دور الطبقات في الثورة الفيتنامية

دور الطبقات في الثورة الفيتنامية

Mostafa_khiati دور الطبقات في الثورة الفيتنامية

○ مصطفى الخياطي

دور الطبقات في الثورة الفيتنامية*

شكلت الثورة الفيتنامية نموذجا للثورات ضد الاستعمار وضد الامبريالية التوسعية. فهي إذن مرجع غني بالدروس الملهمة للشباب المناضل والثوري من حيث طول النّفس لأنها امتدت على طول ثلاثين سنة.

لقد كانت الامبريالية الفرنسية، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية مسيطرة على مفاصل الدولة والحياة والاقتصاد والسياسة، خصوصا ارتباطها بالطبقة الحاكمة المشكلة من الإقطاع والكمبرادور الذين كانا عائقا أمام تقدم الشعب وتحرره من الهيمنة الامبريالية اليابانية أولا ثم الفرنسية بعد الحرب، واستقطابها لجزء من البرجوازية.

وفي هذا الصدد، صدرت وثيقة في المؤتمر التأسيسي للحزب الشيوعي الفيتنامي، تقول أن التناقضات الجزئية بين البرجوازية القومية والامبريالية الفرنسية لا تمنعها من التحالف مع هذه الأخيرة لمحاربة الحركة الثورية الجماهيرية. فالبرجوازية القومية المرتبطة بالملكية العقارية الكبرى، تساوم مع الإمبريالية الفرنسية على حساب مصالح الجماهير الكادحة في الهند الصينية.

ومنذ 1945، أي بداية الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي، تراجع دور الأحزاب، وتخلت البرجوازية القومية عن مهام الثورة التي تولتها وقادتها البروليتاريا وقادت الحركة الجماهيرية كونها الطبقة الأكثر تضررا والأكثر ثورية داخل المجتمع. أما بالنسبة للبرجوازية المتوسطة و الصغيرة فقد سعت إلى التجذر في المجتمع بعد سيادة الفوضى وتدهور الأوضاع الاقتصادية بسبب الحرب وجشع المستعمر الذي كان يتملك وسائل الإنتاج. أما تكتيكيا فقد سعت جبهة التحرير إلى دعم هذه الطبقة المعادية لأمريكا خصوصا من أجل عزل النظام البرجوازي المهترئ وتقليص قاعدته الاجتماعية الطفيلية التي استفادت من الحرب. أما البرجوازية الصغيرة، فكانت ترى في جبهة التحرير سبيلها للخلاص وهي طبقة تضم الحرفيين والتجار الصغار والمهن الحرة والطلبة. أما الفلاحون الذين كانوا يشكلون 70٪ من المجتمع الفيتنامي، فقد عانوا من بشاعة الاستغلال الذي فرضه المالكون الكبار، ومن حالة تمركز الملكية الخاصة لدى الإقطاعيين الموالين لفرنسا. وكان هؤلاء الفلاحون يتشكلون من بروليتاريا زراعية صاحبة الوزن السياسي و الاجتماعي (60٪) وفلاحون فقراء (35٪). هذا وقد أدت أزمة 1929 العالمية إلى تدهور أوضاع الأرياف مما أدى إلى بروز دورها السياسي في المدن وتشكل التنظيمات العمالية. وكان نضال البروليتاريا في السابق ضد الامبريالية اليابانية بمثابة تمرين غني ومهم لاستمرار نضالها ضد الامبرياليات الفرنسية والأمريكية، وهذه المرة تحت لواء الحزب والنقابة حيث كانت البروليتاريا تشكل القاعدة الجماهيرية الأساسية للحزب الشيوعي الفيتنامي.

وبهذا الأساس المتين كان الكفاح المسلح عملا تحرريا منظما وله هيئة أركان وبوصلة أهداف تحددت أولا في تحرير الأرض وتوحيد البلاد بين الشمال والجنوب في إطار اشتراكي موحد والعمل الزراعي الجماعي.
أما الطبقة العاملة التي كانت متمركزة في المدن، فكان لها نفوذ إيديولوجي وسياسي كبير على المجتمع، فتصدرت البروليتاريا في المدينة النضالات الاقتصادية والسياسية المعادية للاستعمال من خلال تلاحم النضالات العمالية غير المسلحة الكفاح المسلح الأرياف، ولعبت الطبقة العاملة دورا أساسيا في

فشل “البرلمانية” كطريق للتغيير: حالة اليندي بالشيلي
م.ج
في إطار نظرية خروتشوف التحريفية التي انتصرت في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي سنة 1956، التي ترتكز على مقولة “التعايش السلمي” مع امبريالية واعتماد الانتخابات على النمط البرجوازي لتحقيق التغيير وبناء الاشتراكية، فقد فاز اليندي، مرشح الوحدة الشعبية بزعامة الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي سنة 1969، وتقلد منصب رئيس الجمهورية سنة 1970. رغم أن حكومة “الوحدة الشعبية” لم تقم بتغييرات ثورية في مختلف الميادين، إذا استثنينا تأميم مناجم النحاس التي تستغلها شركات أمريكية، فان التحالف الثلاثي المكون من الولايات المتحدة الأميركية والمؤسسة العسكرية الشيلية والبرجوازية الكمبرادورية الشيلية رفضت قيادة البلاد من طرف حكومة “الوحدة الشعبية”.
قبل انقلاب 1973 واغتيال الليندي بأيام، صرح وزير الخارجية الأمريكي أنداك هنري كيسنجر: “لا أفهم لم يجب أن نجلس جانباً ونراقب دولة تسير في طريق الشيوعية نتيجة لعدم تحمل شعبها المسئولية…”
“فباستثناء تأميم مناجم النحاس التي كانت تحت سيطرة الشركات الأمريكية لم يكن أداء حكومة الوحدة الشعبية برئاسة الليندي أداءاً ثورياً بأي حال من الأحوال، ولم تكن تمثل أي تهديد لجنرالات الجيش وكبار رجال الأعمال وممثلي البرجوازية التشيلية.
فبرغم أن الوحدة الشعبية كانت تتكون نظرياً من أكثر الأحزاب راديكالية، والتي نجحت في أن تتحد خلف الليندي كمرشح واحد للمعارضة في انتخابات 1969 جذب أصوات كل الناخبين الراغبين في إحداث تغيير جذري في حالة البلاد، وبرغم إصرار الحزب الشيوعي التشيلي والحزب الاشتراكي التشيلي القطبان الرئيسيان في حكومة الوحدة الشعبية على تسمية عملية وصول الليندي لرئاسة الجمهورية في 1970 بالثورة السلمية وأنها تفتح آفاق لتغيير المجتمع التشيلي عن طريق العملية السياسية البرلمانية البرجوازية التقليدية، إلا أن أداء الليندي وحكومته لم يتجاوز سقف الحكومة الاصلاحية التي سبقته” (منقول عن س.س)

مارس1973 ومحاولة تغيير النظام المغربي
عن طريق الكفاح المسلح النخبوي
على وحماد

انفجر الصراع السياسي داخل المغرب غداة الاستقلال الشكلي. لم يعد شعار “وحدة الحركة الوطنية بمختلف مكوناتها الطبقية والسياسية والفكرية، والقصر وامتداداته الرجعية (الشبه الاقطاع، الأطر العسكرية التي عادت من الفيتنام بعد هزيمة الجيش الفرنسي التي كانت تحارب في صفوفه في معركة “ديان بيان فو” سنة 1954، العناصر المرتبطة مباشرة مع فرنسا…)”. لقد فرق سؤال “ما هو المغرب الذي نريد تشييده؟” التحالف “الوطني-الرجعي”.
برز “التيار التقدمي” الذي أسس حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1959.
أمام تغول النظام خصوصا بعد أن تولي الأمير الحسن مقاليد الملك، برزت تناقاضات عدة داخل الحركة الاتحادية: تيار نقابي “خبزوي” بقيادة عبد الله إبراهيم ومحجوب بن الصديق، تيار تقدمي إصلاحي بقيادة كل من بوعبيد وبنبركة والفقيه البصري، وتيار “ثوري” بقيادة شيخ العرب. تبنى هذا الأخير استراتيجية “حرب العصابات في المدن”، مما أدى الى مقتل العديد من عناصر الشرطة و”الخونة” بالدار البيضاء، وانتهت العمليات بعد استشهاد شيخ العرب، وحكم بالإعدام على مناضلين أخرين (الأطلسي، الحلاوي…)، لم ينفذ بعد.
برزت خلافات داخل الجناح الإصلاحي، حيث ظهر تيار بقيادة الفقيه محمد البصري يطرح ضرورة اسقاط النظام الملكي عن طريق الكفاح المسلح المزدوج بين البادية والمدينة. هناك من يدعي أن الفقيه محمد البصري قد يكون “متورطا” في محاولة الانقلاب العسكري سنة غشت 1972 التي قادها الجنرال محمد أوفقير.
كان الشهيد عمر دهكون يهيئ حرب العصابات بالمدينة (الدار البيضاء، الرباط…)، والشهيد محمد بنونة (محمود) العمليات بالبادية (خنيفرة، املشيل، قصر السوق…).
ففي هذا الإطار انطلقت عمليات مسلحة 3 مارس 1973، التي فشلت واستشهد العشرات من المناضلين، وشردت الاف الأسر والعشرات من القبائل.
لقد انتقدت منظمة “الى الأمام” استراتيجية الانقلاب العسكري والنخبوية و”البلانكية”، وفي نفس الوقت أدانت الحملة القمعية الهستيرية التي قامت بها الدولة في حق “حركة 3مارس”، في حق قبائل العديد من المناطق…واعتبرت المناضلين عمر دهكون ورفاقه شهاء الشعب المغربي.


* نشر في العدد 500 من جريدة النهج الديمقراطي