مداخلة عن بعد للرفيق عبد الحميد أمين في المؤتمر الوطني 13 للاتحاد المغربي للشغل

عبد الحميد أمين
ـــ مناضل في الاتحاد المغربي للشغل منذ 1970.
ــــ كاتب عام سابق للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي وعضو في قيادته حاليا.
ـــ كاتب عام من 2001 إلى 2012 للاتحاد النقابي للموظفين.
ـــ عضو الأمانة الوطنية للاتحاد من دجنبر 2010 إلى مارس 2012.
مداخلة عن بعد
رفيقاتي ورفاقي المشاركين في المؤتمر الوطني 13 لمركزيتنا، الاتحاد المغربي للشغل؛
كان أملي كبيرا في أن أشارككم أشغال المؤتمر الوطني لمنظمتنا بعد أن تم إقصائي من المشاركة في المؤتمرين 11 و12 الأخيرين؛ لكن الإخوة في الأمانة الوطنية كان لهم رأي آخر، فقرروا إقصائي مع ثلاثة رفاق آخرين (عبد الرحيم هندوف، محمد هاكش والطاهر الدريدي)، من مجرد الحضور في المؤتمر، وذلك بعد أن تم اختيارنا كمؤتمرين بالإجماع من طرف المكتب الجامعي لجامعتنا. وقد جاء هذا الإقصاء التعسفي دون أي تعليل جدي لمناضلين كرسوا حياتهم النضالية النقابية منذ نعومة شبابهم لتطوير العمل النقابي، بالاستناد على مقومات هوية ومبادئ مركزيتنا الستة (الوحدة، التضامن، الديمقراطية، الاستقلالية، التقدمية، والجماهيرية) وعلى الشعار الخالد “خدمة الطبقة العاملة وليس استخدامها”. لذلك فأنا أطالب وبإلحاح بالتراجع الفوري عن إجراء الإقصاء وتمكين المناضلين الأربعة من الالتحاق بالمؤتمر.
الرفيقات والرفاق
يأتي مؤتمرنا غداة الاحتفال بإحياء الذكرى 14 لانطلاق حركة 20 فبراير المجيدة والتي شكلت بشعارها الخالد (كرامة، حرية، عدالة اجتماعية) وبتظاهراتها الضخمة في معظم مناطق بلادنا ولمدة أزيد من سنة، الأمل الديمقراطي لشعبنا ومناضليه الساعين للتخلص من الاستبداد والفساد وإلى إقامة نظام ديمقراطي يضمن كافة حقوق الإنسان للجميع.
ونحن طبعا كطبقة عاملة، ورثة حركة 20 فبراير وانتفاضة 8 دجنبر 1952 المجيدة، سنظل نناضل من أجل مغرب الديمقراطية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، من أجل مغرب تكون فيه الطبقة العاملة سيدة نفسها وطليعة للكفاح الشعبي ضد السيطرة المخزنية وضد الرأسمالية المتوحشة في أفق بناء المجتمع الاشتراكي المنشود الذي تكون فيه السلطة السياسية والاقتصادية في حوزة الطبقة العاملة وحلفائها.
الرفيقات والرفاق المؤتمرين
لقد خضنا في الفترة الأخيرة وبالخصوص يومي 5 و6 فبراير، مع الإضراب العام الوطني، معركة كبرى ضد مشروع القانون التكبيلي للإضراب. وقد تمكنت الرأسمالية المتوحشة بدعم من الدولة المخزنية من فرض مصادقة البرلمان بأغلبيته المخدومة على هذا القانون المشؤوم الذي يشكل حكما بالإعدام على ضمان الحق الدستوري والإنساني في الإضراب.
وإذا كان هناك بعض المتخاذلين والمنهزمين يعتبرون أن المعركة قد انتهت بهزيمة تاريخية للطبقة العاملة، فإنني أعتبر، ومن منظور رفع راية النضال النقابي والسياسي والجمعوي التقدمي والوحدوي، أنه يجب العمل على مواصلة المعركة من أجل إسقاط القانون التكبيلي للإضراب بالموازاة مع مواصلة المعركة لإلغاء الفصل 288 المشؤوم بشأن ما يسمى بعرقلة حرية العمل.
إن الرأسمالية المتوحشة مدعومة بدولتها المخزنية، بعد أن تمكنت من تمرير قانون الإضراب ستعمل وبسرعة على تمرير التشريعات الأخرى النكوصية بدءًا بالمخطط التخريبي لمكتسبات التقاعد والتعديل الرجعي لمدونة الشغل وقانون إدماج CNOPS وCNSS وقانون النقابات المخرب للحقوق النقابية ومخطط تفكيك الوظيفة العمومية.
وبصراحة ووضوح أؤكد أنه لا يمكن لأية قوة نقابية وحتى لمركزيتنا، باعتبارها الأقوى والأكثر تمثيلية، أن تواجه بمفردها هذا الطوفان الساعي إلى تمرير القوانين الاجتماعية الرجعية بالموازاة مع الهجوم على المكتسبات في مجال التشغيل والتعليم والصحة وعلى القدرة الشرائية للمواطنين الذين يعانون من الغلاء الفاحش للمعيشة ومن التفقير المتواصل والعطالة المتنامية.
لذا لا بد أن نرد الاعتبار للنضال الوحدوي في أفق الوحدة النقابية التنظيمية المنشودة التي خبرتها بلادنا من تاريخ تأسيس مركزيتنا في 1955 إلى 1960 سنة أول تقسيم فرضه حزب الاستقلال على الحركة النقابية.
لا بد أن نكون مبادرين إلى تجميع كافة القوى النقابية المناضلة حول برنامج نضالي يسعى للحفاظ على المكتسبات والدفاع عن الحقوق وحتى “يستمر النضال من أجل الحريات النقابية والكرامة والعدالة الاجتماعية” كما جاء في شعار مؤتمرنا الحالي.
وفي هذا الإطار نستذكر تجربة العمل الوحدوي التي عرفتها بلادنا ما بين 2014 و2016 والتي مكنت من توحيد 5 نقابات أهمها الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل، مع العلم أن هذه التجربة عانت من عدد من النواقص أبرزها ضعف مأسسة العمل الوحدوي وغياب الامتداد القطاعي والمجالي لهذا العمل الوحدوي والحسابات الضيقة هنا وهناك.
وأمام جبروت الرأسمالية المدعومة من طرف الدولة المخزنية، فإن الوحدة النضالية النقابية تبقى هي الأخرى غير كافية ولا بد من دعمها بالوحدة الشعبية التي تستوجب المشاركة والتعبئة لكل القوى الديمقراطية والحية ببلادنا على أساس برنامج نضالي موحد غايته انتزاع الحقوق والحريات وفي مقدمتها إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، وتحسين الأوضاع المعيشية للفئات الشعبية المفقرة والتخلص من الاستبداد والفساد.
الرفيقات والرفاق المؤتمرين
إن تحقيق أهدافنا النقابية يتطلب المواجهة الحازمة والوحدوية لأعداء الطبقة العاملة وهذا ما يتطلب بدوره تعزيز الوحدة الداخلية لمركزيتنا على أساس احترام آليات التنظيم الديمقراطي. وهنا يجب التذكير بالمقولة الشهيرة: “من لا تنظيم له، لا قوة له ومن لا قوة له لا حقوق له، ومن لا حقوق له لا كرامة له، ومن لا كرامة له لا حياة له”.
نعم يجب أن نقوي الثقافة التنظيمية داخل مركزيتنا بمختلف مكوناتها ويجب كذلك أن نعزز الديمقراطية داخل المركزية. وهنا يجب الإشارة إلى عدد من الممارسات التي عاشتها مركزيتنا في المدة الأخيرة والتي ضربت في الصميم مبدأ الديمقراطية الداخلية دون الحديث عن الإقصاء التعسفي للمناضلين الأربعة من المشاركة في المؤتمر الحالي.
وأشير هنا إلى بعضها فقط:
– تخلي المؤتمر 12 عن تحديد الصلاحيات القصوى للأمين العام في ولايتين فقط (8 سنوات) كما جاء ذلك في القانون الأساسي المعتمد في دجنبر 2010 من طرف المؤتمر 10 للمركزية.
– تهميش دور اللجنة الإدارية للمنظمة، كما اتضح ذلك من خلال عدم جمعها طيلة 10 سنوات (4 سنوات بعد المؤتمر 11 وست سنوات بعد المؤتمر 12)، من خلال عدم إشراك أعضائها بالصفة في المجالس الوطنية ومن خلال عدم إشراكهم كمؤتمرين بالصفة كما ينص القانون الأساسي على ذلك.
– انتخاب الأجهزة بالجملة على ضوء مقترحات لجنة الترشيحات بدل انتخابهم بالتسلسل المنطقي المعروف الوارد في القانون الأساسي للمنظمة.
إن غيرتنا على الديمقراطية الداخلية هو جزء من الغيرة على المنظمة ولا بد للجميع من تصحيح الأوضاع في هذا المجال إذ أن قوة التنظيم تستمد بالأساس من احترام الديمقراطية الداخلية.
رفيقاتي، رفاقي المؤتمرين
لا يفوتني في الأخير أن أشير إلى معاناة الشعب الفلسطيني جراء فاشية الاستعمار الصهيوني المدعوم من طرف الامبريالية الغربية وعلى رأسها الامبريالية الأمريكية عدوة الشعوب ومشعلة الحروب. وإن ما يعمق مآسي شعبنا الفلسطيني هو التخاذل والتواطؤ العربي والذي يتحول إلى تطبيع سياسي واقتصادي وثقافي ورياضي وعسكري وأمني كما هو الشأن بالنسبة للمغرب الذي وقع على اتفاقية التطبيع المخزية منذ أربع سنوات في 22 دجنبر 2020. ولهذا وجب علينا كمركزية أن ننخرط في الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع ويجب أكثر من أي وقت مضى أن نتشبث بشعار “فلسطين أمانة والتطبيع خيانة”.
وأخيرا أشير إلى أنني صغت هذه “المداخلة عن بعد” دون انفعال واعتمادا على طرح القضايا بموضوعية مؤكدا مرة أخرى أنني عضو في المركزية كنت، وعضوا في المركزية سأظل؛ كما سأبقى مناضلا ملتزما بأهداف الطبقة العاملة في نضالها ضد الامبريالية والرأسمالية ومختلف أصناف الرجعيات ومن أجل مجتمع اشتراكي في أفق المجتمع الخالي من الاستغلال والاستلاب.
وتحية نضالية لكل المناضلين/ات الشرفاء وسائر المؤتمرين ومتمنياتي بالنجاح للمؤتمر الوطني.
الرباط في 21 فبراير 2025.