الحق في المقاومة، تعبير عن الصراع الطبقي والطريق إلى المجتمع الجديد
مرتضى العبيدي
بقلم فلور أناهي بويبلا
ترجمة مرتضى العبيدي
منذ انقسام المجتمع إلى طبقات بعد تطور الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، كان هناك صراع مستمر بين المستغَلين والمستغِلين الذين يسعون إلى تحرير أنفسهم، في حالة المستغَلين والمضطهدين، و/أو للحفاظ على نظام التشغيل في حالة الطبقات المهيمنة.
هذا ما قاله ماركس وإنجلز في بيان الحزب الشيوعي: “إن تاريخ أيّ مجتمع حتى اليوم هو تاريخ الصراع الطبقي. الأحرار والعبيد، النبلاء والعامة، البارونات والأقنان، المعلمين والصناع. في كلمة، الظالمون والمضطهدون، وجهاً لوجه دائمًا، منخرطون في نضال مستمر، خفيّ أحيانًا، وأحيانًا مفتوح وصريح، في نضال يؤدي في كل مرحلة إلى إما للتحول الثوري للمجتمع بأكمله أو بهلاك الطبقتين المتصارعتين”.
في إطار هذا النضال، يمكننا أن نحدد من جانب الطبقات المضطهدة ما يسمى اليوم بالحق في المقاومة، والذي تم تعريفه وتكرسه بطرق مختلفة في تاريخ البشرية وذاك منذ ظهور الطبقات الاجتماعية.
حتى اليوم، تم المطالبة بهذا الحق ضمن “الإطار القانوني” للدولة، سواء أكان النظام عبوديا أم إقطاعيًا أم رأسماليًا، كوسيلة لضمان بقية حقوق الإنسان التي انتهكها حكام ذلك الوقت بواسطة ممارسة اضطهاد الطبقات السائدة باستخدام جهاز الدولة.
وبالتالي، “يجب أن يُفهم حق المقاومة على أنه حق الفرد أو الجماعات المنظمة أو الشعب في الاعتراض بكل الوسائل، بما في ذلك القوة ضد أي سلطة غير شرعية أو ضد ممارستها التعسفية (فيلاتسي، لويس: حق المقاومة في دولة الإكوادور الدستورية، أوت 2021).
وعلى الرغم من المطالبة بهذا الحق منذ العصور القديمة، على سبيل المثال، في اليونان القديمة، تطرق أفلاطون الى الاستبداد وحق الناس في الدفاع عن أنفسهم ضد المستبدين والظالمين. كما عالج سوفوكل الخطوط العريضة لهذا الحق في مسرحيته “أنتيجون”. وبالمثل، في بداية العصور الوسطى، وُجد وتكرس حق التابع لكسر الرابطة الإقطاعية في حالة انتهاك الإقطاعي لهذا العقد، فإنه من المهم فهم أو تحليل هذا الحق في التاريخ الحديث، أي منذ بدايات المجتمع كما نعرفه اليوم.
مع ظهور الثورات الليبرالية، اتخذ هذا الحق شكل حق طبيعي يهدف إلى حماية الفرد والمجتمع من الاضطهاد. وهكذا، على سبيل المثال، يتحدث إعلان استقلال الولايات المتحدة عام 1776 عن هذا الحق على النحو التالي: “نحن نعتبر هذه الحقائق بديهية: أن جميع الناس خلقوا متساوين؛ وأن خالقهم منحهم حقوقًا معينة غير قابلة للتصرف؛ ومن بينها الحياة والحرية والسعي وراء السعادة؛ ولضمان هذه الحقوق، يجب أن يتم بين الناس تأسيس حكومات تستمد شرعيتها من موافقة المحكومين؛ على أنه كلما أصبح أي شكل من أشكال الحكومة مدمرًا لهذه المبادئ، فمن حق الشعب إصلاحه أو إلغاءه، وتشكيل حكومة جديدة على أساس هذه المبادئ، وتنظيم سلطاتها بالشكل الذي يعتقدون أنه يتوفر على إمكانيات أفضل لتحقيق أهدافهم وسلامتهم وسعادتهم “.
كما نجد أيضا في إعلان حقوق الإنسان والمواطن (1789) للثورة الفرنسية، والذي تم تطويره في المواد الثلاثة الأخيرة في الصياغة اللاحقة بتاريخ 24 جوان (يونيو) 1793، المواد الصريحة التالية:
– المادة 33. مقاومة الاضطهاد تأخذ شرعيتها من بقية حقوق الإنسان.
– المادة 34. يُعتبر اضطهادا للجسم الاجتماعي عندما يتعرض أحد أعضائه للظلم. يوجد اضطهاد ضد كل عضو عندما يكون الجسم الاجتماعي مضطهدًا.
– المادة 35: عندما تنتهك الحكومة حقوق الشعب، يكون العصيان للشعب ولكل قسم من أقسامه أقدس الحقوق وأهم الواجبات.
في الإكوادور، شهد هذا الحق تطورًا جديدًا نسبيًا (من حيث القانون الدستوري). تضمن الدستور السياسي لإكوادور لعام 1998 الاستنكاف الضميري (l’objection de conscience) من الخدمة العسكرية الإجبارية في المادة 188، التي أنقذت الطبيعة الإلزامية للخدمة العسكرية واقترحت خدمة مدنية بديلة أو خدمة مدنية ذات مصلحة عامة في حالة الاستنكاف الضميري بسبب أخلاقي أو ديني أو لأسباب فلسفية ويُعتبر ذلك خطوة أولى نحو الاعتراف بالحق في المقاومة.
في وقت لاحق، في عام 2008، مع إصدار الدستور الجديد Magna Carta، والذي هو ساري المفعول حاليًا، تم الإعلان عن الحق في المقاومة. إذ تنص المادة 98 على ما يلي: “يجوز للأفراد والجماعات ممارسة حقهم في مقاومة أفعال أو تقصير السلطات العامة أو الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين من غير أعوان الدولة الذين ينتهكون أو قد ينتهكون حقوقهم الدستورية ومن حقهم المطالبة بالاعتراف بحقوق جديدة”.
وبهذه الطريقة، ينضم دستورنا إلى العديد من الدساتير الأخرى التي يتجسد فيها هذا الحق حرفياً ويشكل أداة تسمح للعمال والشعوب بممارسته بقوة أكبر.
بصفتنا ماركسيين-لينينيين، يجب أن نكون واضحين أنه حتى لو كان هذا الحق مكرسًا في دستور الدولة، فليس هناك ما يضمن أن يصبح وسيلة لتلبية احتياجات الشعب، لأننا في حدود وضمن إطار الدولة الرأسمالية، التي هي، حسب تصورنا، أداة لاضطهاد الطبقة البرجوازية للطبقة العاملة.
ومع ذلك، فهو يؤكد، كما ذكر في بداية هذا المقال، أن الصراع الطبقي لا يزال القوة الدافعة للمجتمع، وبالتالي فإن الطريقة الوحيدة للقضاء على الاستغلال والقمع اللذين يبرران ممارسة حق المقاومة هو تدمير الدولة الرأسمالية وهذا النظام الطبقي الذي تأسس على أساس استغلال الإنسان للإنسان، لتأسيس المجتمع الجديد، المجتمع الاشتراكي فالشيوعي، حيث يتم القضاء على العلاقات الاستغلالية لإفساح المجال للتطور الكامل للبشرية.
بهذا المعنى، لم يكن عمال وشعوب الإكوادور بحاجة إلى أنظمة أو قوانين للانتقال إلى النضال من أجل حقوقهم. تاريخيا، عندما رفعوا راية النضال من أجل مجتمع أكثر عدالة. والمثال على ذلك هو الحلقة الأخيرة من نضال العمال والشعوب الأصلية والقوميات الذين هزموا الحكومة القائمة مرة أخرى. كانت أياما صعبة لكنها أكدت أن طريق النضال والمقاومة الشعبية هي السبيل الوحيد للحصول على حقوقهم وباعتبارها الطريق إلى تدمير هذا النظام اللاإنساني وبناء نظام جديد أكثر عدلاً وأفضل، كما أعادت التأكيد على الدور الريادي لجماهير العمال والفلاحين في العملية الثورية وعلى أن الجماهير هي التي تصنع تاريخها.
هذه الانتفاضة تؤكد في وعي الناس ضرورة اللجوء إلى العنف الثوري والمنظم في مواجهة دولة متعطشة للدماء تستخدم أجهزتها القمعية من الشرطة والقوات المسلحة، دون حدود ضد الشعب عندما تكون المصالح الطبقية التي تمثلها مهددة، وهي نفس الأجهزة التي تصبح عديمة الفائدة عندما يتعلق الأمر بمحاربة المافيات المنظمة على رأس الدولة، أو لحماية الناس.
هذه الانتفاضة هي جزء من سياق دولي للنضال من قبل الطبقة العاملة والشعوب ضد نظام كان في أزمة منذ عدة سنوات، وهي أزمة تفاقمت بسبب الحرب بين القوى الإمبريالية في أوكرانيا، والتي تواجه الإمبريالية الأمريكية وحلفائها من جهة، والإمبريالية الروسية من جهة أخرى.
انتفاضة كان الخاسر الأكبر فيها حكومة تراجعت مرة أخرى عن العديد من إملاءات صندوق النقد الدولي، واضطرت للجلوس والتفاوض مع الشعب وإقرار تدابير مختلفة لمساعدة شعب يعاني. إنها أزمة نظام متهاو، عفا عليه الزمن.
لهذا السبب فإننا، عمال وشعوب الإكوادور والعالم، مدعوون لممارسة هذا الحق المشروع في المقاومة، ولعب دور قيادي في الفصول الجديدة من تاريخ النضال الطبقي، وتنظيم الثورة البروليتارية في كل مكان من أركان العالم حتى الاستيلاء على السلطة وبناء عالم جديد من المساواة الحقيقية والأخوة، عالم الاشتراكية والشيوعية.
جويلية 2022
صدر المقال في “المجلة السياسية”، العدد 37، جويلية 2022