انتخابات 7 أكتوبر 2016 البرلمانية

انتخابات 7 أكتوبر 2016 البرلمانية

انتخابات 7 أكتوبر 2016 البرلمانية

معاد الجحري
moad انتخابات 7 أكتوبر 2016 البرلمانية


تؤشر الدروس التي يمكن استنتاجها من انتخابات 7 أكتوبر 2016 البرلمانية، وهي عاشر انتخابات برلمانية في تاريخ بلادنا منذ سنة 1963،على تعمق أزمة المشروع المخزني وفي نفس الآن على أزمة البديل الديمقراطي.فما هي ابرز الدروس التي افرزنها هذه المحطة؟

1)  فشل المخزن في رهان المشاركة: تعد نسبة المشاركة الرسمية بغض النظر عن كونها منفوخ فيها هي الأضعف في تاريخ الانتخابات التشريعية بعد سنة 2007. أما النسبة الفعلية للأصوات الصحيحة المحتسبة على أساس الكتلة الناخبة (مجموع المواطنين/ات الذين يساوي سنهم أو يفوق 18 سنة) وبتقدير الأصوات الملغاة في العدد المسجل سنة 2011 فهي حوالي 20 في المائة. ويوضح الجدول 1 المنحى التنازلي العام لنسبة المشاركة الرسمية (1).

جدول 1:تطور نسبة المشاركة الرسمية

 

نسبة المشاركة الرسمية الانتخابات البرلمانية لسنة
%73 1963
%85,03  1970
%82,3 1977
%67,4 1984
%62,7 1993
%58,3 1997
%51,6 2002
%37 2007
%45,4 2011
%43 2016

 

 ورغم ارتفاع عدد الكتلة الناخبة بأزيد من 20 في المائة مقارنة مع انتخابات 2011 وعدد المسجلين في اللوائح الانتخابية بأزيد من 17 في المائة فان عدد المشاركين لم يرتفع إلا بنسبة تقل عن 10 في المائة. بل إن عدد المصوتين في هذه الانتخابات (6,7 مليون) يقل عن عدد المصوتين في انتخابات 1997 وانتخابات 2002 (7,4 مليون). وعموما يوضح الجدول 2 أن عدد المشاركين منذ سنة 1993 يتراوح بين 5,7 و 7,4 مليون(2).

جدول 2:الهيأة الناخبة وعدد المسجلين والمشاركين

 

المصوتون (بالمليون نسمة) المسجلون (بالمليون نسمة) الكتلة الناخبة (بالمليون نسمة) الانتخابات البرلمانية لسنة
7,1 11,4 13,8 1993
7,4 12,7 14,8 1997
7,1 13,9 17,9 2002
5,7 15,5 20,5 2007
6,1 13,4 21,6 2011
6,7 15,7 26 2016

 

وضمن عدد المشاركين لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار عدد الأصوات الملغاة وهو الرقم الذي تتستر عليه وزارة الداخلية لحد الآن لتجنب الفضيحة. ويبين الجدول 3 الارتفاع المستمر والمتنامي لعدد ونسبة الأصوات الملغاة مع كل استحقاق انتخابي(3).

جدول 3:عدد ونسبة الأصوات الملغاة

 

نسبة الأصوات الملغاة عدد الأصوات الملغاة الانتخابات البرلمانية لسنة
%3,67 123846 1963
%6,03 324063 1977
%11,3 556642 1984
%13 930000 1993
%14,55 1085366 1997
%15,55

17,15 في اللائحة الوطنية

1114527

1228836 في اللائحة الوطنية

2002
%19,71

……………………….

%28,57

في اللائحة الوطنية

1131393

…………………….

1634579 

في اللائحة الوطنية 

2007
%22,29 1361511 2011
؟ ؟ 2016

 

 إن العدد الكبير والنسبة العالية للأصوات الملغاة (أزيد من 22 في المائة في انتخابات 2011) تعبير عن حس سياسي معارض، يدل على وجود إرادة واضحة لدى المعنيين لقول شيء ما، للتعبير عن شيء مخالف، للتعبير عن رفضهم للنظام والأحزاب السياسية المندمجة في اللعبة. انه ليس نوعا من اللامبالاة أو مجرد عزوف كما تروج أجهزة الدولة والأحزاب المنخرطة في اللعبة. وهو ظاهرة تتمركز بالأساس في الوسط الحضري ولا علاقة لها بالأمية والجهل وكذا…

والخلاصة هي أن هذه الانتخابات تؤكد الرفض الشعبي الواسع للديمقراطية المخزنية وأن هذا الرفض آخذ في التوسع سنة بعد أخرى واستحقاقا بعد أخر.

2) فشل المخزن في تقزيم العدالة والتنمية وفي تمكين الأصالة والمعاصرة من الصدارة:

رغبة المخزن في تحجيم وتقزيم العدالة والتنمية لا غبار عليها، برز ذلك من خلال العديد من الضغوطات منها مسيرة البيضاء يوم 18 شتنبر 2016 ومنع السلفي احمد القباج من الترشح في صفوف العدالة والتنمية فيما تم التساهل مع سلفيين آخرين لا يقلون عنه تزمتا، ترشيحا ودعما لأحزاب أخرى منها “البام”، والنبش في الحياة الخاصة والحميمية لعدد من رموزه وزعمائه والتشهير بهم وتصريح والي بنك المغرب بخصوص غلاء ثمن المحروقات ببلادنا وعدم تناسبه مع ثمن هذه المادة في السوق الدولية وهي طبع كلمة حق يراد بها باطل وكذا ممثلة الباطرونا بتقاعس الحكومة في التجاوب مع مقترحات ومجهودات ممثلي المقاولة المغربية والبلاغ الشهير للديوان الملكي بمثابة إنذار وتوبيخ للأمين  العام لحزب التقدم والاشتراكية. أكثر من ذلك تدخل أعوان السلطة لحث الناس لعدم التصويت لفائدته أو صراحة التصويت لصالح “البام”. ولعل تغريدة وزير العدل القيادي في العدالة والتنمية على صفحته في الفايسبوك حيث يشير إلى أن أمورا خطيرة وغريبة تجري في هذه الانتخابات وأنه لا يستشار تعبير على أن ضغوطات المخزن وصلت حدا لا يطاق .وفوق ذلك حظي حزب الدولة المدلل بدعم قيادة الاتحاد المغربي للشغل التي اصطفت دون حياء ولا خجل إلى جانبه وتورط الميلودي موخاريق شخصيا في الحملة لصالح هذا الحزب وهو موقف مخزي لا بد من فضحه وتعريض أصحابه للمسائلة. 

 محاولات التحجيم هذه انقلبت إلى ضدها فقوت العدالة والتنمية وتماسكه بل أكسبته تعاطفا إلى درجة أن عددا من المنتسبين للصف الديمقراطي عبروا عن رغبتهم في التصويت لصالح هذا الحزب بدعوى مواجهته للتحكم ونزوعه نحو الإصلاح أو لأنه ليس هناك أفضل ودافع البعض منهم عن التحالف معه مستندا الى مفهوم الكتلة التاريخية عند غرامشي ويعد هذا من علامات التيه. ذلك أن مفهوم الكتلة التاريخية عند غرامشي يرمز بشكل عام إلى تحالفات طبقية إلى ذلك كان غرامشي يهدف إلى بلورة استراتيجية لتكسير تحالف كبار ملاكين الأراضي والمثقفين في الجنوب لفسح المجال أمام التحالف بين الطبقة العاملة والجماهير الكادحة في هذا الجزء من ايطاليا(4).

هكذا حصل العدالة والتنمية على الرتبة الأولى ب 125 مقعدا (+18 مقعدا مقارنة مع 2011) وكرس سيطرته الانتخابية على المدن الكبرى كما في الانتخابات الجماعية السابقة (شتنبر 2015)(5) بعيدا عن “البام” الذي حصل على 102 مقعد (+55 مقعدا مقارنة مع 2011) وبذلك فشل المخزن في جعل حزب الأصالة والمعاصرة يتصدر نتائج هذه الانتخابات وهو الحزب الذي خرج من رحم الدولة بإرادة واضحة ومعلنة هي محاربة العدالة والتنمية. لا ننسى أن حزب الأصالة والمعاصرة سبق له أن حصد هزيمة مدوية في انتخابات 25 نونبر 2011 البرلمانية  وكان ذلك بفعل حركة 20 فبراير التي وجهت له صفعة قوية جعلت عددا من مسؤوليه يتوارون عن الأنظار. أما الهزيمة الحالية فتدل على أن سلطة المخزن وأجهزته وقدرته على صنع الخرائط ليست مطلقة ولم تعد له القدرة على التحكم في الخريطة بنفس القدر الذي كان له في السابق ويعود هذا على الأرجح إلى:

– ضغوطات الامبريالية الأمريكية على وجه الخصوص التي تناصر ما يسمى بالإسلام السياسي المعتدل

الأمر الذي يشكل عامل فرملة في وجه تمادي المخزن.

– تناقضات في القمة لم تنضج بعد منها مثلا وجود شرائح من البرجوازية متضررة من الريع ترى في حزب العدالة والتنمية أداة لتحقيق طموحاتها بغض النظرعن فشله التام في ملف محاربة الريع والفساد (كريم التازي نموذجا)

– تحرر نسبي للمغاربة ومنهم الكتلة الناخبة من الخوف واملاءات أعوان المخزن من شيوخ ومقدمين وقياد وباشاوات وعمال وولاة وغيرهم للتصويت على جهة معينة ويعد هذا من المكتسبات المجتمعية وثمرات حركة 20 فبراير وهذا بدليل عدم امتثال العديد من المواطنين لتلك الاملاءات بل فضحها علانية(6).

لكن ما السر في هذه الرغبة الجامحة في تقليم أظافر حزب كد واجتهد في تنفيذ تعليمات الملك واعتبر رئيس الحكومة نفسه مجرد معاون له وتجرأ وقام بما يلزم وأكثر في سن الإجراءات الليبرالية الأكثر توحشا وقهرا للشعب المغربي بل وعد بالاستمرار على نفس النهج؟ إن السر يكمن في أن الحكم لا يمكن أن يسمح لحزب ما بتجاوز حجم معين فبالأحرى القبول بوجود حزب قد يزاحمه في المجال الديني إذا ما تمكن من مفاصل الدولة. ولا شك أن المخزن سيواصل عمله من اجل النيل من هذا الحزب بتشويهه أمام الشعب وقد يلجأ إلى تقسيمه إذا لزم الأمر ذلك.

3) تكريس قطبية حزبية مزيفة واندحار مكونات اليسار الرسمي وتمثيلية رمزية لفيدرالية اليسار الديمقراطي:

تكريس قطبية مزيفة حيث العدالة والتنمية والبام يستحوذان لوحدهما على 57 من مقاعد مجلس النواب بفارق كبير عن باقي الأحزاب التي عرفت تراجعا خطيرا يعكس عزلتها واتجاه البعض منها نحو الانقراض وهذا رغم تخفيض العتبة التي لعبت طبعا في غير صالح العدالة والتنمية.   

وتشهد نتائج هذه المحطة على تراجع خطير أقرب إلى الاندحار لمكونات اليسار الرسمي أو ما يجوز تسميته بالقوى الليبرالية-الاجتماعية (الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية). والحق فلم يعد لهذه القوى ما تقدمه للنضال من أجل الديمقراطية فبالأحرى الاشتراكية فقد وصلت مستوى متقدم من التحلل والاندماج في البنية القائمة وكل رهان عليها من طرف البعض يعد رهانا خاسرا وقد يكون قاتلا.

أما فيدرالية اليسار الديمقراطي التي قامت بحملة مكنتها من إشعاع لا بأس به فلم تتوفق في تحقيق هدفها المتمثل في الحصول على ما يمكنها من فريق برلماني.لا شك أن عوامل عدة لعبت ضد هذا الطموح ومنها قضايا اللوائح والتقطيع وتدخل السلطة واستعمال المال وغيرها ولكن لا يمكن إغفال العوامل الذاتية وخاصة ضعف الانغراس والارتباط بأوسع الجماهير الشعبية. ويأتي هذا الإخفاق بالرغم من قرار مركزية الكدش مساندة الفيدرالية وهو قرار مرفوض لكونه يضرب في العمق التعددية السياسية والفكرية داخل النقابة  فضلا عن استقلالية القرار النقابي. وعلى أية حال فلا نرى مردودية لهذا القرار على نتائج الفيدرالية الأمر الذي يطرح أكثر من سؤال على واقع الكدش وطبيعة العمل النقابي بالكدش التي تقوده الفيدرالية كما أن غياب المردودية هذا يعتبر دليلا على مقاطعة الطبقة العاملة للانتخابات.على أن الجانب السياسي يظل محددا ذلك أن الخيار الثالث الذي تطرحه الفيدرالية كتموقع في المشهد يظل سطحيا فهو يعني مواجهة دينية البيجيدي متناسيا دينية المخزن ومخزنية البام متناسيا مخزنية المخزن ما يعني الوهم بتحقيق الملكية البرلمانية عبر التوافق مع القصر واعتماد منطق التدرج كالاقتصار حاليا على تطبيق مقتضيات الدستور والصلاحيات التي يعطيها لرئيس الحكومة ما يفرغ شعار الملكية البرلمانية نفسه من محتواه وبالتالي احتمال تكرار مأساة الاتحاد الاشتراكي(7).

4) جبهة المقاطعين:

قام النهج الديمقراطي بحملة نشطة وواسعة لمقاطعة الانتخابات وتعرض لحملة قمعية شرسة قادتها هذه المرة أدوات المخزن على مستوى المقاطعات من قياد ومقدمين إضافة إلى البلطجية وهو تكتيك جديد يجب دراسته وأخذه في الحسبان قصد مواجهته. ويمكن التأكيد أن المخزن يخشى كثيرا تأطير الجماهير المقاطعة أكثر من المقاطعة أصلا. واكتفت العدل والإحسان بحملة المقاطعة عبر الانترنيت وان كانت أكثر قوة من الانتخابات السابقة. 

ولم تتوفق القوى المقاطعة من توحيد جهودها وتشكيل جبهة للمقاطعين باستثناء بيان مشترك بين حزب النهج الديمقراطي وتيار تحرر ديمقراطي. وأبانت الحملة عن إمكانات هائلة ومظاهر قصور في أشكال العمل للتجدر وسط العمال وعموم الجماهير الكادحة. 

 

الهوامش:

 (1)المعطيات الواردة في الجدول 1 و 2 و 3 :انظر www.academia.edu

La question électorale au Maroc : réflexions sur un demi-siècle de processus électoraux au Maroc. Bernabe Lopez Garcia.

(2) نفس المرجع

(3) نفس المرجع

(4)Gramsci et la stratégie de la gauche contemporaine :le bloc historique comme concept stratégique

Panagiotis sotiris.Revueperiode.net

(5) Le pouvoir est-il enfin dans les mains des villes ?

David Goeury.www.espacestemps.net

(6) انظر تصريح احد المواطنين بالدار البيضاء في الموقع الالكتروني نون بريس على الرابط التالي:

https://www.youtube.com/watch?v=bU5pXyZqmLU

(7)استجواب عمر بلافريج مع الموقع الالكتروني بديل انفو 12/10/2016