الأمازيغية رافعة أساسية للنضال الديمقراطي ضد الفساد والاستبداد

الأمازيغية رافعة أساسية للنضال الديمقراطي ضد الفساد والاستبداد

الأمازيغية رافعة أساسية للنضال الديمقراطي ضد الفساد والاستبداد


تمكنت الحركة الديمقراطية الأمازيغية في المغرب من كسب تراكم نضالي كبير. فانتقلت من حركة مطالبة بالحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغيتين إلى حركة ترتبط بتحقيق العدالة في شموليتها، وطرح القضية في أبعادها الحقوقية، لكن أيضا في أبعادها المرتبطة بالإنسان، الأرض والماء والهوية، تجسدت مؤخرا في تأسيس تنسيقية “أكال” للدفاع عن حق الساكنة في الأرض والثروات. إنها حركة خرجت إلى الوجود بشكل موضوعي وبوعي متزايد بالحاجة إلى تحرير هذا الإنسان وتمكينه من مقدرات كفيلة بتنميته اقتصاديا وإنماء حياته وثقافته التي تغني الثقافة الوطنية المتعددة الأبعاد…

وفي سياق الحراكات الشعبية الجارية في بلادنا، تواجه تنسيقية “أكال” مخلفات فشل سياسات الدولة المخزنية ومن ضمنها: مخططات المغرب الأخضر، أليوتيس الماء، تحديد الملك الغابوي وأراضي ما يعرف بالسلاليين ونزع الأراضي من ذوي الحقوق، قانون رقم 13.113 المتعلق بالترحال الرعوي وتهيئة مجالات الرعي. فضلا عن استغلال الطاقة والمعادن بما يستنزف الفرشات المائية ويزيد من تفقير الساكنة وحرمانها من ثرواتها الطبيعية ويعمق من طمس هوية وثقافة ضاربة في عمق التاريخ والحضارة. لقد حملت الحركة مطالبها على غرار احتجاجات باقي الفئات المحرومة، متوجهة إلى الشارع من خلال تنظيم مسيرات وطنية وازنة ومتنوعة المشاركة من مختلف المناطق المتضررة سكانها، المقصية اجتماعيا والمحرومة من تمتعها بخصوصياتها الإثنوثقافية.

وبهذا تكون للقضية الأمازيغية أهمية بالغة في الصراع الدائر من أجل التحرر الوطني والبناء الديمقراطي. ونجاحها يساهم في تقوية النضال من أجل التحرر الوطني الذي هو نضال جبهوي ضد الكتلة الطبقية السائدة والمخزن من جهة، ومن جهة أخرى هو نضال ضد الإمبريالية التي تستغل هذه القضية العادلة لتقسيم صفوف الشعب وإبعاد بلادنا عن محيطها العربي خدمة لاستمرار هيمنتها على المنطقة ولمصالح حليفها الاستراتيجي أي الصهيونية. ذلك أن الانتصار في هذه المعركة يتطلب وحدة الطبقات الشعبية، سواء مكونها العربي أو الأمازيغي، في إطار جبهة موحدة. إن تجاهل هذه القضية ومعاداتها أو طرح حل خاطئ لها سيؤدي من طرف القوى الحاملة لمشروع التحرر الوطني والبناء إلى تقسيم جبهة الطبقات الشعبية وإضعافها بل حتى إلى صراع تناحري وسطها. بينما التناقض في هذه الحالة هو تناقض وسط الشعب يستدعي حله الحوار الوطني من أجل بلورة الحل الديمقراطي لهذه القضية والنضال الوحدوي لكافة طبقات الشعب المغربي من أجل فرضه على أرض الواقع.

إن مقاربة سليمة لهذه القضية يجعل منها رافعة مهمة للنضال من أجل البناء الديمقراطي، لكونه يرتبط ارتباطا عضويا بقضية بناء الدولة الديمقراطية على أنقاض الدولة المخزنية الاستبدادية والمركزية، الدولة التي تتوفر فيها الجهات على سلطات واسعة تمكنها من تدبير أمورها وتنمية وازدهار طاقاتها البشرية ومواردها الطبيعية في إطار من التضامن والتكامل بين الجهات في ظل دولة فيدرالية.

ومن أدوات الصراع والدفع بالحل الديمقراطي لهذه القضية كغيرها من القضايا الأساسية للشعب المغربي، لا بديل عن خوضها في بعدها السياسي العام والعمل على بناء أدوات سياسية غير مرتبطة لا بالمخزن ولا بالبنية الفوقية كالدين أو اللغة أو الإثنية وغيرها، مما قد يساهم من دون شك في تأخير الوعي الطبقي وتحويل التناقضات الثانوية إلى تناقضات أساسية، خاصة وسط العمال والفلاحين والمعدمين. لذا حسم النهج الديمقراطي القضية بتأصيل واضح في وثائقه المرجعية التاريخية والفكرية والسياسية مؤكدا على ما يلي: “وهكذا تداخلت وانصهرت في تكوين هوية شعبنا عناصر متنوعة منها العروبة والأمازيغية والإسلام وأصبحت وحدة متماسكة صمدت في وجه كل محاولات زرع التفرقة والصدام. مما يفرض الدفاع عن هذه الهوية، عن مكونها العربي الذي تعرض للتهميش رغم كل الخطاب الرسمي حول التعريب، وعن مكونها الأمازيغي الذي يعاني من تهميش مضاعف”.

هكذا فالقضية الأمازيغية قضية كل الديمقراطيين، وموقعها من داخل جبهة موحدة للنضال الشعبي يوفر لها كامل شروط النجاح، كما أن إسهام الحركة الأمازيغية في تطوير النضال العام، أول شروط القضاء على الفساد والاستبداد، وضمان بناء نظام وطني ديمقراطي شعبي، ينعم من خلاله المغاربة بخيراتهم وثرواتهم ويفتح لهم آفاق الرقي والازدهار.