ما هي أهم ميزة للحركات الاحتجاجية؟
ما هي أهم ميزة للحركات الاحتجاجية ببلادنا اليوم؟
من يراقب أهم الحركات النضالية ببلادنا تحت الحجر الصحي سيقف على كونها في غالبيتها من انجاز الطبقة العاملة. حتى النضالات العمالية المندلعة قبل اعلان قانون الطوارئ الصحية لم تتوقف. استمر العمال في اعتصاماتهم ووقفاتهم رغم التهديدات بالاعتقال. هذه هي حالة العاملات والعمال الزراعيين في صوبروفيل وروزفلور وامانور وغيرهم.
ففي الوقت الذي فرض فيه الحجر الصحي على الاغلبية الساحقة من الجماهير الشعبية وجدت الطبقة العاملة نفسها تساق للعمل في الضيعات والشركات الكبرى بمباركة من الحكومة وأجهزة الدولة المختلفة، لتمكين الرأسمال من فرصة حل ازمته على حساب الطبقة العاملة وبالشروط التي تلائمه.
طبعا استغلت الباطرونا المفترسة هذه الوضعية فابتزت الحكومة لتحصل على الدعم من صندوق الجائحة ومن اجل القاء التبعات على صندوق الضمان الاجتماعي ومن خلال التنصل من تأدية الضرائب ومن توفير شروط الصحة والسلامة. استغلت الباطرونا ظروف الجائحة فقلصت عدد العمال او اعلنت الافلاس الجزئي او النهائي بدون تحمل تبعات هذه الإجراءات الظالمة لأنها تعلم ان النقابات لن تحرك ساكنا ما دامت القيادات المتنفدة أعلنت عن تفهمها وعن استعدادها للحوار من اجل سلم اجتماعي وتفاهم طبقي.
كل ذلك جعل الطبقة العاملة تدرك جيدا انها في مواجهة مباشرة مع البطالة وفقدان الشغل مما يعني التشريد العائلي وضياع مستقبل الابناء وحتى خطر الموت جوعا نتيجة الفقر المعمم. تدرك الطبقة العاملة ان الازمة الراهنة تختلف في حدتها وخطورتها عما عاشته في الماضي. لذلك بدأت الاحتجاجات تنتشر وسط العمال في المصنع الواحد او في المنطقة الصناعية من اجل حماية الارواح وإجبار الباطرونات ومعهم السلطات المحلية بتوفير شروط الصحة والسلامة وإجراء الفحوصات الضرورية والكافية ومن جهة اخرى المطالبة بإرجاع المطرودين أو الموقوفين مؤقتا.
هذا النهوض العمالي سيستمر لان ليست هناك اية بادرة امل في استئناف الدورة الاقتصادية بما يسمح برجوع الاغلبية المعطلة اليوم كما أن الباطرونا تسعى للمزيد من تقليص اعداد العمال او ساعات العمل من اجل ابتزاز الدعم والحصول على الطلبيات للانتاج. ففي هذه الوضعية المتأزمة سيسعى العمال الى تنظيم صفوفهم وسيبحثون عن النقابات لتقف بجانبهم وتساعدهم.
لذا اصبحت الجبهة النقابية ممكنة التحقق عبر الانخراط الواسع والواعي للعمال في المركزيات النقابية؛ فتوسع الصفوف يسمح بتربية العمال الجدد على اساليب النضال الجماعي والتربية على ابجديات التنظيم وعلى خوض النضال النقابي والذي من خلاله يتعرف العمال على العدو الطبقي وعلى طبيعة الدولة القائمة. من خلال التجربة الملموسة في العمل النقابي يشعر العمال ان هذا النضال محدود وتنقصه دعامات لا يمكن ان توفرها النقابة. يتعلم العمال من خلال تجربتهم الملموسة ان العمل النقابي يحتاج الى توسيع تنظيم العمال والى نقله الى درجة ارقى تمكنهم من تشبيك النضال النقابي الخاص بهم كطبقة مع نضالات طبقات أخرى متضررة من نفس سياسات الدولة ويفهمون ايضا ان نضالهم النقابي مربوط ومرهون بضرورة تحقيق المطالب السياسية ولكن ليست اية مطالب سياسية بل مطالبهم السياسية كطبقة.حينها يكتشف العمال ان هناك حلقة مركزية غائبة او ضعيفة وهي حزبهم السياسي المستقل أي انهم في حاجة الى هيأة اركان تنظم خوضهم الصراع الطبقي أي النضال السياسي.