الحكومات العميلة في أمريكا اللاتينية لا تختلف عن مثيلاتها في مواجهة وباء الكورونا
في الوقت الذي تتحدّى فيه كوبا حالة الحصار المضروب عليها منذ ستين سنة، وتسرع لمدّ يد المساعدة الى عديد البلدان المنكوبة جرّاء جائحة فيروس كورونا، تجد عديد الحكومات العميلة في بلدان أمريكا اللاتينية نفسها عاجزة على تأمين حياة شعوبها أو حتى التخفيف من وطأة الجائحة، بسبب سياسات الارتهان الى الامبريالية المتّبعة منذ عقود. وقد أشارت صحيفة “إلى الأمام” اللسان المركزي للحزب الشيوعي الماركسي اللينيني بالإكوادور في افتتاحية عددها الصادر يوم 5 أفريل الجاري الى الحالة الكارثية للوضع الصحي في البلاد. فكتب المحرّر تحت عنوان “مقابر جماعية بدلا من المستشفيات” ما يلي:
“إن قدرة كوفيد ـ 19 على التدمير والقتل لا يمكن مواجهتها في واقع المجتمع الطبقي، فهذا من المسلّمات. إن وجود بعض رؤساء الحكومات والوزراء ورجال الأعمال وحتى بعض الأمراء من بين عشرات الآلاف من ضحاياها، لا يعني أن جميع المتضررين يتمتعون بظروف مماثلة لمواجهتها: فالانتماء الطبقي يحدّد مسافات التمايز.
إن المثال المؤلم الذي نعيشه اليوم، نحن الإكوادوريون، يأتينا من غواياكيل (أكبر مدن البلاد). فالمرضى الأكثر فقرا يجبرون على الحجر الصحي بدون أدوية في المنازل التي تشكو أصلا من الاكتظاظ، وحتى الوصول إلى مراكز الصحة العمومية يبدو مستحيلا. وبطبيعة الحال، فإنه لا يمكنهم التفكير في شراء الأدوية الضرورية، لقلة ذات اليد.
فبالنسبة لهؤلاء، فإن الحكومة لا تفكر في بناء المستشفيات، ولكن في حفر القبور الجماعية. إن معالجة هذا النوع من المشاكل ليس لها طابع تقني فحسب، بل لها خاصة طابع سياسي، طبقي. إن الأولوية بالنسبة للبرجوازية – وقد تمّ إثبات ذلك مجدّدا – ليست ضمان حياة الناس، بل حماية سلامة وزيادة رأس المال الخاص. إنهم لا يسعون فقط إلى تطبيق السياسات النيوليبرالية المعروفة، بل يحاولون أيضًا الاستفادة من الظروف للمضاربة على المنتجات الطبية قصد الترفيع في أسعارها. وفي وقت لاحق، فإن تلك البرجوازية نفسها التي تهرب اليوم من الناس، ستقدم نفسها متزعمة لـ “حملات تضامن” لغسل وجهها، حيث يأتي الجزء الأكبر من الموارد من مساهمات بسطاء المواطنين، الذين لن يستفيدوا في وقت لاحق، حتى من التخفيض في الضرائب
إن الحكومة لا تُظهر فقط عدم القدرة على التعامل مع الأزمة – كما هو الحال مع السلطات الاجتماعية المسيحية في الميناء الرئيسي (غواياكيل)– بل هي تصرّ على إبراز ارتباطها بمصالح أصحاب رأس المال الخاص والمحلي والأجنبي. إن قرارها بمواصلة سداد الديون الخارجية لا يمكن تفسيره خارج هذه السياسة، في الوقت الذي يبدو البلد في أمس الحاجة إلى الموارد الاقتصادية والمالية.
ولقد قامت منظمات مثل”الوحدة الشعبية” (Unidad Popular ) و”الجبهة الشعبية” Popular Front والجبهة الموحدة للعمال FUT و Conaie بصياغة مقترحات قابلة للتطبيق حتى تتمكن الدولة من الاعتماد الفوري على الموارد الاقتصادية التي تجعل من الممكن تجهيز المؤسسات الصحية والعناية بصحة وتغذية ملايين الإكوادوريين الذين يعيشون في ظروف من الفقر والفقر المدقع ، والذين يجدون أنفسهم مهددين بتضافر وباءين في آن: وباء COVID19 ووباء الرأسمالية.”
الحكومات العميلة في أمريكا اللاتينية لا تختلف عن مثيلاتها في مواجهة وباء الكورونا