بيان الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان
بيان الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان
تحيي الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع، ومعها الرأي العام المغربي وكافة شعوب العالم، اليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يصادف 10 دجنبر من كل سنة، حيث مرت الآن 74 سنة على صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يشكل أساس القانون الدولي لحقوق الإنسان. وهو الوثيقة الأم التي تولدت عنها كافة العهود والمواثيق والبروتوكولات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، مدنية وسياسية، واقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية، في شموليتها وكونيتها. ولقد ساهمت دول العالم، على اختلاف مرجعياتها، في التوصل إلى “التوافق” حولها، وكافحت ولاتزال من أجل تحقيقها لبلوغ عالم يسوده العدل والسلام والديمقراطية. وكل ذلك، في ظل موازين قوى عالمية تهيمن فيها قوى الاستكبار الإمبريالي العالمي، التي مررت قرار تقسيم فلسطين بالجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نونبر 1947، وشرعنت هذه الجريمة المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني. وهي الدول نفسها التي كانت وراء خلق وإقامة الكيان الصهيوني العنصري الاستعماري الاستيطاني على أرض فلسطين في 14 ماي 1948 بعد ارتكاب العصابات الصهيونية لعشرات المذابح في المدن والقرى الفلسطينية. مما اضطر معه مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى اللجوء للدول المجاورة، أو الهجرة إلى مختلف أصقاع العالم.
ونحن نخلد هذه الذكرى، تستمر هذه القوى الاستعمارية منذ 74 سنة في حماية الكيان الصهيوني، وفي إبقائه كاستثناء لا مثيل له في المنتظم الدولي، بعيدا عن أية مساءلة أو عقاب بخصوص جرائم الحرب والتطهير العرقي وجرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها كل يوم.
والجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع، وهي تحيي اليوم العالمي لحقوق الإنسان 10 دجنبر، تستحضر بحكم اختصاصها واشتغالها في دعم فلسطين ومقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني المجرم أمرين هامين :
الأول: السياق الذي يخلد فيه العالم اليوم العالمي لحقوق الإنسان هذه السنة، والمتسم بتصاعد جرائم العدو الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني المتمثلة في:
– الاعتداءات المستمرة على المقدسات الإسلامية والمسيحية، والاقتحامات المتكررة للمستوطنين الصهاينة لباحات المسجد الأقصى، بحماية من قوات الاحتلال الصهيوني، التي تشرف على حمايتهم ومشاركتهم في الاعتداءات اليومية على سكان مدينة القدس، الذين يتوجهون للصلاة، والرباط بالمسجد الأقصى، أو على السكان القريبين من المستوطنات بمدن الضفة الغربية.
– ارتكاب جنود الاحتلال الصهيوني لجرائم القتل اليومي والإعدام خارج نطاق القانون في حق أبناء وبناب الشعب الفلسطيني ؛ ويشمل ذلك الأطفال والشيوخ والنساء، دون أدنى تحرك سواء من الدول التي تتغنى بحقوق الإنسان، أو حتى من مؤسسات الأمم المتحدة التي من المفروض أن تضطلع بأدوارها في مساءلة ومعاقبة نظام الأبارتهايد الصهيوني على جرائمه المستمرة.
– استمرار حصار غزة منذ أكثر من 15 سنة والآثار الكارثية التي يتسبب فيها على الإنسان وعلى الحياة بشكل عام، وكذا الاعتداءات اليومية على أبناء وبنات الضفة الغربية والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948. مع ما يرافق ذلك من هدم البيوت ومصادرة الأراضي واقتلاع الاشجار، وبناء المزيد من المستوطنات ومن مداهمة البيوت والقيام بحملات اعتقال واسعة في صفوف المناضلات و المناضلين المناهضين للاحتلال. وهو ما يزيد من عدد الأسرى والأسيرات الذين يعانون في سجون الاحتلال الصهيوني من مختلف جرائمه اتجاه الحركة الأسيرة، التي لا تتوقف عن خوض المعارك من خلف القضبان، خصوصا بالنسبة للذين يوجدون في أوضاع صحية خطيرة، أو الذين يوجدون في وضعية اعتقال إداري لسنوات دون توجيه أي تهمة لهم، أو الأطفال المعتقلين الذين بلغ عددهم خلال هذه السنة 200 طفل.
الثاني: في الوقت الذي تتصاعد فيه المقاومة المدنية والمسلحة للشعب الفلسطيني لكافة الفصائل بغزة والضفة الغربية ولفلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948، والتي استطاعت جميعها في إطار محور المقاومة بالمنطقة أن تغير من معادلات الصراع مع الكيان الصهيوني؛ حيث أصبح هذا العدو يشعر بالخطر الذي يتهدد وجوده واستمراره، وبالعزلة الدولية التي أصبح يعيشها، بعدما صنفته منظمات دولية، من عيار منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايت واتش، كنظام أبرتهايد. يضاف إليه الاحتضان الشعبي العالمي لحملة المقاطعة الدولية التي تديرها حركة بي دي إس بحكمة وفعالية عالية، وما حققته من تعاظم للتضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، وتنامي نبذ الكيان الصهيوني، والذي برز واضحا في مجريات كأس العالم بدولة قطر. فيما تواصل بعض الأنظمة بالمنطقة، ضمنها النظام المغربي، هرولتها نحو الانخراط في ما يسمى “اتفاقيات أبرهام” والتطبيع مع نظام الاستعمار الاستيطاني العنصري الصهيوني وتوقيع اتفاقيات معه في كافة المجالات، برغم الجرائم المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني وكل شعوب المنطقة. حيث أصبحنا نعيش تسونامي تطبيعي حقيقي يشكل خطرا على الأمن العام الداخلي والخارجي، وعلى اسرار الدولة وعلى مؤسساتها، وهو بذلك سينقلب في النهاية من أسلوب سياسي واقتصادي وعسكري ومخابراتي وتعاون سياحي ورياضي وثقافي وفني وتكنولوجي… ظاهريا، نحو طابع جرمي في عمقه وأبعاده بتهديده للسيادة الوطنية للمغرب وللسلامة الداخلية والخارجية للدولة المغربية ولكل المجتمع، بسبب ما سيثيره من فتن سيزرع بذورها بين فئات المجتمع بمختلف مكوناتها، وصولا الى تمزيق وحدة التراب والمصير، فضلا عن المساس المباشر بالأمن القانوني للشعب المغربي.
ولقد انخرط النظام المغربي في هذا المسلسل التطبيعي الخياني ضدا على موقف الشعب المغربي الذي كان دائما وأبدا يعتبر القضية الفلسطينية قضية وطنية نظرا لعدالتها، ولأن الشعب المغربي متشبث بمناصرة ودعم القضايا التحررية للشعوب، ولا يمكنه ان يقبل الاعتراف بالاستعمار الصهيوني لأرض فلسطين.
وعليه، فإن السكرتارية الوطنية للجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع، وانطلاقا من المبادئ والأهداف التي تأسست من أجلها، تستغل مناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان لتسجل وتعبر عن ما يلي:
أولا: الازدواجية المستمرة للمنتظم الدولي، والتي تبقى القضية الفلسطينية إحدى مظاهرها الرئيسية. وهو الامر الذي زادت من تعريته الأزمة الأوكرانية، وكيف تحرك الغرب الإمبريالي ضد دولة روسيا الاتحادية، الدائمة العضوية بمجلس الأمن، وسن عليها عقوبات لا نظير لها في التاريخ الحديث للعالم. وبالتالي فقد انكشف لكافة الشعوب، كيف تستخدم القوانين الدولية ومنظومة حقوق الإنسان لخدمة مصالح وأجندات الدول التي تسيطر على العالم، وتسخر منظمة الأمم المتحدة والمؤسسات التابعة لها في خدمة مصالحها أولا وأخيرا. ولنا في النزاعات والحروب التي إما تشعلها أو تغذيها الأمثلة الكثيرة في ليبيا واليمن والسودان الصومال وفنزويلا وسوريا…، وتبقى كارتيلات صناعة الأسلحة تراكم الأرباح والثروات وتنهب خيرات الشعوب مديمة الفقر والمجاعة والاقتتال والاستبداد في عدد كبير من دول العالم.
ثانيا: إن التطبيع الذي أبرمه النظام المغربي مع الكيان الصهيوني، يعد عملا خارج المشروعية، ويتعين إلغاؤه نهائيا بسبب عيب انعدام المشروعية. كما يجب إخراج مشروع القانون المجرم للتطبيع من أدراج البرلمان والمصادقة عليه حماية للمغرب من أي اختراق صهيوني يستهدف البلاد والإنسان المغربي وخصوصا الناشئة منه.
ثالثا: أما بخصوص المهرولين ممن جرهم التطبيع للذهاب في سياحة أو في مهام ثقافية أو رياضية أو مسرحية أو إعلامية أو تجارية أو جمعوية أو قضائية أو غيرها للكيان المجرم، ولقاء مؤسساته وقاداته، وأحيانا لقاء قواته الأمنية والمخابراتية المتسترة في قوالب وهمية إدارية متنوعة، فإنهم تنطبق عليهم قواعد المشاركة في الجرائم التي تطال الشعب الفلسطيني، ويتحملون المسؤولية الجنائية الكاملة ويمكن لو ثبتت الجرائم في حقهم معاقبتهم بنفس عقاب الفاعلين الأصليين طبقا لما تنص عليه المادة 129 من القانون الجنائي المغرب.
ولكل هذا، فإن الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع تعبر عن:
أ- إدانتها الشديدة للقوى الاستعمارية ولكافة المؤسسات الدولية وعلى راسها منظمة الأمم المتحدة التي تعتمد سياسة الكيل بمكيالين في كل القضايا المتعلقة بالشعب الفلسطيني وبشعوب المنطقة وكل الشعوب التي ترزح تحت نير أشكال الاستعمار الجديد والاستبداد اللذان يعيقان تحقيق الديمقراطية والحرية والعدالة والسلام لشعوب العالم أجمع. وهوما يفضح كل الشعارات حول الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تتشدق بها القوى المذكورة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية الحامي الرئيسي لنظام الأبارتهايد الصهيوني.
ب- إدانتها القوية لعملية التطبيع الخيانية التي يستمر النظام المغربي فيها منذ 22 دجنبر 2020 ، ضدا على مواقف الشعب المغربي وقواه المناضلة التي تستمر في رفض كافة أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني .
ج- اعتزازها بالمواقف المتضامنة مع الشعب الفلسطيني ذات البعد الإنساني التحرري في مونديال كاس االعالم بقطر، والتي رفضت فيه شعوب العالم وضمنها شعوب الدول المطبعة أي علاقة مع الصهاينة، الذين حاولوا التسويق للتطبيع والبحث عن شرعية مفقودة، وخصوصا وسائل الإعلام الصهيونية التي واجهتها جماهير المونديال بالرفض والاشمئزاز.
د- أملها أن تنخرط جميع الهيآت والشخصيات المغربية المدافعة عن حقوق الإنسان في مبادرات في جميع مناحي الحياة المغربية للتعبير عن الموقف الأصيل للشعب المغربي من التطبيع، ومن الدعم المبدئي لحقوق الشعب الفلسطيني الثابتة والمشروعة في الاستقلال والعودة وبناء الدولة الفلسطينية الديمقراطية المستقلة على كامل التراب الفلسطيني، وعاصمتها القدس، ولكل القضايا العادلة للشعوب التواقة للانعتاق من الاستعمار والاستبداد.
ه- استمرارها في النضال مع كل القوى المغربية المناضلة من أجل إسقاط التطبيع مع الكيان الصهيوني المجرم، وطرد ممثله بالمغرب، وسن قانون لتجريم كافة أنواع وأشكال التطبيع.
السكرتارية الوطنية للجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع
في 10 دجنبر 2022