معركة الأفكار : الأمل في إمكانية تغيير العالم نحو الأفضل
معركة الأفكار
الهدف الأساسي لمعركة الافكار هي زرع الأمل في إمكانية تغيير العالم نحو الأفضل
يكتسي صراع الأفكار أهمية بالغة. ولذلك يجب على المناضلين(ات) الماركسيين(ات) والمناهضون(ات) للرأسمالية أن (ت)يخوضوه بكل قوة وجرأة.
إن الهدف الأساسي لمعركة الافكار هي زرع الأمل في إمكانية تغيير العالم نحو الأفضل.
ذلك أن الشعوب تناضل، ليس من أجل الدفاع على ما يهدد أوضاعها و من أجل تحسينها فحسب، بل أيضا من أجل أوطوبيا تتمثل في عالم أكثر عدلا ومساواة. وتجيب مختلف الايديولوجيات على هذا المطمح بشكل مثالي. فالبرجوازية تستغل كل الوسائل( الدين وهوس الاستهلاك والأنانية والفردانية…) لتحريف الشعوب عن هذا المطمح النبيل.
إن الماركسية طرحت تصورا ماديا لهذه الأوطوبيا: إنها الشيوعية. وتشكل الاشتراكية مرحلتها الدنيا. لقد ارتكزت هذه الأوطوبيا المادية على تحليل الرأسمالية كنمط إنتاج ينبني على استغلال البرلتاريا، نمط إنتاج سيندثر، بفعل تناقضاته الداخلية، كأنماط الإنتاج التي سبقته وسيؤدي، خلال سيرورة طويلة، إلى الشيوعية حيث انتفاء استغلال الإنسان للإنسان ومرحلة أرقى من تاريخ البشرية يستطيع فيها الإنسان تنمية قدراته وتحقيق إنسانيته وازدهار ملكاته بحرية بعيدا عن إي اضطهاد أو إستيلاب. لكن الماركسية لا تعتبر تحقيق الشيوعية حتمية تحددها قوانين حديدية غير خاضعة لفعل البشر، بل من منطلق ارتكازها للمادية التاريخية، فإنها تعتبر أنها ستكون حصيلة صراع طبقي ضاري تخوضه البرلتاريا لتحرير نفسها وتحرير البشرية جمعاء. هذا الصراع الطبقي الذي تديره الطبقة العاملة بواسطة حزبها المستقل. وتشكل معركة الأفكار أحد أهم أركان الصراع الطبقي.
سعت الرأسمالية، بواسطة مفكريها وآلتها الدعائية الأخطبوطية، إلى الغرس في عقول الشعوب أن ليس هناك بديل لها. وذلك في محاولة لقتل أي أمل في عالم أفضل. كما أنها تحاول إنكار أي دور للبرلتاريا في التغيير الثوري وأن الطبقات الوسطى هي أغلبية المجتمع وليس الطبقة العاملة.
ولعل فكر ما بعد الحداثة وما بعد الماركسية هو أخطر سلاح ابتكرته الرأسمالية لتفكيك الفكر التقدمي الذي تبلور في حركة الأنوار وفي الثورة الفرنسية وعرف نقلة نوعية في الماركسية.
إن أحد أهم أهداف معركة الأفكار هو إحياء هذه الأوطوبيا المادية من خلال:
1.توضيح أنه من الممكن هزم الرأسمالية:
-لأنها فشلت على كل المستويات الاقتصادية والسياسية والأيديولوجية والبيئية والأخلاقية ولأنها تهدد استمرار الحياة على وجه البسيطة.
-لأن الامبريالية تعيش التراجع ولأن أزمتها على المستوي الاقتصادي والسياسي أعمق مما يمكن أن نتصور.
2.تبيان أن الطبقة النقيض للرأسمالية،أي الطبقة العاملة، هي أهم طبقة في المجتمع لأن الرأسمالية لم تعد تكتفي بأنشطتها التقليدية( الصناعة والناجم والنقل والفلاحة والبنوك وغيرها من الخدمات)، بل اكتسحت جل القطاعات: الخدمات الاجتماعية العمومية( الصحة والتعليم…) وقطاعات كانت البرجوازية الصغرى تحتكرها( تجارة التقسيط وأغلب الحرف) والأعمال المنزلية( المطاعم وغسل الألبسة…) وأنشطة الترفيه( الرياضة والسياحة…) وحولت أغلب العاملين والعاملات فيها إلى برلتاريا.
3.التعريف بتجارب الاحزاب الشيوعية التي قادت ثورات( الحزب الشيوعي السوفيتي والصيني والفيتنامي وغيرها والأحزاب) والتي لها تأثير ونفوذ وسط الطبقة العاملة وعموم الكادحين.
4.إبراز أن البشرية خبرت ولا زالت بدائل للرأسمالية يجب الاستفادة من دروسها من خلال:
-تقييم موضوعي لتجارب بناء الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي والصين وفيتنام وكوبا وغيرها من الدول.
-دراسة تجارب تحاول القطع مع الرأسمالية في منطقة جغرافية محددة( تشياباس مثلا) أو في ميدان معين سياسي( تجارب لبناء ديمقراطية تتجاوز الديمقراطية البرجوازية) أو اقتصادي( الاقتصاد التضامني…).
5.إبراز والدعاية المكثفة لكل انتصارات الشعوب، ولو كانت جزئية وقابلة للتراجع، لأن ذلك من شأنه أن يرفع معنويات الجماهير الشعبية ويعطيها الثقة في أن التغيير ممكن وأنها هي صانعة هذا التغيير، وليس نخبة أو قائد ملهم. الشيء الذي لا ينفي دور بعض القادة الأفذاذ ولا يتناقض مع توضيح حدود هذه التجارب والاجتهاد لطرح سبل تجاوز هذه الحدود.
6.إن معركة الأفكار يجب أن ترتكز إلى الماركسية، كمنهج للتحليل ونظرية للتغيير الثوري، منهج ونظرية يغتنيان باستمرار من دروس نضالات الشعوب، وفي مقدمتها نضالات الطبقات العاملة، ونتائج التطور العلمي، ماركسية منفتحة على انجازات الفكر التقدمي العالمي في ميدان حقوق الإنسان وحقوق المرأة والدفاع عن البيئة وعن حقوق كل المضطهدين والمضطهدات لأسباب دينية أو عرقية أو غيرها من الأسباب.
وفي هذا الاطار، يجب العمل المستمر والجاد من أجل دحض وتفكيك فكر ما بعد الحداثة وما بعد الماركسية الذي ينفي الصراع الطبقي ويعوضه بنضالات مشتتة ضد أنواع من الاضطهاد تخترق الطبقات (الجنس، الهوية الإثنية أو الدينية أو العرقية…). والغائب هنا هو النضال ضد الرأسمالية. والحال أن هذه الأشكال من الاضطهاد حقيقية ولا يصح اعتبارها ثانوية أو مؤجلة إلى حين انتصار الثورة، بل يجب العمل من أجل أن تتمفصل هذه الحركات المشتتة مع الصراع الطبقي من خلال تبيان أن جل القضايا التي تطرحها تمظهرات لأنماط إنتاج سابقة تستعملها الرأسمالية لتفتيت وحدة الطبقة العاملة وعموم الكادحين وإحكام سيطرتها على المجتمعات، وفضح دور الرأسمالية، في مرحلتها الحالية، في بروز هذه الحركات وتهيكلها من خلال إضعاف الدور الاجتماعي للدول لفائدة تضخم دورها القمعي، خاصة في دول المحيط الرأسمالي، ومسئولية الرأسمالية في تهميش مناطق متعددة وشاسعة من خلال تمركز النشاط الاقتصادي والثروة في بضع متروبولات ومدن كبيرة بالأساس، وخاصة في دول المركز الرأسمالي.