افتتاحية: لماذا السيرورات الأربعة؟
لماذا السيرورات الأربعة؟
يعتبر النهج الديمقراطي العمالي أن السيرورات الأربعة التي يشتغل عليها تركز المهام الأساسية التي تفرضها المرحلة الحالية من نضال الشعب المغربي. فما هي طبيعة هذه المرحلة وما هي السيرورات الأربعة؟
تتمثل طبيعة المرحلة الحالية في انجاز مهام التحرر من هيمنة الامبريالية والكتلة الطبقية السائدة المكونة من ملاكي الأراضي الكبار والبرجوازية التبعية والمخزن. فما هي الطبقات التي تتضرر من الوضع القائم والتي في مصلحتها انجاز مهام التحرر الوطني؟
إن الطبقة العاملة تعاني من الاستغلال الرأسمالي المباشر وهي التي في مصلحتها، ليس انجاز مهام التحرر الوطني فحسب، بل القضاء على الرأسمالية. أما الفلاحون فيعانون من استيلاء ملاكي الأراضي الكبار على أجود الأراضي وعلى حصة الأسد من المياه ومن النهب الذي يتعرضون له من طرف الرأسمال التجاري الذي يستحود على منتوجهم بأبخس الأثمان والرأسمال التجاري والصناعي الذي يبيع لهم البذور والأسمدة والآلات بأثمان مرتفعة والبنوك التي تفرض عليهم نسب فائدة مرتفعة. ولذلك، فإنهم، موضوعيا، حلفاء الطبقة العاملة. وكادحو الأحياء الشعبية يقاسون من الهشاشة والتفقير وهم، موضوعيا، قوة ثورية. ويتعرض الجزء الأكبر من الطبقات الوسطى إلى التفقير والبلترة بسبب تطبيق السياسات اللبرالية المتوحشة (خوصصة التعليم والصحة التي تمتص جزءا معتبرا من مداخيلها وانتشار الهشاشة وسطها في القطاع الخاص وكمتعاقدين/ات في القطاع العمومي) واكتساح الرأسمالية لأنشطة اقتصادية كانت من نصيبها( تجارة التقسيط وعدد من الحرف والمهن الحرة…).
إن إنجاز مهام التحرر الوطني والبناء الديمقراطي يتطلب، إذن، تنظيم صفوف هذه الطبقات لخوض المعركة ضد أعدائها.
تجارب الشعوب تبين أن البرجوازية، في ظل تحول الرأسمالية إلى امبريالية، اصبحت عاجزة على انجاز مهام التحرر الوطني (نظام جمال عبد الناصر في مصر والأنظمة البعثية في العراق وسوريا وتجارب العديد من دول أمريكا اللاتينية) وأن هذه المهمة أصبحت منوطة بالطبقة العاملة وحلفائها الموثوقين (الفلاحون وكادحو الأحياء الشعبية). وعلى عكس ذلك، فإن الثورات التي ارتكزت إلى الطبقة العاملة والفلاحين، وقادتها أحزاب شيوعية ماركسية-لينينية( روسيا والصين والفيتنام) أو حركات ثورية يقودها مناضلون ينهلون من الماركسية (كوبا ونيكاركوا) استطاعت انجاز مهام التحرر الوطني والديمقراطي.
صحيح أن تغيرات كبرى وقعت في البنيات الاجتماعية في دول المحيط الرأسمالي، وضمنه المغرب، أدت إلى تراجع عدد الفلاحين ونزوحهم نحو المدن وتضخم كبير للكادحين فيها. ففي المغرب، انتقل عدد سكان البادية، من الاستقلال الشكلي في 1956 إلى الآن، من 90 في المئة إلى 45 في المئة، وذلك رغم النمو الديمغرافي الكبير الذي عرفته البلاد.
وبما أن الطبقة العاملة هي الطبقة الأكثر ثورية، في نمط الإنتاج الرأسمالي، والمنوط بها قيادة النضال من أجل إنجاز مهام المرحلة، فإن بناء أداة تحررها مسألة جوهرية: حزبها المستقل عن البرجوازية. ولذلك يعتبر حزب النهج الديمقراطي العمالي أن سيرورة بناء هذا الحزب هي السيرورة الأولى والمركزية والحاسمة.
إن التغيير الثوري يستوجب انخراط الملايين في النضال. وليكون هذا النضال واعيا وفعالا، يجب أن تتعلم الجماهير الشعبية تنظيم نفسها وبناء علاقات التضامن والوحدة بينها. لذلك يعطي حزبنا أهمية بالغة للمساهمة في بناء وتوحيد التنظيمات الذاتية المستقلة للجماهير الشعبية، وخاصة العمالية والكادحة. وهذه هي السيرورة الثانية.
إن الطبقات التي في مصلحتها التحرر الوطني والديمقراطية هي- كما أوضحنا أعلاه- الطبقة العاملة والفلاحين الكادحين وعموم الكادحين وجزء من الطبقات الوسطى، فلا بد من المساهمة في توحيد نضالها. ولذلك، نطرح المساهمة في بناء جبهة الطبقات الشعبية. وهذه هي السيرورة الثالثة.
إن بناء علاقات متينة مع القوى الماركسية في العالم لتطوير التضامن الأممي وتبادل التجارب مسألة هامة لتوفير الدعم لنضالات شعبنا ومفيدة لإغناء خطنا الفكري والسياسي والتنظيمي. وهذه هي السيرورة الرابعة.