افتتاحية: من مظاهر الدولة الفاشلة التفريط في المدرسة العمومية
كلمة العدد 535 من جريدة النهج الديمقراطي
من مظاهر الدولة الفاشلة التفريط في المدرسة العمومية
تنزعج الدولة كثيرا لمّا يتم وصمها بالدولة الفاشلة، وتعتبر ذلك مزايدة من طرف الخصوم الذين تنعهم بدورها بالعدميين، لكن ما تعرفه الساحة النقابية والسياسية. يقدم بالحجج الدامغة، ما يجعلنا بدورنا نتشبث بوصم الدولة بأنها فاشلة، وهي ماضية في هذا الطريق بسرعة كبيرة وأزمتها البنيوية تكبر وتتدحرج ككرة الثلج.
إن أزمة التعليم والتي تفاقمت إلى حد أصبح يهدد التلاميذ بالسنة البيضاء؛ أظهرت بأن الدولة لا تهتم بمصالح شغيلة التعليم ولا بحقوق التلاميذ، وإنما هاجسها هو الامتثال إلى تعليمات صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي الرامية إلى التخلص من الوظيفة العمومية ومن التعليم العمومي وفي قلبه المدرسة العمومية. هذا هو دأب الدولة بالمغرب إنها كانت ولا تزال التلميذ النجيب والمنبطح لمانحي القروض وعلى رأسهم تلك المؤسستين الامبرياليتين.
عالجت الدولة أزمة قطاع التعليم بعقلية متخلفة لما اعتمدت على قيادات نقابية معزولة وتكاد تكون منفصلة عن القاعدة العظمى من شغيلة التعليم، كانت تبحث عمن يُسوِّق خطة ضرب المدرسة العمومية فوجدته في هذه القيادات الفاشلة، وبذلك اعتمدت هذه الدولة على جهات أفشل منها. عجزت حتى على اقناع اغلبية المنخرطين في صفوفها.
لكن صمود الشغيلة المنخرطة في هذا الحراك النضالي الجديد الذي عرفه المغرب في العشرية الأخيرة، جعل كل حسابات ممثلي صندوق النقد الدولي والبنك العالمي تصطدم بصخرة الرفض والمعاندة الشرعيين والإعلان عن إرادة جديدة أخذت تتبلور في صفوف هذه الفئة الواعية والراغبة في الدفاع عن حقوقها ومن ضمنها الذود على المدرسة العمومية. لقد سقط في يد الدولة لما أصرت على تشتيت الصنف النقابي لتمرير مخططها، وفي نفس الوقت إفراغ النقابات من قواعدها وجعل الشغيلة تنفض يدها من العمل النقابي. أظهر الحراك التعليمي أن العمل النقابي المكافح والمبدئي ممكن، وقد استطاعت الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي أن تلعب هذا الدور، وأن تتحمل مسؤوليتها التاريخية
وأن تلف حولها أوسع القواعد وبالمرونة المطلوبة.
أن تهب شغيلة التعليم للنضال وتقدم الكثير من المطالب المشروعة فهذه بداية نهوض جديد لمثل هذه الفئات الطبقية المنتمية للطبقة الوسطى التي تعرضت لعملية تفقير جارفة طيلة السنوات الأخيرة. فالعديد من هذه الفئات تدهورت أوضاعها الاجتماعية لتجد نفسها ضمن الطبقات الفقيرة والكادحة. فمن مظاهر فشل الدولة هو أن تتقلص قاعدتها الاجتماعية أو أن يتعرض الحزام الاجتماعي المحيط بقاعدتها الطبقية إلى الفقير والتحريف والانحدار في السُلَّم الاجتماعي، والأدهى من ذلك هو الا تجد هذه الدولة ما تقدمه لهذه الفئات الاجتماعية إلا المزيد من سياسات التفقير والإجهاز على ما تبقى من القدرة الشرائية التي كانت تتميز بها.
على القوى المناضلة في المجالين النقابي والسياسي الاهتمام بهذه التجربة الفريدة في قطاع التعليم، وأن تدرسها لتستخلص ما تراه يفيد نضال شعبنا في القادم من الجولات بكل تأكيد. على هذه القوى أن تحاسب كل من تهاون أو خذل القواعد النقابية أو السياسية على هذه القوى أن تستخلص الدرس الأساسي من تجربة هذا الحراك المميز الذي استطاع أن يبني الكتلة الحاسمة في كل نضال التي تفرض على الدولة ومختلف أجهزتها أن تتراجع وتتعامل مع مطالب الحراك بما يلزم من الجدية والندية.
إن الدفاع على المدرسة العمومية ممكن شريطة أن تصبح تلك من مهام كل القوى النقابية والسياسية والجمعوية، وان تنخرط مجمل الطبقات الشعبية صاحبة الحق والمصلحة في التعليم العمومي ومختلف الخدمات الاجتماعية الأساسية من صحة وسكن لائق والشغل الحافظ للكرامة والمنتج.