العاملةالمتمثل في الإضراب ومجموع القوانين التي تقننه وهو سلاحها الوحيد الذي تملكه والقادر على إجبار الرأسمال على التفاوض والاستجابة لشروط الطبقة العاملة ومع ترهل حلفائها التقليديين (الأحزاب اليسارية) بفعل الضعف وفقدانهم للقوة الجماهيرية تقلص مستوى وعيها الطبقي وسيطرة البيروقراطية عليها أصبحت بلا قيادة وهذا هوالتيهان بعينه واستمرار آلة الرأسمال الأيديولوجية (الإعلام) في التحريض على اليسار ومحاربة الماركسية وبهيمنة وسيطرة الرأسمال المحلي والعالمي على الدولة والذي لم تنج منه الدولة المخزنية التي تعد الحليف التقليدي للنظام الرأسمالي، أصبح الرأسمال هو الذي يوجه السياسة المحلية ويضع القوانين التنظيمية والإدارية من إصلاحات تراجعية تؤمن له البيئة المساعدة وتفرض الشروط التي تشكل المبادئ العامة للنيوليبرالية:

– تخفيض نسبة الضرائب على رؤوس الأموال والأرباح
– خصخصة القطاعات الاستراتيجية والعمومية لفائدة الاستثمار وتجريد الدولة من ممتلكاتهاالعامة.
– تخفيض الأجور.
– إزالة العراقيل التي تحد من حرية الرأسمال والاستثمار.

وبتطبيق هذه المبادئ تم تجزىء النقابات وإضعافها وأيضا بفعل التطور السريع الذي عرفته الرأسمالية على مستوى البنية التقنية والإنتاجية وتوسع الإنتاج إلى إنتاج سلع جديدة (تسليع) الخدمات العمومية التي كانت خارجة والتي أصبحت تشكل أسواقا ضخمة تديرها شركات خاصة وتم إغلاق الشركات غيرالمربحة ونقل أصولها (رأسمالها) إلى وجهات أخرى مما نجم عنه ارتفاع نسب البطالة ومع هذاالتطور السريع تغيرت معه قيم كانت إلى وقت قريب تساعد على التماسك والتضامن وقيم حقوق الانسان وبقدرما يميل ويسعى الرأسمال إلى مراكمة الثروة في كفة أقلية بقدرما تتسع قاعدة الفقر والكادحين وتحولت الديموقراطية من ديموقراطية التصويت البرجوازية إلى ديمقراطية الاستهلاك للاقلية التي تملك وهذه هي الديمقراطية الاستهلاكية.

ولمواجهة هذه الهيمنة الراهنة التي تعمل النيوليبرالية على تهديد العالم واستعمال القوة غير الطبيعية والزج بالعالم نحو حرب عالمية ثالثة مدمرة وسيادة البربرية وإبادة الشعوب ونشر الإرهاب من أجل الربح والسيطرة على خيرات ومقدرات الشعوب مما يفرض علي الطبقة العاملة التوحد وعلى حلفائها أيضا من الأحزاب اليسارية والتقدمية والوطنية التمترس وتشكيل القوة لمواجهة الرأسمالية الامبريالية وإجبارها على الاستسلام ومنع كل المنابر الانهزامية المنبهرة من اليسار بجنون النيوليبرالية وتفسير انهزام اليسار بمعطيات تافهة بعيدة عن التحليل العلمي وبعيد كل البعد عن جوهر الحقيقة في انتظار أن ينهظ لينين يخلصها ويخلص العالم من جحيم الرأسمالية.