فاتح ماي 2023: ترتيب تحديات الطبقة العاملة وسبل المواجهة
فاتح ماي 2023: ترتيب تحديات الطبقة العاملة وسبل المواجهة*
تعيش جماهير شعبنا أصعب اللحظات جرّاء النتائج المدمرة التي تسببها الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسات المطبقة من طرف النظام القائم. ففي مثل هذه اللحظات تُلقي الكُتلة الطبقية السائدة بآثار الأزمة على كاهل الجماهير الكادحة وفي مقدمتها الطبقة العاملة كما فعلت في عز وباء كورونا إذ سعت إلى تحقيق الأرباح على حساب الأرواح. هكذا باتت الطبقة العاملة تواجه تحديات كثيرة وجب علينا ترتيبها حتى لا تَتيه لَمّا تريد طرح الحلول. فالتحدي الأول يتمثل في كون الطبقة العاملة ببلادنا تتعرض للمسِّ بالحق في العيش الكريم ولمّا يغيب هذا الحق تتفشى الهشاشة وتتفتَّت الصفوف وتفقد الطبقة العاملة تلك الخاصية الأساسية بكونها طبقة في ذاتها والتي على قاعدتها يُبنى كل المشروع المستقبلي، أي أن تصبح طبقة لذاتها. والتحدي الثاني هو منعُ الطبقة العاملة من اكتساب أدواتها الذاتية المستقلة عن البرجوازية وفي مقدمتها النقابة ثم تأسيس حزبها السياسي المستقل..
تُحيي الطبقة العاملة فاتح ماي لكي تتعرف وتناقش ما هو المطلوب لمواجهة هذه التحديات. ومن دون شك أن الاتجاه وسط المناضلين المخلصين لمصالح الطبقة العاملة سيجدون الأجوبة في البحث عن كيفية النهوض بالعمل النقابي الذي يمكن الطبقة العاملة من استرجاع النقابات لخدمة الطبقة العاملة وتحويلها إلى مدرسة تنظيم المطالب والنضال من أجل انتزاعها والتعرف على العدو الطبقي وفضح طبيعة الدولة القائمة وأجهزتها القمعية. سيتوجه النظر أيضا إلى ضرورة توفر الطبقة العاملة على لسانها والمعبر السياسي عن مصالحها القريبة والبعيدة أي ضرورة بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة والذي به وعبره تخوض الصراع السياسي في المجتمع. ومن جهة ثالثة سيتوجه نظر المناضلين إلى ضرورة الاهتمام بالتضامن بين العمال في وحَدَة الإنتاج أو في الحي الصناعي الواحد أو على صعيد الإقليم وطبعا على الصعيد الوطني وأخيرا سيتجه نظر المهتمين بتوفير طرق مواجهة التحديات بخلق شروط العمل المشترك بين الطبقة العاملة والفلاحين الصغار والفقراء وباقي كادحي الأحياء الشعبية وفئات الطبقات الوسطى التي تعرضت إلى تفقير خطير.
فما هي المهام العاجلة التي يجب الانكباب عليها في أفق استنهاض الصراع الطبقي؟ وأي دور للطبقة العاملة في ذلك؟ نعتقد أن أصعب مسالة هي وضع السؤال الصحيح قبل الانخراط في النضال والفعل على اعتبار أن وضع السؤال يفترض التوفر على قاعدة نظرية وسياسية سديدة وموجهة. وفي هذا الإطار لا يمكن تصور الإجابة على المهام العاجلة لاستنهاض الصراع الطبقي إذا لم تنخرط فيه أوسع الجماهير العمالية. إن السعي لالتحاق أوسع جماهير الطبقة العاملة يشترط أن نجعلها تنخرط في العمل النقابي وخلق شروط الوحدة النضالية ومواجهة كل مظاهر تقسيم الصفوف في العمل النقابي أو تقزيمه أو دفع العمال إلى هجْر النقابات. إن العمل النقابي يجب أن توجهه الفصائل العمالية المؤمنة بكون العمل النقابي يجب أن يتطور ويخضع لتوجيه جديد مستقل على مصالح الطبقات البرجوازية والبرجوازية الصغيرة وهي طبقات سعت دائما لاستعمال الطبقة العاملة كمطية تحقق بها الضغط لتحسين شروط المفاوضات مع الدولة.
وحدة النضال النقابي يمكنه أن يؤسس لتحقيق الوحدة النقابية التنظيمية مستقبلا وهذا أمر مطلوب وممكن إذا أردنا هزم العدو الطبقي الممثل في الباطرونا وجهاز دولتهم القمعي. ومن أجل الإجابة المستعجلة على رفع التحديات يجب على المناضلين في جميع المركزيات النقابية والنقابات القطاعية بلورة برنامج نضالي يواجه الغلاء والاحتكار والمطالبة برفع الأجور والتراجع عن الغلاء وسن قانون السلم المتحرك للأجور بارتباط مغ ارتفاع الأثمان. ومن أجل إنجاح مثل هذه البرامج النضالية يجب العمل على إطلاق حملات التضامن بين العمال في الحي الصناعي وفي الإقليم وعلى الصعيد الوطني وجعل المركزيات النقابية تتضامن بينها وتنبد التفرقة وتشتيت صفوف الطبقة العاملة.
على المناضلين والمثقفين الثوريين أن يتخلصوا من هامشيتهم وانعزالهم عن واقع الطبقة العاملة وأن ينخرطوا في نضالاتها حسب قدراتهم وإمكاناتهم وأن يتحولوا إلى مثقفين عضويين مشتبكين مع الرجعية والرأسمال لهزمهما وتحصين معارك الطبقة العاملة وأن يساهموا في بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة وأن يلعبوا دورهم بتواضع وأن يَسْعوا إلى أن يتبلترون في ذات الوقت فكرا وقناعة وممارسة.
* كلمة العدد 506 من جريدة النهج الديمقراطي [حاليا بالأكشاك]
○