افتتاحية: تزايد النزعة التدميرية للرأسمالية يؤكد تعمق أزماتها وانحطاطها الأخلاقي
تزايد النزعة التدميرية للرأسمالية
يؤكد تعمق أزماتها وانحطاطها الأخلاقي
كلمة العدد 536 من جريدة النهج الديمقراطي
يرتكب الكيان الصهيوني، وبدعم من الدول الإمبريالية الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، في حق الشعب الفلسطيني كل أنواع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية.
ورغم احتجاجات الشعوب في مختلف أرجاء المعمور ومطالبتها بإيقاف العدوان الصهيوني على غزة، لا يتورع جيش العدو المحتل عن استعمال الأسلحة المحرمة دوليا لتنفيذ إبادة جماعية وتطهير عرقي في حق الفلسطينيين وتدمير كامل للبيئة وعن قصف المدارس والمستشفيات والملاجئ ومقرات المنظمات الدولية ولا يجد حرجا في الإجهاز على حقوق الإنسان ومنع الماء والغذاء والدواء والكهرباء والغاز والبنزين على قطاع غزة والأبشع من ذلك أنه ينظم عمليات إعدام جماعية للمدنيين والتنكيل بالأحياء والأموات وقتل الأطفال والنساء والشيوخ والأطباء والصحفيين وموظفي وكالات المنظمات الإنسانية الدولية.
وينفذ الكيان الصهيوني جرائمه الهمجية بدعم مباشر من الدول الامبريالية الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ويمضي الكيان الصهيوني في تنفيذ عدوانه الهمجي رغم الاحتجاج العارم للشعوب واستنكارها لجرائمه ومطالبتها بايقاف عدوانه.
ورغم الجسر الجوي بين أمريكا والكيان الصهيوني لنقل الأسلحة وكل الدعم الذي يلقاه العدو من الدول الإمبريالية، فإنه لا يزال عاجزا عن تحقيق أهدافه المعلنة وعلى رأسها القضاء على المقاومة؛ بل تمكنت هذه الأخيرة من إنهاء أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وأصبحت قوات وعناد العدو صيدا يوميا للمقاومة بأعداد كبيرة تدفع جحافل العدو إلى التراجع عوض التقدم. وللتغطية على عجزه يقوم جيش الكيان الغاصب بعملية تقتيل جماعي للأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين وتجريف الأراضي وتخريب البنى التحتية (الطرق المدارس المستشفيات مقرات المنظمات الدولية محطات الكهرباء والماء). وأمام صمود وضربات المقاومة وحلفائها في المنطقة تبخر حلم جعل الكيان الصهيوني ملاذا أمنا للصهاينة. لقد انتهى زمن الحلول الاستسلامية والانهزامية لتترسخ القناعة بأن الخيار الوحيد لدخر الاحتلال هو خيار المقاومة.
وأمام الاصطفاف الكبير للدول الامبريالية ضد حقوق الشعب الفلسطيني وقيادة أمريكا للعدوان على قطاع غزة في مختلف الواجهات، تأكد بشكل جلي أن الكيان الصهيوني ليس ولن يكون دولة أصيلة، بل مجرد امتداد استعماري للغرب الامبريالي في المنطقة، وهو أداته لاضطهاد شعوبها ونهب خيراتها.
إن الجرائم التي يرتكبها العدو ضد الشعب الفلسطيني متحديا القانون الإنساني الدولي وكل ما راكمته الإنسانية في مجال حقوق الانسان، إنما يقوم بذلك باعتباره رأس حربة للإمبريالية الغربية وهذا تأكيد على تعمق أزمات الرأسمالية وانحطاطها الأخلاقي.
إن توالي أزمات الرأسمالية يوضح أنها ولكي تخرج من أزمتها، تخلق شروط ازمة أعمق؛ وهكذا تجد نفسها تغرق أكثر فأكثر وتنحط على المستوى الأخلاقي والقيمي من درك إلى درك أسفل منه، بتحميل فواتير ازمانها للشعوب المضطهدة وللطبقة العاملة في المركز. ومن أجل تجاوز هذه الأزمات لا تتردد الامبريالية في خوض الحروب والتضحية بالملايين من الناس لتركيع الشعوب ولعل الحروب الأخيرة حاضرة في أذهاننا الصومال، العراق، سوريا، افغانستان، مالی، فلسطين … وأول ملاحظة يمكن استخلاصها من هذه الحروب هي كونها تزداد بشاعة من حرب إلى أخرى مما يبين أن الرأسمالية تزداد انحطاطا على المستوى الأخلاقي. وجاءت أزمة كورونا وحرب أوكرانيا وعدوان الكيان الصهيوني على قطاع غزة لتأكيد هذا التوجه وليعري التوحش الرأسمالي وقطعه مع ما راكمته الإنسانية في مجال القيم ومجال حقوق الأنسان والقانون الانساني الدولي. فقد تابعنا باندهاش كيف تحولت الدول الامبريالية إلى قطع الطرق والاستيلاء على شحنات أدوية الدول أخرى، وكيف تركت بعض الدول تواجه مصيرها الأسود مع الفيروس وحدها. أما في قطاع غزة فقد وصل العدوان الصهيوني إلى مستوى غير مسبوق من الهمجية في التقتيل والإبادة الجماعية والتدمير الأهوج والتجويع والتهجير. إن نزعة القتل والتدمير من طبيعة الرأسمالية، وتزداد حدة مع تعمق أزماتها وتزايد حاجتها للمواد الخام وللأسواق ومن أجل ذلك تضحي الامبريالية بكل القيم وتجهز على حقوق الانسان والقانون الإنساني الدولي وتستبيح كل أشكال القتل والتدمير.
إن هذا الانحطاط الأخلاقي للرأسمالية ليس تعبيرا عن قوتها بل دليلا على ضعفها وعجزها عن تجاوز أزماتها دون خلق أزمات أخطر من سابقاتها؛ وهو أيضا تأكيد على قرب انهيارها ويفرض هذا التوحش الامبريالي الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني وفي مختلف مناطق العالم وتخاذل الأنظمة الرجعية في العالم العربي والمغاربي، تكثيف وتقوية وتصعيد المقاومة لمواجهته. وللنجاح في القيام بهذه المهام لا بد من تأسيس أدوات قيادة هذا النضال على الصعيد العالمي والمحلي ولعل من أهم هذه الأدوات الأحزاب العمالية محليا لقيادة الصراع الطبقي ضد البورجوازية وبناء جبهة عالمية لمواجهة الامبريالية وتخليص البشرية من شرورها ونزعتها العدوانية والتدميرية، وجبهة ماركسية للقضاء على الرأسمالية وبناء الاشتراكية. ومهما كانت قوة وجبروت الإمبريالية، فإن الطبقة العاملة قادرة على قيادة النضال لهزمها والانتقال إلى مجتمع خال من الاستغلال.