بيان المكتب الجهوي لحزب النهج الديمقراطي العمالي بأوروبا الغربية

عقد المكتب الجهوي للنهج الديمقراطي العمالي بأوروبا الغربية اجتماعه الدوري لتقييم مسار تنفيذ برامجه النضالية، وللوقوف على بعض التطورات والمستجدات، وبعد نقاش معمق، خلص إلى مايلي:
السياق الأوروبي: تصاعد النيوليبرالية والعنصرية الممنهجة.
تشهد أوروبا تصعيدا غير مسبوق للسياسات النيوليبرالية التي تستهدف تفكيك دولة الرفاه الإجتماعي، عبر خصخصة قطاعات الصحة والتعليم والنقل، وتقليص الإنفاق العام، وتدمير التشريعات الحامية للعمال.
هذه الهجمة تفاقم الفوارق الطبقية، وتحول العمال والأجراء إلى وقود لآلة الربح الرأسمالي، بينما تحصن الإمتيازات الإقتصادية للنخب المالية والشركات العابرة للقارات.
في هذا الإطار، يواجه المهاجرون واللاجئون استغلالا مزدوجا:
– اقتصاديا : عبر إدماجهم القسري في سوق العمل غير النظامي بأجور هزيلة وظروف مهينة، مما يعمق التجزئة الطبقية ويضعف مكتسبات الحركة النقابية.
– اجتماعيا : عبر خطاب عنصري ممنهج تروجه الأحزاب اليمينية والشعبوية، يحمل الضحايا مسؤولية الأزمات الناجمة عن النظام الرأسمالي نفسه، كالبطالة وتدهور الخدمات العامة.
لا ينفصل هذا الخطاب عن التحالف العضوي بين النيوليبرالية والقوى اليمينية، التي تحول “الخوف من المهاجر” إلى ذريعة لتمرير سياسات تقشفية وتشتيت الإنتباه وصرف النظر عن جشع الأوليغارشيات.
وتلعب وسائل إعلام المليارديرات، المسيطر عليها من قبل مجموعات ضغط ورأسماليين، دورا رئيسيا في تزييف الوعي عبر نشر الأخبار المزيفة وخطاب الكراهية، مما يهدد السلم الإجتماعي ويعيق بناء تحالفات عابرة للهويات.
مواجهة هذه الهجمة تتطلب :
– تعزيز التضامن الطبقي عبر نضالات موحدة تدمج المطالب الإقتصادية (مثل رفع الأجور وتحسين الخدمات العامة) بالحقوق الإجتماعية للمهاجرين واللاجئين.
– بناء خطاب تقدمي يعري جذور الأزمة في النظام الرأسمالي، ويربط بين النضال ضد العنصرية والنضال من أجل العدالة الضريبية وإعادة توزيع الثروة.
– خلق منصات إعلامية بديلة تعكس صوت المهمشين وتكسر احتكار المليارديرات للحقيقة.
السياق الدولي: من فلسطين إلى المغرب الكبير.
تكشف الأزمات العالمية، من الإنهيار المناخي إلى الحروب الإمبريالية، عن طبيعة النظام الرأسمالي البنيوية القائمة على استغلال الإنسان والطبيعة.في هذا الإطار، تظل قضية فلسطين قضية مركزية في النضال التحرري العالمي. فالجريمة الصهيونية المستمرة في غزة، بدعم غربي مباشر، ليست فقط تطهيرا عرقيا، بل أيضا نموذجا للتحالف بين الرأسمالية العالمية والقوى الإستعمارية.
كما يكشف موقف الأنظمة العربية “المطبعة” عن دورها كحارسٍ أمين لحماية المصالح الإمبريالية في المنطقة.
وفي المنطقة المغاربية والعربية، تتفاقم الأزمات نتيجة السياسات التبعية للأنظمة الحاكمة، التي تكرس نهب الثروات عبر اتفاقيات “التجارة الحرة” و”الشراكات” مع الإتحاد الأوروبي، وتقوض أي إمكانية للتحول الديمقراطي.
كما تعزز التدخلات الخارجية، مثل دعم الإنقلابات في إفريقيا، أو التمويل الأوروبي لأنظمة القمع، استمرار الحروب وتهجير الشعوب.
الوضع الوطني بالمغرب : نظام الفساد والقمع
يعيش المغرب تحت حكم نظام مخزني يدار كضيعة تتحالف فيها النخب الحاكمة مع الرأسمال الأجنبي.وتجسد سياسات رفع الدعم عن المواد الأساسية وخصخصة التعليم والصحة، إرادة ممنهجة في إفقار الشعب لخدمة مصالح كارتيلات اقتصادية محلية ودولية.
وقد أدت هذه السياسات إلى :
– انهيار القدرة الشرائية وتضخم غير مسبوق يدفع حتى الطبقات الوسطى إلى الفقر.
– تدمير متعمد للخدمات العامة، كالاستشفاء والتعليم، وفتح الباب أمام القطاع الخاص لنهب المواطنين.
– تصاعد القمع الممنهج ضد النشطاء السياسيين والنقابيين،والمدونين في وسائل التواصل الاجتماعي عبر محاكمات صورية وقوانين جائرة مثل قانون تقييد الحريات الرقمية.
في مواجهة هذا التغول، ندعو إلى :
– توحيد القوى الديمقراطية والحقوقية في جبهة عريضة تواجه الهجمة الاقتصادية والأمنية للنظام.
– إطلاق حملات تضامن دولية مع المعتقلين السياسيين، مثل معتقلي حراك الريف ومعتقلي الإحتجاجات الشعبية،وكذلك المعتقلين الصحراويين.
– فضح تواطؤ المؤسسات الإمبريالية (كصندوق النقد الدولي) في دعم سياسات النظام القمعية عبر شروط القروض الجائرة.
في الختام،إن المعركة ضد النيوليبرالية والعنصرية والإستبداد هي معركة واحدة. فلا تحرر للطبقة العاملة الأوروبية دون تضامنها مع نضالات شعوب الجنوب، ولا انتصار للثورة الفلسطينية دون تقويض التحالف الإمبريالي-الصهيوني.
لذلك، نؤكد على :
– بناء تحالفات عابرة للحدود تجمع النقابات والحركات الاجتماعية والمنظمات التقدمية.
– ربط النضال من أجل العدالة الاجتماعية بالمطالب البيئية العادلة، كالانتقال الطاقي الديمقراطي.
– تعزيز دور الأحزاب اليسارية الأصيلة والحقيقية كأداة لتوحيد المطالب وقيادة التغيير الجذري.
إن التاريخ يعلمنا أن انتصارات الشعوب تبدأ دوما من رحم الوحدة والأمل. فلنوحد صفوفنا، ولنخترق حصار اليأس، لصنع مستقبل يحرر الإنسان من استغلال الإنسان.
النهج الديمقراطي العمالي
المكتب الجهوي
جهة أوروبا الغربية
الإثنين 5 ماي 2025