الغلاء: نهب للطبقات الشعبية واغتناء للكتلة الطبقية السائدة والأمبريالية

الغلاء: نهب للطبقات الشعبية واغتناء للكتلة الطبقية السائدة والأمبريالية

الغلاء: نهب للطبقات الشعبية واغتناء للكتلة الطبقية السائدة والأمبريالية

تشهد بلادنا إرتفاعا كبيرا للأثمان طال جل المواد والخدمات تكتوي بناره كل الطبقات الشعبية.

وتتحمل الكتلة الطبقية السائدة التي تتكون من ملاكي الأراضي الكبار والبرجوازية الاحتكارية التبعية والامبريالية الغربية المسئولية الأساسية عن الغلاء الذي وصل مستويات لا تطاق في المغرب.

فملاكو الأراضي الفلاحية الكبار، لمراكمة الثروات بالعملة الصعبة في الخارج لتمويل احتياجاتهم من مواد البدخ، يوجهون انتاج ضيعاتهم، في المقام الأول، للتصدير، أساسا، نحو أوروبا الغربية. ويصب، بالتالي، اهتمامهم الأساسي على زيادة الصادرات. ويتم ذلك على حساب السوق الداخلية التي تمون من فائض صادراتهم من النوعية المتدنية التي لا تقبلها السوق الأوروبية الغربية ومن إنتاج الفلاحين المتوسطين والصغار. وبسبب ارتفاع كبير لصادرات هؤلاء الملاكين الكبار من الخضراوات نحو أوروبا وإفريقيا في المدة الأخيرة، انخفض تموين السوق الداخلية منها بشكل كبير. مما أدى إلى ضعف العرض بالمقارنة مع الطلب وأدى إلى ارتفاع الأثمان الذي عمقه جشع الوسطاء والمضاربين. فمسئولية غلاء أثمان الخضراوات يتحملها، أساسا، ملاكو الأراضي الفلاحية الكبار الذين يوجهون إنتاجهم نحو التصدير، عوض توجيهه، أساسا، إلى السوق الداخلية والمساهمة، بالتالي، في السيادة الغذائية لشعبنا.

أما استمرار ارتفاع أثمان المحروقات رغم تراجع الأسعار في السوق الدولية، فهو نتيجة الاحتكار الذي تمارسه كمشة من الشركات التي تجني أرباحا خيالية.

إن البرجوازية الاحتكارية الصناعية والخدماتية، لكونها تحتل موقعا متخلفا في قسمة العمل على المستوى الدولي يحصرها في أنشطة ذات قيمة مضافة ضعيفة (انتاج الخامات والمواد النصف مصنعة والصناعات التي تتطلب يدا عاملة ضعيفة التأهيل: تركيب الآلات المنزلية… النسيج والألبسة، الصناعات الغذائية… أنشطة خدماتية كمراكز الاتصال) وتستورد الآلات والتكنولوجيا وغيرها من عوامل الإنتاج الغالية الثمن، فإنها تلعب أيضا دورا هاما في موجة الغلاء من خلال الاستفادة من ارتفاع أثمان عوامل الإنتاج المستوردة للرفع من أثمان منتجاتها بشكل أكبر بكثير من ارتفاع كلفة الإنتاج مما يضاعف أرباحها، خاصة مع تجميد أجور العمال والعاملات.

لقد وجدت الشركات المتعددة الإستيطان في جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا، اللذان أديا إلى إضطرابات في سلاسل التوريد وارتفاع مؤقت للمحروقات، جادتها لتبرير إرتفاع غير مسبوق لأثمان منتجاتها. وقد بينت دراسة أجريت حول شركات أمريكية متعددة الاستيطان أن 54 في المئة من ارتفاع أثمان منتجاتها هو ربح إضافي بينما يعود 38 في المئة من الإرتفاع إلى الإضطرابات السالفة الذكر و8 في المئة فقط إلى زيادة الأجور. ولا تختلف ممارسة الشركات الأوروبية المتعددة الجنسية عن مثيلاتها الأمريكية. وتساهم البرجوازية الكمبرادورية المغربية التي تلعب دور الوسيط بين الشركات المتعددة الاستيطان والسوق الداخلية بقسطها في الغلاء.

إن الغلاء، الذي لا يوازيه ارتفاع بنفس النسبة للقدرة الشرائية، يساهم في تفقير الطبقات الشعبية واغتناء الكتلة الطبقية السائدة والامبريالية. إنه أحد أخطر أشكال النهب والتراكم البدائي للرأسمال. وهو بالتالي، أحد الوسائل التي تلجأ إليها الرأسمالية لمواجهة ميل نسبة الربح نحو الإنخفاض الذي تعاني منه. إنه أحد أخطر أشكال الحرب الطبقية التي تشنها الكتلة الطبقية السائدة والأمبريالية ضد الطبقات الشعبية والتي تحاول التملص من تحمل مسئوليتها عنه (أي الغلاء) تحت ذرائع مختلفة كالعامل الخارجي أو التقلبات المناخية أو غيرها.

إن استئصال الغلاء بشكل نهائي يتطلب التخلص من الرأسمالية والانتقال إلى الاشتراكية. لكن مواجهته، الآن وهنا، مهمة أساسية وملحة لكونه عدوان غاشم على الطبقات الشعبية يهدد الملايين بالمزيد من التفقير، بل بالجوع والموت البطيء. لذلك لا بد من حشد أكبر قوة شعبية لمواجهته. وتتحمل كل القوى المناضلة، بما فيها الجبهة الاجتماعية، مسئولية كبرى في قيادة هذه المعركة من خلال وضع قضية التصدي للغلاء على رأس أولوياتها وتجاوز التناقضات الثانوية بينها وتغليب إرادة النضال الوحدوي وبلورة خطة تحدد الأساليب التنظيمية المناسبة والمطالب الملحة والأشكال النضالية الملائمة.