المخزن غير قابل للإصلاح وأن التغيير سيكون من صنع الشعب
نظرا لأهية هذا المقال الذي صدر في جريدة النهج الديمقراطي (كلمة العدد 426)، نعيد نشره في موقع النهج الديمقراطي لتعميم الفائدة
المخزن غير قابل للإصلاح وأن التغيير سيكون من صنع الشعب
كشفت انتخابات 8 شتنبر 2021 وصول الديمقراطية المخزنية إلى الدرك الأسفل وخرقها السافر للإرادة الشعبية التي قاطعتها، بشكل عارم، والتحكم المطلق للجزء من الكتلة الطبقية السائدة المرتبط بالمافيا المخزنية في الحكومة وأكدت، بما لا يدع مجالا للشك، أن المخزن غير قابل للإصلاح وأن التغيير سيتم، بالأساس، من خارج الانتخابات والمؤسسات المنبثقة عنها وبواسطة النضال في الميدان.
لقد انخرطت قوى ومجموعات وشخصيات سياسية واجتماعية وثقافية متزايدة ومن مرجعيات ومواقع طبقية مختلفة في حملة المقاطعة، أساسا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة وبأشكال إبداعية جديدة معبرة بذلك عن استبطانها لمغزى المقاطعة الشعبية الواسعة والمستمرة منذ سنين كتعبير عن وعي متنام وسط الشعب بعبثية المهازل الانتخابية، بل كونها أداة لتأبيد هيمنة المخزن المفترس والاستغلال المكثف والريع والاحتكار الذي يمارسه الجزء المرتبط بالمافيا المخزنية وسط الكتلة الطبقية السائدة وطموح عميق لتغيير حقيقي لصالح الشعب المغربي.
ما العمل لتحويل هذه الكتلة الشعبية الهائلة المقاطعة إلى قوة منظمة وفاعلة وقادرة على تحويل هذا الطموح الشعبي إلى واقع مادي ملموس؟ وما هي مسئولية القوى والمجموعات والشخصيات التي دعت إلى المقاطعة في هذا المضمار؟
وبما أن من الواضح والذي تثبته تجارب الشعوب أن التغيير يتم، اساسا، بواسطة النضال في الميدان ومن خلال بناء أوسع جبهة شعبية، أليس من واجب المناضلين والمناضلات الذين راهنوا، عن حسن نية، على الانتخابات والمؤسسات للتغيير أن ينخرطوا، بقوة وحماس، في النضال في الميدان وبدون اشتراطات تؤدي إلى تقسيم صفوف الشعب؟
لا ندعي تقديم جواب مسبق على هذه التساؤلات لأنه يجب أن يكون حصيلة نقاش واسع يضم القوى المقاطعة للانتخابات والجزء من القوى المشاركة فيها الذي يعتبر أن الوسيلة الأساسية للتغيير هي النضال الجماهيري الشعبي في الميدان ولا يضع أية اشتراطات لإقصاء قوى شعبية مناضلة.
سنكتفي هنا بطرح خطوط عريضة لعلها تساهم في هذا النقاش الضروري والملح والمستعجل.
أولا، اعتبار أن المخزن، وأساسا نواته الصلبة المافيا المخزنية، هو العقبة أمام تحرر شعبنا وبناء ديمقراطية تضع السلطة في يد الشعب وبالتالي النضال من أجل التخلص منه.
ثانيا، فتح حوار عمومي واسع حول أي مغرب نريد: وهنا لا بد من نقاش القضايا المفصلية: الدستور المنشود، إعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية…
-ثالثا، اعتبار أن التغيير سيكون من صنع الشعب ومن خارج هذه المؤسسات. وهو ما يستوجب تنظيم وتوحيد صفوفه وتصعيد وتنويع وتوحيد نضالاته و، كخطوة هامة نحو هذا الهدف، اطلاق مبادرات نضالية وحدوية والانخراط في أية مبادرة نضالية أو، على الأقل، احتضانها مع احترام استقلاليتها وعدم الركوب عليها. يجب إعطاء أقصى الاهتمام للتنظيمات الذاتية للجماهير والانخراط فيها وتحصينها ضد الاختراقات المخزنية وضد سعي العديد من القوى الركوب عليها لتحقيق مصالحها الضيقة الخاصة. فهذه التنظيمات، إضافة لكونها تشكل القاعدة الشعبية المناضلة لجبهة الطبقات الشعبية، هي مدرسة للعمل الوحدوي النضالي ولأخذ المواطنين شئونهم بيدهم وقد تشكل جنين السلطة البديلة.
-رابعا، مواجهة، بكل حزم واستماتة، أية محاولة لشق وحدة الشعب وتسعير التناقضات الثانوية الموجودة وسطه ورفض الفيتوات والاشتراطات القبلية بين القوى المناضلة من أجل التغيير لصالح الشعب، أيا كانت مرجعيتها الفكرية وموقعها الطبقي وسط الشعب، شريطة أن تنبذ الارهاب والانقلابات وأن تكون مقتنعة بأن التغيير سيكون من صنع الشعب وليس من صنع نخبة أو زعيم ملهم، وأن تسلك طريق النضال الجماهيري، بمختلف أشكاله كأسلوب أساسي لفرض التغيير.