الاتفاقات الإبراهيمية: قراءة تاريخية
ندرج هنا المداخلة القيمة التي قدمها الرفيق وسام الفقعاوي لمؤتمر: الموجة الجديدة للتطبيع.. التداعيات واستراتيجيات المواجهة – المنظم من قبل مجلس العلاقات الخارجية/ فلسطين بالشراكة مع حملة المقاطعة ومناهضة التطبيع/ ماليزيا، المنعقد يوم الخميس بتاريخ 6 يونيو 2022، في نصها الكامل الامر الذي لم تتوفق فيه جريدة النهج الديمقراطي في عددها 463 نظرا لضيق الحيز ونعتذر من رفيقنا وسام.
ورقة بعنوان
الاتفاقات الإبراهيمية: قراءة تاريخية
● د. وسام الفقعاوي
أكاديمي ورئيس تحرير مجلة وبوابة الهدف
أبدأ مساهمتي بما قاله ترامب أثناء إعلانه ما سمي ببنود “صفقة القرن” بأنه: آن الأوان للعالم الإسلامي أن يصحح الخطأ الذي ارتكبه عام 1948 بمهاجمة إسرائيل، ولعل ما طرحه فتح أمامي سؤال: لماذا اختار هذا العام بالذات والذي هو عام إقامة إسرائيل ونكبة الشعب الفلسطيني بعد عملية التطهير العرقي التي تعرض لها في ذات العام وقبلها أيضا؟
وعليه، فإنه بمختلف القراءات والمعايير، كانت الاتفاقات الإبراهيمية التي جرت بين كل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب (ومن سيتبع بعدها)، وما خلقته وجسدته من وقائع راهنة؛ تمثل استهدافًا حادًا للوجود وللمسار الوطني والسياسي والحقوقي الفلسطيني وارتباطه بعمقه القومي العربي، بالتواصل والترابط مع ما سبقها من اتفاقات تسوية من كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة، ومن يرى إعادتها إلى اتفاقات الهدنة أثناء حرب/نكبة عام 1948 فله هذا، حيث لا يوازي حدث الهزيمة/النكبة من حيث ما ترتب عليها من وقائع مادية وسياسية مؤلمة ومستمرة في الزمان والمكان، من حيث الأهمية والتأسيس لما جرى باسم الاتفاقات الإبراهيمية أو مسار التسوية إجمالا، إلا ما حدث سنتي 1916 – 1917 أي (سايكس بيكو – وتصريح بلفور).
إن هذين الحدثين أقصد سايكس بيكو وتصريح بلفور يعدا نقطة تاريخية – تأسيسية؛ انطلاقًا من فكرة مركزية، ألا وهي الطبيعة التراكمية للأحداث، وأن الحصيلة التاريخية ليست إلا حصيلة تراكمية، وأن نتائج مرحلة ما تُقرر في أحشاء المرحلة التي سبقتها، وعليه هل يمكن أن نكتفي بتسمية ما يجري باتفاقات تطبيع فقط؟ أم هو في جوهره تعبير عن كشف طبيعة وبنية ودور ووظيفة نظام سايكس بيكو العربي في اللحظة التاريخية المحققة؟
ما تقدّم وربطًا بالواقع القائم، يعني أنّ سايكس بيكو، والنظام الذي أنشأه لم يصبح ضربًا من التاريخ، بعد مرحلة ما سُمّي “بالاستقلال” الوطني للدولة العربيّة، خلال خمسينيات وستينيات القرن المنصرم، فإلى جانب دور الحارس الذي أدّته الدول الاستعمارية – الإمبرياليّة لسايكس بيكو، باتت الكيانات العربيّة، هي من أشدّ حرّاسه أيضًا، إلى جانب الممارسة الواعية والمرسومة لتحفيز كلّ عناصر الانفصال والتمايز والنفور والنزوع القطري الضيّق.
لقد أريد مما تقدم؛ ضمان التبعيّة والإخضاع واستمرار الهيمنة ونهب الثروات، وهو ما أفضى ويفضي حكمًا إلى حجز أو حبس التطوّر وتشويهه، وهذه عمليّةٌ مستمرّةٌ لم تتوقّف يومًا. هنا كان أمام حرّاس الدولة القطريّة الذين ازدادت مصالحهم (الطبقات الكمبرادورية الحاكمة)، كي يحفظوا وجودهم،أن يبقوا أوفياء للحارس الخارجيّ لسايكس بيكو، ممثلًا بالولايات المتحدة الأمريكية والحركة الصهيونية والمنظومة الغربية الاستعمارية-الإمبريالية بالإجمال؛ يستمدّون منهم السند والعون وحماية سلطاتهم من التهديد الداخلي المطلوب مواجهته.
من المفيد لفت الانتباه إلى أن الحركةُ الصهيونيّةُ دخلت على خطّ (الدولة القُطريّة)، مبكرا وقد يكون من بداية تأسيسها، وترجمت ذلك على دفعاتٍ أخطرها، الاتّصالات السريّة التي أدّتها الوكالة اليهوديّة، مع مسؤولين ورجال دين ورؤساء وزراء وآخرين محسوبين على الحركات الوطنية في بلدانها، من: لبنان وسوريا ومصر والسودان والأردن والسعوديةوغيرها وتناولت ذلك عشرات الوثائق والمذكّرات والكتب منها:
دراسات ماري ولسون، مذكرات الياهو ساسون، ومذكرات الياهو إيلات (ابشتاين) (إسرائيل وجاراتها)، يوميّات أكرم زعيتر، ودراسة (المتاهة اللبنانيّة) لرؤوفين أرلخ، والطائفيّون العرب والحركة الصهيونيّة لـ بني مورس، وكذلك دراسة أمين مصطفى (الاتصالات السريّة العربيّة – الصهيونيّة) ومقالات للكاتب صقر أبو فخر، وغيرهم… بالتمعّن في المذكّرات والدراسات المذكورة، نجد أن الذين وصفوا برجال الاستقلال في غالبيّة البلدان العربيّة، كانوا قد التقوا ممثّلين عن الوكالة اليهوديّة في ظروفٍ كان المشروعُ الصهيونيُّ فيها واضح الملامح، وكانت موجات المقاومين والمتطوّعين في فلسطين والشرق العربيّ قد دخلت في اشتباكاتٍ مسلّحةٍ مع المستوطنين الأوائل ورجال الاستعمار البريطاني.
وفي استعراضٍ سريعٍ لأبرز رجال الاستقلال في الدول القطريّة العربيّة ولقاءاتٍ سابقةٍ جمعتهم مع الوكالة اليهوديّة، نجد ما يلي:
– من لبنان، لقاءات جمعت الوكالة اليهوديّة مع رئيس الجمهوريّة، بشارة الخوري، ورئيس حكومته، رياض الصلح، وقبلهما إميل اده وخير الدين الأحدب (رئيسان سابقان للدولة والحكومة)، والبطرك أطون بطرس عريضة وكميل شمعون.
– من سوريا، لقاءات جمعت الوكالة اليهوديّة مع قادة في الكتلة الوطنيّة في بلودان 1936، بينهم شكري القوتلي ولطفي الحفار ونسيب البكري ومحمود سليمان الأحمد ومجحم الشعلان، بل إنّ الياهو إيلات (ابشتاين) في كتابه (إسرائيل وجاراتها)، تحدّث عن لقاءاتٍ مع عبد الرحمن الشهبندر وزعماء (العائلات الارستقراطيّة) في دمشق وبيروت وطرابلس وبغداد والقاهرة.
– كما جاء في يوميّات أكرم زعيتر، أن بن غوريون التقى مع إحسان الجابري، والجابري من شخصيّات اليمين السوريّ المعروفة.
– كما تحدّث إيلات عن لقاءاتٍ مع نوري السعيد وجميل المدفعي وحسين الجميل وعلي الأيوبي في العراق، ومع وفدٍ من مصر شاركوا في افتتاح (الجامعة العبريّة)، بالإضافة إلى عشرات الرسائل مع الملك فاروق. مع رؤساء سابقين للحكومات في العهد الملكي مثل إسماعيل صدقي، وعلي ماهر.
– ولم تكن السودان وتيّار الاستقلال (عن مصر) بعيدة عن هذه المناخات، إذ نعرف أن (عبد الإله خليل) رئيس الحكومة الأسبق عن حزب الأمة التقى مع الوكالة أيضًا.
– وبالمثل، فإن عبد العزيز آل سعود أول ملك للسعودية في مرحلتها الثالثة التقى ممثلين للوكالة بعد اللقاء الشهير مع روزفلت على ظهر السفينة كوينسي 1945.
– أردنيًّا، وحسب ماري ولسون، فقد كانت لقاءات الأمير عبد الله مع الوكالة اليهوديّة، تتخطّى الإنجليز أنفسهم، فضلًا عن عشرات الكتب التي صدرت لاحقًا وطالت كلّ عهود المملكة، وتناولت أسماء، مثل: محمد الأنسي وبعض شيوخ العشائر.
– فلسطينيًّا، وقبل أوسلو يتحدّث أكرم زعيتر في يوميّاته، عن لقاءاتٍ جمعت بين بن غوريون وعوني عبد الهادي وموسى العلمي وأخرى جرت بعد سقوط الضفة الغربيّة مع رؤساء بلدياتٍ وزعاماتٍ محليّة، جمعت بين موشيه ساسون ووليد الشكعة وحمدي طاهر كنعان، وفي مكانٍ آخرَ مع محمد علي الجعبري. بعد ذلك، ارتبطت فكرة (أوسلو) بالاتّصالات واللقاءات المبكّرة مع الوكالة اليهوديّة، قبل أن تنتقل إلى (دولة العدو) وتعبيراتها (الرسميّة) ومرّت في محطّاتٍ عديدة، من عصام السرطاوي إلى سري نسيبه وخالد الحسن إلى إدوارد سعيد وإبراهيم أبو لغد، وصولًا إلى أوسلو.
– وإذا ما تركنا العنان لقراءةٍ موضوعيّةٍ لعرى العلاقة بين فلسطين ” عمقها العربي، سنجد أنّ فلسطين كانت في صفّ من كان في صفّها، وهو ما جعلها طرفًا في الصراع العربيّ – العربيّ، أي في صراع المشروع/الفكرة العربيّة ودعاة التغيير والوحدة مع النظام العربيّ، ومنتجات سايكس بيكو والمستفيدين منه، حيث سعى هؤلاء بالسبل كافةً إلى الفصل بين العمق القومي من ناحية، وبين فلسطين من ناحيةٍ أخرى، بحكم أنّ فلسطين تمثّل صدقيّة ما يمثله أي مشروع قومي جدي، وفي الوقت ذاته الكاشف لتبعية النظام العربي وخضوعه الذي يتحمل مسؤوليّةً كاملةً عن ضياع فلسطين ومصيرها في آن.- وعليه، تعدّدت السبل التي لجأ إليها النظام العربي لفصل القضيّة القوميّة عن قضيّة فلسطين في مسعى واضحٍ لمنع “لعنة” فلسطين من أن تستمرّ رافعة لعمليّة التغيير في المنطقة.
الاستنتاجُ المهمُّ هنا، هو أنّ الفلسطينيّ لا يمكن أن يتجاهلَ موقعه في سايكس بيكو الذي أُخذ لصالح “إسرائيل”، واستطرادًا فإنّ المزيد من سايكس بيكو، والذهاب إليه يعني؛ تكريسًا لغياب الفلسطيني حقًا ووجودًا، لهذا السبب، فإنّ الفلسطينيَّ لا يستطيع أن يكون كالعرب الآخرين، الذين قد يخسرون هويتهم ووجودهم القوميّ، لكن يبقى لهم وجودهم وهويّتهم القطريّة، مهما قيل حولها وحول ظروف نشأتها وتكوينها.
إذْ تسبّبت السياسةُ التي انتهجها الطرفُ الفلسطينيّ المهيمن ونزوعه للانفصال عن العرب وتوحّده مع أنظمتهم، ليس لضرب المفاهيم الأساسيّة: الوحدة والتحرير والاستقلال، ومن ثَمَّ إضعاف إدارة الصراع الجماعيّة المطلوبة، بل تحقيق أحد أهداف العدوّ في منع العرب مما يوحّدهم، حتى ولو كان الذهاب لعقد تسويةٍ مع إسرائيل!
في كل الأحوال لقد ثبت أنّ العدوّ الصهيونيّ، كان يخوض حربًا شاملةً ومركبة؛ إذ قامت استراتيجيّته على شنّ حروبٍ متعددة المرامي والأهداف والأشكال على جبهاتٍ مختلفة، والاستثمار بها سياسيًّا على الصعيد العربيّ والفلسطينيّ منه، وبما يحقّق أهدافه في التمدّد والسيطرة، واستمرار التفوّق والهيمنة، بما يعني استكمال أهداف المشروع الصهيونيّ، الذي لم يرَ ويتعامل مع كلّ المحطّات التي سبقت عام 1993، إلا بوصفها محطّاتٍ غيرَ مكتملةٍ وغيرَ نهائية، وما عام 93 – توقيع اتفاق أوسلو – سوى محطّة فاصلة في سياسةٍ دائمة.
– مما تقدّم يتّضح، أنّنا كنا طوال الوقت أمام حلقات استكمال لحربٍ سياسيّةٍ فعليّةٍ طويلة – من على قاعدة الاتّفاقات الموقّعة مع الفلسطينيّين – كانت أهدافُها اللاحقة، إن وفقًا لمنطق الأمور، أو كما دلّت التجربة الحسيّة المُعاشة – الانكباب على التطبيع – استكمال حلقات ضربَ العمق العربي، وتهيئة المقدمات المطلوبة لتصفية القضيّة الفلسطينيّة، وهذا ما يجب أن يكون واضحًا وبدقّة، إذا أردنا عدم تضييع الخطّ الرئيسي للصراع، ورؤية الاستراتيجية الشاملة من مباشرةٍ وغير مباشرة، التي لجأ إليها العدوّ الصهيونيّ وحلفاؤه.
ومما تقدم يتضح أيضًا، أنالمشروعِ الصهيونيّ امتلكُ ديناميكيّةٍ عاليةِ الفعاليّة؛ تعودُ أساسًا إلى ارتفاعِ مستوى المؤسّسةِ التي رعت وأدارت المشروع، سواءً أكانت نخبةً قياديّةً، أو نظامَ عملٍ وآليّاتٍ، أو رؤيةً، وقوّةَ دفعٍ أيديولوجيّ، وإلى خبرةٍ تاريخيّةٍ تأسَّسَ لها مع انعقادِ المؤتمرِ الصهيونيّ الأوّل قبل خمسينَ عامًا من إقامةِ “دولة العدو” التي تقرّرت فيه، وأيضًا إلى تحالفات دائمة واستراتيجية شكلت له حاضنًا وداعمًا وحاميًا.
فإذا كانت هذهِ هي الصورةُ للمشروع المعادي، حيث جمع بين ميزانِ قوًى مختلٍّ لصالحِهِ، وبين الخبرةِ التاريخيّة التي وضعته في مكانٍ متقدّمٍ في إدارة الصراع، ومؤسّسةٍ عاليةِ المستوى؛ فإنّ الصورةَ على الجانب الآخر؛ العربي – الفلسطيني، كانت مختلفةً كليًّا، سواءً من حيثُ المؤسسةُ أو الخبرةُ التاريخيّةُ، وما يرتبط بهما من عواملِ تحشيدِ القوّة الماديّة، إلّا ما امتلكه من المشروعيّةِ التاريخيّةِ والأخلاقيّة، بما لها من أهميّةٍ حاسمةٍ في تأسيسِ الصراعِ وإدامتِه، ولكنّها تبقى بحاجةٍ إلى العوامل التي تجعلُها تحقّقُ ذاتَها، وهذا ما افتقدته – وما تزالُ تفتقدُهُ حتّى يومِنا هذا – حيث استعضنا عن الرؤيةِ بالخطاب، وعن المؤسّسةِ بالرمز/القائد، وعن الآليّاتِ والبرنامجِ بالشعارات العامة.. وأيضا التناقض بين القول والفعل:
وهنا أضرب مثلًا من هذا المؤتمر الذي يعقد تحت عنوان مواجهة التطبيع، لكنه يستضيف الأستاذ عزيز هناوي وهو عضو في حزب العدالة والتنمية المغربي الذي وقع أمينه العام سعد الدين العثماني الاتفاقية الإبراهيمية مع العدو الصهيوني في 20 نوفمبر2020.. مع احترامي لشخصه (هناوي) وقد يكون له موقف آخر، لكن دون إدانة موقف أمينه العام وحزبه عن ذلك العار، فما جدوى الكلام؟
على كل لقد جاء وعد (صفقة) ترامب، بعد مئة عام على تصريح بلفور، ليؤكد أن اختلاق التاريخ، كان على الدوام يسير على قدم وساق تارة بالتهجير والتطهير والتهويد العملي والقانوني، وتارة أخرى باسم السلام الذي يجب أن يُعطي لعملية الاختلاق “أسسًا” تاريخية، تبدأ من اعتراف ضحية هذا الاختلاق بحق الجاني في الوجود على أرضها، بما يضفي عليه، ليس بعدًا سياسيًا وقانونيًا فحسب، بل “يغرسه” في التاريخ باسم “إبراهيم/أبراهام” هذه المرة، حيث يستوي التاريخ المُختلق على قاطرة أصحاب التاريخ الأصلانيين.
فبين بلفور وترامب ودولة سايكس بيكو “العربية”، يتكثف اختلاق التاريخ اليهودي، إذ دلت التجربة الحسية المُعاشة على أن دولة سايكس بيكو، مُلزمة بأن تَدفع ضريبة مزدوجة على مستويين؛ المستوى الأول: مادي هو حصيلة علاقة التبعية والإخضاع والنهب الإمبريالي المستمر، إذ تَدفع الدولة القطرية هذه الضريبة من ثروة ومقدرات شعوبها؛ كما هو حاصل بضخ مئات مليارات الدولارات في مركز النهب الإمبريالي الأمريكي الصهيوني، وكذلك بدفعها في الحروب البينية والعدوان ضد دول المنطقة، كما حصل مع مصر عبد الناصر والعراق، ويحصل مع سوريا واليمن وليبيا ولبنان والفلسطينيين في الحالتين، وصولًا إلى إيران.
أما المستوى الثاني: سياسي -تاريخي، وهذا متعدد الأوجه والأبعاد، ولكن أحد أبعاده الثابتة؛ الموقف من الصراع العربي – الصهيوني الذي ستُدفع ضريبته السياسية من وعلى حساب قضية فلسطين وشعبها من جانب، ومن جانب آخر تكريس (تطبيع) إسرائيل ليس كوجود فقط، بل كتاريخ أيضًا، وليس على حساب الرواية العربية التاريخية في فلسطين فحسب، بل والعربية ككل، وإلا لم تكن هذه الاتفاقات “إبراهيمية”.
أختم مداخلتي: بأنّنا بحاجةٍ – فعلًا – إلى قراءةٍ فكريّةٍ – منهجيّةٍ، تستند لمنهج تاريخي نقدي، تمكّننا من الخروج بما ينفعُ الحاضرَ والمستقبل، من خلال الاستفادةِ من الدروسِ الثمينةِ والكبيرةِ جدًّا، حتى للهزائم التي لحقت بها، فهي خيرُ كاشفٍ لمكامنِ النقصِ، والخللِ، والخطأ الذي كان سببًا فيها. لذلك نحن بحاجةٍ إلى قراءةٍ تفصيليّةٍ تفرزُ الصوابَ عن الخطأ، وتقرأ أحداثَ تاريخِنا وتجرِبتِنا برويّةٍ ورفقٍ وصدقٍ؛ منطلِقةً من مشروعيّةِ نضالنا الوطنيّ وأخلاقيّاته وعمقه القومي والإسلامي والأممي، والهدفِ الذي نسعى إلى تحقيقِه: هو التحرير والعودة والاستقلال والوحدة وليس إيجاد حلول تثبت أركان العدو فوق أرضنا وعلى حساب وجودنا.
التوثيق:
مقالات للكاتب نشرت في عدد من المجلات والمواقع الإلكترونية، وبالأخص: مجلة الهدف وبوابه الهدف الإلكترونية.
موفق محادين: رجال الاستقلال القطري والوكالة اليهودية، مجلة الهدف، العدد (38) رقميًا (1512) بالتسلسل العام، حزيران/يونيو 2022.