متى تتحول الأزمة البنيوية إلى أزمة ثورية؟
متى تتحول الأزمة البنيوية إلى أزمة ثورية؟
حتى لا نرجع كثيرا للوراء في ما يتعلق بالتجربة التاريخية ببلادنا نكتفي بالوقوف على درس حركة 20 فبراير الذي يقول أن الأزمة البنيوية للنظام ببلادنا قابلة للتحول إلى أزمة ثورية، لأن الشروط الموضوعية مجتمعة أو قريبة من ذلك، لكن الشرط الذاتي الذي يسمح للمحكومين برفض سلطة الحاكمين وبالتالي ينظم المحكومين من اجل الإطاحة بسلطة الحاكمين هو شرط غائب أو غير مبلور كفاية.
في الجواب على سؤال الشرط الذاتي انقسمت القوى المناضلة إلى اتجاهين اثنين:
+ الأول، اتجاه إصلاحي يخاف من الهبة الثورية ويعتبرها مغامرة قد تعصف بالمغرب وتضعه بين أيدي الإسلام السياسي، ولذلك يسعى هذا الاتجاه إلى التحالف مع الاستبداد المتنور مع الرهان على إصلاحه وتحويله إلى ملكية برلمانية. يعتبر هذا الاتجاه نفسه هو اليسار ويجادل في يسارية الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية وفي نفس الوقت يضع اشتراطات في وجه أي تحالف مع التوجهات الثورية التي يصفها بالمغامرة. يرى هذا الاتجاه الإصلاحي أن الوسيلة الأساسية للنضال هي العمل من داخل المؤسسات، ولذلك يعترف بالدستور الممنوح، ويشارك في الانتخابات عمليا بدون قيد أو شرط رغم الخطاب الملقى على عواهنه حول تخليق الحياة السياسية رفعا لكل حرج.
+ الاتجاه الثاني، فهو متشبث بالقطائع التي توصلت إليها الحركة الماركسية اللينينية المغربية وخاصة منظمة إلى الأمام. يرى هذا الاتجاه أن النظام القائم أجهض معركة تحرر شعبنا من الامبريالية وسيطرتها وهو غير قابل للإصلاح؛ الأمر الذي ازداد وضوحا في العقدين الأخيرين، وينطلق هذا التوجه من المبدأ القائل بان التغيير هو من صنع الجماهير وله مضمون طبقي، ويقع على الطبقة العاملة المغربية واجب قيادة هذا التغيير لما تتوفر لها الشروط الذاتية ومنها بناء أدوات التغيير الثوري وعلى رأسها الحزب المستقل وجبهة الطبقات الحليفة لأخذ السلطة.
من خلال هذا التشخيص لواقع القوى التقدمية ببلادنا يتضح أن الكلام عن اليسار الجديد بمضمون انخراطه في المنظومة الفكرية والأيديولوجية لمدرسة فرانكفورت أو أتباع النظرية النقدية ومشتقاتها “المجددة” للماركسية ومنها الشعبوية اليسارية التي تتبنى خطاب شعب اليسار والحركات الاجتماعية كبديل عن الصراع الطبقي وبناء أدوات التدخل الواعي للطبقات الاجتماعية وعلى رأسها الطبقة العاملة؛ فان هذا المفهوم لليسار لا يمكن تعميمه على مجمل القوى التقدمية المغربية وفي طليعتها القوى الماركسية اللينينية الثورية.
في المغرب شأنه شأن العديد من البلدان يجري اليوم الفرز بين توجهين اثنين: توجه تقدمي إصلاحي، وتوجه تقدمي ثوري. ففي التوجه الأول نجد تيارات كثيرة تبدأ من الإصلاحي القابل للاندماج في بنية النظام وتوجه إصلاحي جدري وتوجهات بين بين. هذه التيارات تعتبر نفسها يسارية بالنسبة للنظام في مواجهة تيارات وقوى أخرى يمينية. هذه التيارات اليسارية تسعى إلى بناء خط شعبوي يساري يريد أن يعبر على شعب اليسار تماما كما تفعل الشعبوية اليمينية التي تدافع على قيم اليمين في الدولة وامتداداته داخل الشعب. وهذه التيارات تقبل بان تنعت أو تنتمي لما يسمى باليسار الجديد.
اما التيارات التقدمية الثورية فهي في تناقض تام مع النظام وتتكون من توجهات ماركسية وماركسية لينينية وفعاليات أو حساسيات اناركية وبعثية/ناصرية..
نقطة ضعف التوجهات الاصلاحية والثورية هي ضعف القاعدة الشعبية والعجز الفادح للتحول كتعبيرات سياسية عن مصالح طبقية وبخاصة الطبقة العاملة المغربية.