معركة التطبيع لا تحسم صهيونياً على المستوى الرسمي، بل ينجح التطبيع بمقدار تعميمه شعبياً وثقافياً
معركة التطبيع لا تحسم صهيونياً على المستوى الرسمي، بل ينجح التطبيع بمقدار تعميمه شعبياً وثقافياً.
تسارعت الخطوات التطبيعية في أقصى المغرب العربي خلال الأيام والأسابيع الأخيرة، بما “ينافس” تسارعها في أقصى المشرق العربي وأكثر. وكان “رائدها”، منذ انخراطه في المشروع “الإبراهيمي”، في شهر كانون الأول/ديسمبر 2020، هو النظام المغربي طبعاً.
لم يمر يومٌ مؤخراً إلا وكان يحمل نبأً عن تطبيعٍ ما بين النظام المغربي والكيان الصهيوني؛ ففي يوم الجمعة الفائت، انطلق ما يسمى “حوار طنجة للأديان” بمشاركة وفد إسرائيلي يرأسه مستشار رئيس الوزراء، أفرايم سنيه، ووفود عربية ودولية.
قبلها بأيام، غرد رئيس البعثة الإسرائيلية في المغرب، ديفيد غوفرين، في حسابه الرسمي في موقع “تويتر”، بأن وفداً من طلاب جامعة “بن غوريون” يزور المغرب في إطار الاتفاقية الموقعة لتبادل زيارات الطلبة في بداية العام الماضي.
كان غوفرين ذاته قد أعلن على صفحته الرسمية أيضاً، في 26 أيار/مايو الفائت، حضوره حفلاً لتوقيع اتفاق بين وزيرة العلوم والتكنولوجيا الإسرائيلية أوريت فركاش هكوهين ووزير التعليم العالي والبحث العلمي المغربي عبد اللطيف ميراوي، في مقر الوزارة في الرباط، لزيادة التشبيك بين الجامعات ومراكز الأبحاث والباحثين في المغرب والكيان الصهيوني. وقد صدر بيان احتجاجي من أساتذة التعليم العالي في المغرب على هذا الاتفاق التطبيعي الخطر.
انطلق قبل ذلك بيومين، في 24 أيار/مايو تحديداً، منتدى “المغرب-إسرائيل: تواصلوا من أجل الابتكار”، في الدار البيضاء. وقد استمر ذلك المنتدى 3 أيام، ووُقِعت فيه 13 اتفاقية تغطي “الابتكار التكنولوجي” في مجال الصناعات الغذائية والماء والإدارة والطاقة وغيرها، كان موقعوها من القطاعين العام والخاص في المغرب والكيان الصهيوني. وكالعادة، كان اليهودي أندريه أزولاي، المستشار الخاص للملك محمد السادس، عراب المنتدى التطبيعي ونجمه الأول.
يوم 6 حزيران/يونيو الجاري (والتاريخ ذو دلالة)، استضافت “لجنة الشؤون العامة الأميركية-الإسرائيلية” (AIPAC)، إحدى أهم روافع اللوبي الصهيوني في واشنطن، المندوب المغربي لدى الأمم المتحدة، عمر هلالي، في حفلٍ خاصٍ على خلفية تنامي العلاقات بين الكيان الصهيوني والنظام المغربي.
ويبدو أن إقحام الدلالات الرمزية في المسار التطبيعي في المغرب هو ديدن الصهاينة والمطبعين معهم، إذ إن جعل ما هو غير طبيعي طبيعياً يعني في المحصلة اختراق ثقافة الشعب العربي.
وفي بداية شهر حزيران/ يونيو الجاري، احتج مناهضو التطبيع المغاربة على تنظيم احتفال بإطلاق مكتب قناة “i24” الصهيونية في موقع قصبة شالة في الرباط، حيث مرقد السلطان الأكحل أبي الحسن المريني، الذي حكم المغرب الكبير والأندلس 20 عاماً في القرن الرابع عشر الميلادي، والذي خط المصحف الشريف كاملاً بيديه، وزينه ورصعه بأبهى حلة، بحسب بيان مناهضي التطبيع، وأهداه إلى المسجد الأقصى المبارك، حيث بقي حتى سطا عليه الصهاينة بعد حرب حزيران عام 67، وهو الآن معروضٌ كغنيمة في “المتحف الوطني الإسرائيلي”. ومن البديهي أن أندريه أزولاي واثنين من الوزراء المغاربة كانوا نجوم حفل الافتتاح.
الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى باتياس، أصر على أن لا حرج في الاحتفال بافتتاح مكتب قناة “i24” في قصبة شالة، لأنه جاء في إطار التزام الحكومة بالاتفاقيات مع الاحتلال الصهيوني.
يُذكر أن تلك القناة يملكها الملياردير باتريك دراحي، وهو يهودي مغربي يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والفرنسية. وقد افتتحت قناة “i24” مكاتب واستديوهات في الرباط والدار البيضاء في نهاية الشهر الفائت (افتتحت مكتباً في دبي العام الماضي).
وفي الرابع من حزيران/يونيو الجاري، أعلن المغرب والكيان الصهيوني عن اتفاق جديد في مجال الإنترنت، بعد مشاركة “اللجنة الوطنية المغربية لمراقبة حماية المعطيات الشخصية” في الاجتماع الـ69 لمجموعة برلين في “تل أبيب”.
وقد تأسست مجموعة برلين عام 1983، وهي تعنى بحماية المعطيات الشخصية وبمتابعة اتجاهات عالم الإنترنت وتطوراته، من قبيل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء. ويقوم الاتفاق المغربي-الإسرائيلي في هذا المجال بتنظيم زيارات عمل متبادلة إلى الرباط و”تل أبيب” من أجل إرساء تعاون دائم في مجال حماية المعطيات الشخصية. (اقرأ: من أجل تغلغل الحركة الصهيونية في بنوك المعلومات المغربية، أي من أجل تعزيز الاختراق الصهيوني أمنياً وثقافياً).
عام حافل بالاتفاقات التطبيعية بين المغرب والكيان الصهيوني
يُذكر أنّ المغرب والكيان الصهيوني وقعا اتفاقاً للتنسيق في مجال الحرب الإلكترونية في الرباط في 15 تموز/يوليو 2021، كان قد أعلن عنه ديفيد غوفرين، رئيس البعثة الإسرائيلية في المغرب، على صفحته أيضاً. وقد تلا ذلك الاتفاق بشهرين، في أيلول/سبتمبر 2021، اتفاقٌ آخر لتصنيع طائرة “كاميكازي” المسيرة في المغرب، والتي تصنعها مجموعة صناعات الطيران الإسرائيلية، تمهيداً لتصديرها على نطاق واسع في أفريقيا.
وكان المغرب قد اشترى مجموعة من هذه المسيرات بعد أسابيع من توقيع الاتفاقية الإبراهيمية مع الكيان الصهيوني، لكن الأخير لا يكتفي بالتصدير إلى المغرب، بل يريد أن يحوله إلى موطئ قدمٍ للغزو الاقتصادي للمحيط العربي والأفريقي، كما أوضحنا في مقالة “التطبيع في نسخة “إبراهيمية” منقحة… تحقيق رؤية بيريز؟” (الميادين نت، 7/6/2022).
العلامة الفارقة في التطبيع المغربي، وكل تطبيع مدانٌ، جاءت في “مذكرة التفاهم الدفاعي” بين الرباط و”تل أبيب”، والتي وقِعت في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، من حيث كونها سابقة لأي دولة عربية مطبعة، إذ سافر إلى المغرب وزير الحرب الصهيوني، بيني غانتس، على رأس وفد من الضباط الصهاينة، بزيهم العسكري، لتوقيع اتفاق يشمل صادراتٍ عسكريةً إسرائيلية وتدريباتٍ مشتركةً وتنسيقاً عسكرياً يتجاوز المعهود أمنياً من قبل الاتفاقيات “الإبراهيمية” وما بعدها.
يُضاف إلى ذلك توقيع الاتحاد العام للمقاولات، وهي هيئة نقابية تمثل رجال الأعمال المغاربة، وهيئة المشغلين وأرباب الأعمال الإسرائيليين، اتفاقية شراكة استراتيجية بين القطاع الخاص في المغرب والكيان الصهيوني في 23 آذار/مارس 2021، كما جرى توقيع اتفاقية سياحية للترويج المشترك في 26 تموز/يوليو 2021، يفترض أن ترفع معدل الزوار الإسرائيليين إلى المغرب من 50 ألفاً إلى 200 ألفٍ سنوياً. كما وقّع اتفاق للنقل الجوي في 11 آب/أغسطس 2021، جرى تطويره وتوسيعه في آذار/مارس الفائت.
ولعل من أخطر الاتفاقيات التي جرى توقيعها بين الكيان الصهيوني والمغرب كانت اتفاقية الثقافة والرياضة في 11 آب/أغسطس 2021 أيضاً، وهي الاتفاقية التي جرى تطويرها وتوسيعها وتوقيعها بالاشتراك مع الإمارات والبحرين، تحت عنوان “الثقافة والرياضة من أجل السلام”، على هامش فعاليات “أكسبو دبي 2020″، وذلك في بداية شهر نيسان/أبريل الفائت. وكان المغرب قد أعلن منذ توقيع الاتفاقات “الإبراهيمية” إدراج “ثقافة اليهود وتاريخهم” في المناهج المدرسية، وهذا ما ينتظر كل الدول المطبعة: غسل أدمغة الطلاب تطبيعياً.
نحو موقف منهجي متماسك من كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني
ربما يبدو بعد هذا كله أنَّ مشاركة وفد من المحامين المغاربة في الآونة الأخيرة في المؤتمر السنوي لنقابة المحامين الإسرائيليين في “إيلات”/ أم الرشراش العربية المحتلة، أو إعادة افتتاح مقبرة مكناس اليهودية بإشراف ديفيد غوفرين، رئيس البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية في المغرب، أو ظهور يافطات بالعبرية على المحال التجارية في شوارع مدينة الصويرة، أو محاولة إجراء لقاء شعبي تطبيعي في مدينة دمنات، خلال أيار/ مايو الفائت، واجهها مقاومو التطبيع في المدينة بموقفٍ مبدئيٍ حازم، شؤونٌ صغيرة لا تستحق التوقف عندها.
ولكن استصغار شأن التطبيع الشعبي أو اليومي وتقبله كتحصيل حاصل هو هدف التطبيع الرسمي بالضبط، لأن معركة التطبيع لا تحسم صهيونياً على المستوى الرسمي، بل ينجح التطبيع بمقدار تعميمه شعبياً وثقافياً.
لذلك، من الضروري أن تجري مناهضة التطبيع على صعيد شعبي وثقافي يومياً، وفي كل موقع، لأن هذا هو ما نملك أن نفعله كمواطنين عرباً، وصولاً إلى اللحظة التي نتمكَّن فيها من أن نحشد القوى لإيقاف كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني بصورة نهائية.
كذلك، من البديهي أنَّ التطبيع لا يبرر التطبيع، كما أنَّ الخطأ لا يبرر الخطأ، والخيانة لا تبرر الخيانة. ولعلَّ من أسوأ أشكال مناهضة التطبيع الذي يضعه موضع تشكيك هو مناهضة التطبيع انتقائياً، بحيث يجير من قبل مطبعٍ ضد مطبعٍ آخر، أو تبرير التطبيع الصغير بالتطبيع الكبير، أو الجديد بالقديم، أو الشعبي بالرسمي، أو العلني بالسري، أو بالعكس… ومن الضروري، حفاظاً على مصداقية مناهضي التطبيع، أن يواجه كلّ شكل من أشكال التطبيع بالإدانة القاطعة كمسألة مبدأ.
لا يهمّ، إذاً، أنَّ “منتدى المغرب-إسرائيل” انعقد، أو أن اتفاقية التعاون بين وزير التعليم العالي والبحث العلمي المغربي ووزيرة العلوم والتكنولوجيا الإسرائيلية وقِعت، فيما كان وزير خارجية تركيا، مولود جاويش أوغلو، يضع إكليلاً من الزهور على قبر ثيودور هرتزل في فلسطين العربية المحتلة.
ولا يهم أنَّ سعد الدين العثماني، ممثل الحركة الإخوانية في المغرب، كان من وقع الاتفاق مع الكيان الصهيوني، في كانون الأول/ديسمبر 2020، بصفته رئيساً للوزراء. ولا يهم أنَّ التطبيع الرسمي المغربي كان قائماً بصورةٍ غير علنية (وليست كثيرة السرية)، قبل توقيع الاتفاقيات “الإبراهيمية”، وأنه كان سينتقل إلى مرحلة أعلى وأكثر تسارعاً مع توقيع العثماني أو من دونه.
المهم هو إبقاء استراتيجية مناهضة الصهينة ذاتها بعيدةً عن سوق المزايدات السياسية، وليس هناك أسخف ممن يرفض التطبيع وهو في المعارضة، فإذا بات في الحكم، أو شمّ رائحته من بعيد، كما حدث خلال فترة أوباما-هيلاري كلينتون، فيما يسمى “الربيع العربي”، استبدّ به جوعه للسلطة، وتراخت مفاصله، وابتلع كلماته كأنها أوثانٌ من تمر.
حول جعل العرب اليهود ذريعةً للتطبيع مع العدو الصهيوني
لا يجوز، بناءً على المقياس ذاته، التغاضي عن دخول الإسرائيليين بجوازات سفرهم إلى تونس لأداء “الحج” إلى كنيس “الغريبة” في جزيرة جربة التونسية، لأنهم كانوا يدخلون المغرب بجوازات سفرهم بالآلاف قبل توقيع الاتفاقات “الإبراهيمية”.
كما لا يجوز السكوت عن افتتاح متحف للتاريخ اليهودي في ولاية قفصة التونسية الشهر الفائت، بذريعة وجود متحف مماثل في الدار البيضاء كان الأول في الوطن العربي، ومتحف قفصة هو الثاني، بصرف النظر عن الموقف من الصراع السياسي بين حركة النهضة الإخوانية وقيس سعيد.
وقد كانت النهضة في الحكم أكثر تهاوناً في مسألة التطبيع، وهو أمرٌ مدانٌ في الحالتين. والحقيقة أنَّ الدور الذي يؤديه الوزير التونسي السابق ورئيس الجمعية التونسية اليهودية روني الطرابلسي يمثل مجسماً مصغراً للدور الذي يؤديه أندريه أزولاي في المغرب.
في هذا السياق، ثمة خلط حقيقي بين الموقف من العرب اليهود من جهة، والموقف من “إسرائيل” والتطبيع معها من جهةٍ أخرى. هناك من يسعى اليوم لتبرير التطبيع مع “إسرائيل”، بذريعة عدم اتخاذ موقف من العرب اليهود، وهناك من يعمل على تأسيس جاليات إسرائيلية مستحدثة، كما في دول الخليج العربي، بذريعة عدم اتخاذ موقف من اليهودية كديانة.
لكنْ مهلاً! يدور الحديث هنا فعلياً عن يهود على أرض فلسطين، أي عن محتلين غاصبين يحملون جنسية “دولة” الاحتلال، ويخدمون في “جيشها” ومؤسساتها، ويوالونها، ويشكلون احتياطياً لها في الخارج، كجزء من الحركة الصهيونية العالمية، تماماً مثل الكتلة اليهودية المنظمة سياسياً في الولايات المتحدة الأميركية والغرب عموماً، لا عن مواطنين عرب يتبعون اليهودية، ثم لو افترضنا جدلاً أن هؤلاء لا يحملون جنسية الكيان، ولم يخدموا في “جيشه” ومؤسساته، يبقى السؤال: أين يصبّ حراكهم السياسي؟ وما مآله؟ على سبيل المثال لا الحصر، هل يعمل أندريه أزولاي (أو روني الطرابلسي) لمصلحة الكيان الصهيوني أم المغرب (أو تونس)؟
وإذا ابتعدنا هنيهةً عما قد يعده البعض قضايا خلافية عند بحث العلاقة العضوية بين اليهودية والصهيونية، نقول أنْ لا مشكلة مع اليهودي خارج فلسطين من حيث المبدأ، لكننا نتحدث عن “جاليات إسرائيلية” هنا، تمثل رؤوس جسورٍ للكيان الصهيوني وللحركة الصهيونية العالمية، لا عن عرب يهوديي الديانة.
ولو اتخذنا المواطنة القومية مقياساً هنا، حتى بأشد المعايير علمانيةً، فإنَّ الحد الأدنى هو الموقف الصارم من التطبيع مع “إسرائيل” والحركة الصهيونية، بغض النظر عن الديانة أو الطائفة أو العرق أو العشيرة أو المنطقة أو الجهة.
ولو فكرنا في الموضوع من زاوية أمنية أو ثقافية، فإن شرط قطع العلاقة بالكيان الصهيوني نهائياً والتخلي عن جنسية الاحتلال هو مجرد بداية للحماية من الاختراق. أما العلاقة مع يهود إسرائيليين، فلا علاقة له باليهودية كديانة ولا باليهود العرب، حتى لو انحدروا من المغرب الكبير أو العراق أو اليمن.
هل “إسرائيل” جمعية خيرية لتوزيع التكنولوجيا المتقدمة مجاناً للعرب؟!
النقطة الأخرى التي لا بد من التوقف عندها هي ذلك الوهم الكبير الذي يجري ترويجه بأن الكيان الصهيوني هو جمعية خيرية هدفها الإنساني السامي هو توزيع التكنولوجيا المتقدمة، لا سيما العسكرية، مجاناً للدول العربية، وبالتالي إن “الشراكة” معه هي مدخل الازدهار الاقتصادي والتقدم التكنولوجي!
هل تعلّمنا شيئاً، يا ترى، من تساقط أوهام “سهم السلام” الاقتصادي، بعد عقودٍ على كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة؟ وإن لم نتعلم من تجربة المعاهدات، كيف يمكن لكيان إحلالي استيطاني عنصري أن يتحول إلى رافعة لتقدم المحيط العربي وازدهاره؟ هل نسينا أنه شكّل، منذ تأسيسه، مركباً كيميائياً يحفّز الحركات الانفصالية والمناهضة للعروبة من شمال العراق إلى لبنان إلى جنوب السودان إلى المغرب العربي الكبير (ابحث عن جمعية الصداقة الأمازيغية-الإسرائيلية ونشاطها في المغرب)؟ وهل نسينا الدعم الصهيوني للإرهاب التكفيري في سوريا وغيرها؟
بإمكان كل من يرغب أن يذهب إلى الموقع الرسمي لبنك “إسرائيل” المركزي ليجد على عملة 10 أغورا المعدنية خريطة تمتدّ من الفرات إلى النيل، وعليها ختم الشمعدان اليهودي. ربما لم تعد “إسرائيل” قادرة على اجتياح الفرات إلى النيل عسكرياً، إنما ما من شكٍ في أنها تسعى لاجتياحه، وأبعد، اقتصادياً وسياسياً وثقافياً، كما تعبر عن ذلك رؤية شمعون بيريز.
ويخطئ من يظن أنَّ المغرب ذاته بمنأى عن الأطماع الصهيونية. وكان هرتزل، بعد اقتراح تأسيس دولة يهودية في أوغندا، قد فكر في موقعٍ آخر لها في منطقة وادي الحصان في جنوب غرب المغرب، في 20 تموز/يوليو 1903، قبل شهر من انعقاد المؤتمر الصهيوني العالمي، لكن موت هرتزل المفاجئ في 3 تموز/يوليو 1904 أدى إلى أرشفة الخطة أو تجميدها. وما يزال المغرب العربي كله في مرمى الحركة الصهيونية، أسوةً بكل الوطن العربي من المحيط إلى الخليج.