افتتاحية: ولأن الاعتداء كبير على الحقوق الأساسية … يكون الرد سياسيا

افتتاحية: ولأن الاعتداء كبير على الحقوق الأساسية … يكون الرد سياسيا
العدد 591 من جريدة النهج الديمقراطي (الأسبوع من 6 الى 12 فبراير 2025)





ولأن الاعتداء كبير على الحقوق الأساسية … يكون الرد سياسيا *





قررت الحكومة طبخ قانون ينظم حق الإضراب ووضعت له النص 15-97، وقد استعملت الحوار الاجتماعي الأخير كفخ نصبته للفرقاء المحاورين في المركزيات النقابية. لقد وضعت حزمة من القضايا مترابطة فيما بينها ولما يبدأ الحوار فيها، فإنه يشمل جميع القضايا المكونة للعرض الحكومي، وهو ما قبلت به المركزيات لما هرولت للحوار وسال لعابها على بعض الوعود الحكومية.

استغلت الحكومة هذا الضعف النقابي وتشتت الصف وغياب موازين القوى الرادعة لكل تكالب، ونقلت مشروع تكبيل حق الإضراب إلى غرفتي البرلمان واستطاعت تمريره من دون كثير عناء لان القوى النقابية في مجلس المستشارين والقوى السياسية في مجلس النواب ضعيفة الوزن ومشتتة الصفوف، والكلمة الأولى والأخيرة في يد ممثلي الكتلة الطبقية السائدة.

يتضح من هذه الحالة الملموسة بأن المؤسسات الرسمية وضعت على المقاس، وهي جاهزة للإجهاز على الحقوق والمكتسبات الشعبية. اتضح أن الاحزاب الإصلاحية المؤمنة أشد الإيمان بضرورة العمل في هذه المؤسسات الشكلية والفاقدة للمشروعية الشعبية لم تستطع وقف تمرير القانون التكبيلي للإضراب، ولذلك لجأت إلى الرد عبر إعلان الإضراب العام يومي 5 و6 فبراير وبشكل انفرادي ويغيب عليه الانسجام وإرادة جمع الصفوف وشحذ ما يلزم لمثل هذه المعارك. لقد اختارت النقابات جوابا سياسيا على هجوم النظام القائم على أحد أهم أسلحة الطبقة العاملة للدفاع عن حقوقها ألا وهو الإضراب. إننا لا نرى أي عيب في كون المركزيات النقابية والنقابات القطاعية تمارس النضال السياسي، وهذا ما يسعى إلى تجريمه القانون التكبيلي للإضراب موضوع النزاع الحالي. إن اختيار الرد السياسي على هجوم الكتلة الطبقية السائدة سديد في جوهره لكنه يفتقد إلى شروط فعاليته وما يتطلبه من إعداد لكي يندرج في إطار خطة سياسية متكاملة. إن الرد الحالي يشكو من كونه عبارة عن رد فعل معزول، والغرض منه رفع العتب، وتسجيل موقف للتاريخ وتبرئة ذمة القيادات المتنفذة في المركزيتين النقابيتين الأساسيتين. إن الاعلان عن الإضراب العام كرد سياسي محكوم بخلفية أننا غير مهتمين بنتائجه ولا بنجاحه.

وعلى عكس كل ذلك، فإننا في الحزب المستقل للطبقة العاملة ننظر بكل جدية للرد السياسي المتمثل في إعلان الإضراب العام ببلادنا من أجل إسقاط القانون التكبيلي للإضراب. إننا ندعم الخطوة ونطالب على أن يفتح أوسع حوار سياسي وسط القوى المناضلة من أجل خوض معركة إسقاط القانون التكبيلي. ولذلك من الواجب الالتفات الى أهمية أن تنخرط أوسع الجماهير في هذه المعركة، وتخوض كل أشكال النضال الاجتماعي والسياسي في وحدات الإنتاج، وفي المؤسسات العمومية وشبه العمومية، وفي الأحياء الصناعية والأحياء الشعبية. إن عملية حشد هذه الجماهير تتطلب إيمان القوى النقابية والسياسية بضرورة خلق الأشكال التنظيمية المناسبة؛ وقد تشكلت بعض الجبهات لكنها بقيت في مستوى عتبة إنشائها، وهي تفتقر للبرنامج النضالي وأشكال وأساليب النضال. ومن اللازم تخطي الوضع الراهن للجبهة الاجتماعية المجمدة بقرار تطغى عليه الحسابات الأنانية وخلفية التحكم والانفراد التي تفوت على جماهير شعبنا تجميع القوى وصد مثل هذا القانون الرجعي. إننا ندعو كل القوى المناضلة إلى تغليب خدمة مصالح شعبنا، وتجاوز هذه الوضعية غير السليمة، وإلا فإن جماهير شعبنا لن تبقى رهينة الانتظارية ولن تغفر لكل من تخلف عن القيام بواجبه في توحيد صفوف المتضررين من السياسات الرجعية للنظام القائم.

سينجح الإضراب العام إذا انتقلنا به إلى وضع خطة نضالية تلتزم بها كل القوى المستعدة للدفاع الحازم على حقوق الطبقة العاملة وجماهير الشغيلة وكل الكادحات والكادحين. يمكن لخطة نضالية حازمة ومن وضع المتضررين أن تعد العدة إلى أساليب أرقي في النضال السياسي يكون الإضراب العام أحد أشكالها الفارقة.


* كلمة العدد 591 من جريدة النهج الديمقراطي للاسبوع من 6 فبراير الى 12 منه