دور المناضلين في بناء الحزب (الجزء 1)

دور المناضلين في بناء الحزب (الجزء 1)
مرتضى لعبيدي: أستاذ باحث تونسي

دور المناضلين في بناء الحزب*
[نقاش مع مناضلي الحزب في مقاطعة بيشينشا(1)]

بقلم بابلو ميرندا(2)
ترجمة مرتضى العبيدي
20  أبريل   2023

أيها الرفاق
بعد ظهر اليوم، تبادلنا وجهات النظر حول طريقة وسيرورة بناء الحزب. تحدث العديد منكم عن تجاربهم، وعن إنجازاتهم، وما حققوه على أرض الواقع، ولكن أيضًا عن الصعوبات التي واجهوها. سوف نحاول استخلاص الدروس التي ستساعدنا على اتخاذ خطوات جديدة تتعلق بمسؤوليتنا الكبرى في تنظيم وإنجاز الثورة.

إن إنشاء حزب شيوعي شجاع ومتبصّر هو المفتاح لدفع المهام الكبرى لتنظيم الثورة وإنجازها. هذا واضح بالنسبة إلينا. فكيف نجعل من حزبنا، الحزب الشيوعي الماركسي اللينيني بالاكوادور حزبًا أكبر وأكثر قتالية، وأفضل تموقعا في عملية تنظيم وإنجاز الثورة في الإكوادور؟ هذا هو السؤال الأساسي. هذا هو جوهر النقاش الذي نعمل على تطويره.

فالرفيق الذي أخذ الكلمة في بداية هذا الحوار تحدث عن الواقع الملموس في منطقته. قال: “لقد أنجزنا، وجندنا، وأدمجنا 50٪ من المناضلين الجدد في الحزب، وهو ما ضبطناه في خطة العمل. والسؤال موجّه للجميع: إذا كان الرفاق قد استطاعوا القيام بذلك في تلك المنطقة بالذات، فلماذا لم يفعلوا ذلك في بقية المحافظة؟ لماذا لم يحدث ذلك على جميع الجبهات، هل لديكم إجابة؟ أدعوكم للتفكير، ولكن قبل كل شيء، علينا أن نتحلّى في فهمنا، وفي ممارساتنا، بسلوك يمكنّنا من اتخاذ قرار التصحيح من أجل المضي قدما.

بدون حزب كبير، بدون عدد كبير من المناضلين، لا يمكننا إقامة حزب نوعي؛ إنكم تعلمون ذلك تمامًا، لأنكم ماركسيين لينينيين، إذن ماديين جدليين، تعلمون أن الكم يتحوّل إلى نوع. لا يمكن أن يكون لدينا عدد كبير من الكوادر إذا كان لدينا عدد قليل من المناضلين. ولهذا فإني لا أفهم ملاحظة بعض الرفاق بعدم حاجتنا إلى حزب كبير، وهو ما يشي بأن هؤلاء لا يشاركون بشكل شامل ودائم في هذه المهمة.

كيف نجعل من الحزب الشيوعي الماركسي اللينيني بالاكوادور حزبًا أكبر؟ يجب علينا أولا استقطاب مناضلين جدد. كيف يتم الانتداب؟ أنا متأكد أن كل واحد منكم قد جند 5 أو 10 مناضلين خلال حياته في الحزب، أليس كذلك؟ فليرفع الرفاق الذين انتدبوا على الأقل مناضلا واحدا للحزب أيديهم. والآن فليرفع أيديهم رفاقنا الذين لم يجندوا أحدًا مطلقا. هناك رفاق لم يجنّدوا شيوعيًا جديدًا لمدة 15 أو 10 أو 3 سنوات من النضال، فهم مقتصرون على الحفاظ على أنفسهم كشيوعيين. حسنًا، إن على هؤلاء قلب الصفحة، إذ لا يمكنهم المضي قُدمًا على هذا النحو إذا كانوا يعتقدون حقًّا أنهم شيوعيون.

كيف يتم الانتداب وأين؟ يتمّ الاستقطاب وسط الجماهير الكادحة، خاصة في صفوف الطبقة العاملة، ووسط الشباب، حيث تتوفر المادة الخام، هذه هي المناجم التي سنصادف فيها الشيوعيين الجدد. لكن الجماهير تمثل عالما كبيرا، عالما شاسعا للغاية، كما قال أحد الرفاق هنا. في النقابة، هناك عمال غير مسيسين، وهناك اشتراكيون ديمقراطيون، وانتهازيون، وهناك أنصار الرئيس السابق “كورّيا”، وهناك أصناف مختلفة؛ الشيء نفسه في (الاتحاد الوطني للطلاب FNE)، وفي (FEUE)، وبالتالي فإن الجماهير ككل لا تشكل فضاء للعمل الثوري، أو للاستقطاب.

يجب أن نتذكر ما نعرفه، وما ناقشناه مرارا، ألا وهو تجسيد العمل الإيديولوجي والسياسي داخل القطاعات الاجتماعية النشيطة، التي تقاتل من أجل مصالحها، والتي تترك جانباً الخمول الذي تبثه البرجوازية، وتصبح قطاعات فاعلة، تأخذ مصيرها بأيديها. كما نعلم إن الجماهير لا تصل إلى هذه المواقف لمجرد أنها تتعرض للاستغلال والاضطهاد، أو لأنها غير راضية؛ لا! ليس هذا هو الحال، لأن الأيديولوجيا والوعي والتنظيم والنضال لا تتولد بشكل عفوي.

إن أحد الدروس العظيمة التي نستمدها من الماركسية اللينينية والنظرية الثورية عموما، والتجربة التاريخية للثوريين البروليتاريين في جميع البلدان وفي مختلف الأزمنة، هو أن الجماهير الكادحة، بما في ذلك الطبقة العاملة، تتلقى الأيديولوجيا الثورية والنظرية من المناضلين الثوريين، من الشيوعيين، فتنهض إلى الحركة من أجل مصالحها وتتحول إلى فاعل أساسي في هذا النضال، وكذلك في النضال من أجل المطالب الديمقراطية، من أجل التغيير الاجتماعي، من أجل الثورة والاشتراكية.

ومن أجل المضي قدمًا لرؤية ما وراء مطالبهم المباشرة، فإن وجود الحزب في قلب هذه القطاعات الاجتماعية ضروري ولا غنى عنه. نحن نعلم إن الحركة الاجتماعية ليست خاملة، أو سلبية. هناك تعبيرات عن عدم الرضا، عن عدم الامتثال؛ حتى في ذروة حكم “كورّيا” كانت هناك صراعات، وفي هذه اللحظة بالذات، هناك عدد كبير من الإضرابات العمالية، والطبقة العاملة في أكثر قطاعاتها تقدمًا هي في نضال مستمر.

إن الفلاحين مزارعي الأرز، مزارعي الذرة، منتجي الحليب، أي أكثر قطاعات الطبقة العاملة الزراعية تقدما، هم في حالة نضال. كما يكافح مزارعو البطاطس ليس فقط من أجل مصالحهم الخاصة، ولكن أيضًا من أجل مصالح جميع العمال، وهم لا يقدمون مطالبهم فحسب، بل يذهبون إلى حد إغلاق الطرقات؛ كما أن عمال التأمين الفلاحي يكافحون، والمعلمون يناضلون بإصرار من أجل التعليم العمومي وحقوقهم، وكذلك الطلاب وشباب المدارس الثانوية، جميعهم موجودون في الشوارع ويقاتلون من أجل حقوقهم. إن ما يحدث لم يتخذ بعد شكل موجات كبيرة تعبر على عودة الروح للصراع الطبقي، لكن من الواضح أن هناك حركة اجتماعية تناضل من أجل مصالحها وحقوقها، لأن هناك احتياجات لم تتم تلبيتها. هذا، بشكل عام، يعبر عن عدم الاستكانة، والتوق إلى التغيير لدى الجماهير العاملة والشعوب والقوميات.

حسنًا، لا يجب النظر إلى الأمر على أن الجماهير تحركها الحاجة، وأنهم يقاتلون من أجل مصالحهم فقط، بل إن جزءًا كبيرًا منهم يقاتل تحت قيادة الشيوعيين. لهذا السبب، ووفقًا لقناعاتنا، يجب أن نكون نحن الشيوعيين حيث تقاتل الجماهير الكادحة، وحيث يقاتل الشباب. يجب أن ننخرط في النضالات التي لا ننظمها بأنفسنا، ولكن يجب علينا أيضًا تنظيم النضالات من منظورنا، من وجهة نظر استحقاقاتنا العملية، هذا هو جوهر المسألة أيها الرفاق. إذا لم يكن هناك صراع، إذا لم يكن هناك تعبير عن الرفض، فلن تستوعب الجماهير دورها في عملية التغيير، ولن نتعرف على الناس، رجالا ونساء، صغارا وكبارا، الذين يبرزون عادة بين الجماهير كمناضلين اجتماعيين.

إن الجماهير هي عالم شاسع، فهناك قطاعات متخلفة، وهناك أشخاص منخرطون بشكل محدود في الحركة، لكن هناك أشخاص آخرون يشاركون بشكل مباشر، ويأخذون زمام المبادرة لتنظيم وقيادة النضال. أولئك هم من نطلق عليهم لقب المناضلين الاجتماعيين. إن الشخص القادر على اتخاذ قرار النضال من أجل شعبه، من أجل الأهداف التي لديه في حياته والقادر على تعريف نفسه على هذا النحو في سيرورة معينة هو مقاتل اجتماعي. إن الذي يتقدم شعبه في فهم المشاكل، في عملية التنظيم والمناقشة والتوضيح، في تطوير النضال، هو مناضل اجتماعي. لكن المناضل الاجتماعي ليس بعدُ ثوريًا، أو شيوعيًا، لكننا سنجد فيه المادة الخام لنصنع مقاتل اجتماعي، لنصنع ثوري، لننحت شيوعي.

لا يمكننا أن نطلب من عنصر متخلف من الجماهير أن يأتي إلى الحزب. قد يقبل ذلك صدفة، لكن الأمر الطبيعي ألا يقبل. علينا أن نبحث بين الجماهير عن القادة الميدانيين، والذين نسميهم المناضلين الاجتماعيين، الذين يظهرون عندما يكون هناك صراع اجتماعي، عندما يكون هناك تجمع شعبي، عندما يكون هناك نقاش، يبرزون في تعبئة الشوارع، في الإضرابات، في إغلاق الطرقات. من بين أولئك الذين يبرزون في هذه الأعمال، يُظهر شخصان أو ثلاثة أو أكثر سلوكًا ثابتًا في الدفاع عن مصالح رفاقهم، ومن بين أولئك الذين يتبنون في خضم النضال مواقف ثابتة وشجاعة، نجد هؤلاء الرجال والنساء القادرين على الانضمام إلى الحزب. مع هؤلاء الأشخاص يجب علينا القيام بعمل فردي خصوصي، إذا لزم الأمر. لكنهم لن يصبحوا شيوعيين إذا لم نعمل بجد لتعريفهم بالسياسة الثورية، وبالحياة الحزبية، وإشراكهم في النشاط الاجتماعي والنضال.

في أوقات معينة من حياة المجتمع، تكون الظروف أفضل لتكوين الأحزاب، وفي أوقات أخرى، في المواقف الصعبة، تكون شروط تكوين الأحزاب مقيدة؛ فيتقلص عدد المناضلين. حدث هذا لنا في ذروة نظام “كورّيا”، وعانينا من انخفاض حاد في عدد المناضلين لدينا. لكن نفس الأمر حدث مرات عديدة ولأحزاب أخرى أيضًا. لقد حدث ذلك للحزب البلشفي، لحزب لينين عندما تصاعد القمع القيصري، حيث شهد الحزب انخفاض عدد أعضائه بأكثر من 40٪.

لقد تأثرنا بالفعل بالقمع، لكن كما قال بعض الرفاق هنا، لم يدمرنا القمع. نحن هنا وما زلنا نقاتل! لقد انضم إلينا رفاق جدد. هنا، في هذه القاعة، إن الذين يحضرون نقاشا من هذا النوع لأول مرة، يمثلون 22٪. إنه أمر جيد، أليس كذلك؟ لكن من الجيد أيضًا أن يكون 78٪ من الحاضرين من المحاربين القدامى، الذين كانوا في الحزب لفترة طويلة، لأن إحدى المسائل التي نريد تثبيتها، وعلينا تثبيتها حتى نكون حزبا كبيرا هي أن الذين يلتحقون بنا لا يغادرون إلى الجانب الآخر، لا يفارقوننا بعد فترة من الوقت.

لذا، فلنرتبط بالحزب أولاً، ولنقبل بالانضمام إليه ولا نغادره أبدًا. وكما يقول شعبنا “يجب أن نموت ونحن مرتدين لأحذيتنا”، هذا هو الهدف الذي يجب متابعته ليتطور حزبنا باستمرار. إن الرفيق الذي ينضم إلى الحزب، رفيق يبقى إلى الأبد في صفوفه. ذلك هو هدفنا الأسمى. ولتحقيق ذلك، يجب أن نصارع كل يوم، وفي هذه المعركة، يلعب كل رفيق دورًا حاسمًا. إنها مسألة حسم أن تكون عضوا في الحزب. ومع ذلك، يتحمل الحزب أيضًا مسؤوليات في التمثين الأيديولوجي لأعضائه. يجب عليه أن يسعى جاهداً لخلق الظروف التي تسمح للرفاق بالاستمرار، وبألا يشعروا بالإحباط، بحيث عندما تقعون في الشدائد، فإنهم لا يشعرون بالذعر، ولا يكون القمع مصدر خوف… بل، على العكس من  ذلك، يجعلهم أكثر شجاعة وأكثر تصميم وأكثر قتالية.
(يتبع)


الهوامش:

* الجزء 1 من 3

(1) بيشنشا هي إحدى المحافظات الـ 24 التي تتكوّن منها دولة الإكوادور وعاصمتها كيتو التي هي في نفس الوقت عاصمة البلاد.

(2) الأمين العام للحزب الشيوعي الماركسي اللينيني بالاكوادور.